الجزائر ـ العرب اليوم
اندلعت احتجاجات ومظاهرات عارمة, في قواعد حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة " جبهة التحرير الجزائرية " ساعات قليلة عقب الإفراج عن القوائم الانتخابية التي سيخوض بها الحزب غمار الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها يوم 23 نوفمبر / تشرين الثاني المقبل, وأقدم بعض الغاضبين على حرق مقرات المحافظات بكل من ورقلة ومقار أخرى في مناطق متفرقة من البلاد.
ونشبت احتجاجات امتدت إلى غاية ساعات متأخرة من ليلية السبت إلى الأحد في كل من محافظة وهران التي شهدت حراك غير مسبوق في الأيام الماضية, حيث طالب مناضلو المحافظة من الأمين العام للحزب الحاكم جمال ولد عباس بإيفاد لجنة تحقيق إلى المنطقة بعد بروز مؤشرات تثبت هيمنة المال السياسي على القوائم الانتخابية, وطالب مناضلو الحزب من الأمين العام بفتح تحقيق مستعجل في عمل لجنة الترشيحات الولائية بسبب ترشيح منتخبين ورؤساء بلديات سابقين وبعضهم مسبوقين قضائيا في قضايا الفساد, وأيضا اندلعت احتجاجات بكل من سوق اهراس وسطيف وغرداية وورقلة وتيارت غرب البلاد.
وانتقد المحتجون " طريقة تسيير الحزب من طرف قيادته برئاسة ولد عباس, واتهموه بالخضوع لضغط لوبيات المال السياسي الفاسد.
وطالبوا, في بيانات متفرقة من وضع حد لتوغل أصحاب المصالح ورجال الأعمال وسيطرتهم على القوائم الانتخابية في وقت تم وضع حد لطموحات كوادر وإطارات الحزب وشبابه, وحمل المحتجون شعارات كتب عليها " نرفض بيع لوائح الترشحيات ورؤوس الأموال القوائم بالأموال على حساب أقدمية النضال السياسي بصفوف الحزب الحاكم ".
وتزامنت الاحتجاجات التي اندلعت في القواعد النضالية للحزب الذي يرأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, مع موجة من الاستقالات شهدها الحزب خلال الساعات الماضية.
وأقدم عضو في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الجزائرية, باديس بوالدين, على تجميد عضويته وإعلان استقالته من صفوف الحزب على خلفية قيام جهات مركزية بزرع تجار ورجال أعمال لا علاقة لهم بالنضال السياسي في صفوفه.
وتضمنت رسالة الاستقالة وردت " العرب اليوم " اتهاما مباشرا وصريحا وجهه بوالدين لأحد أعضاء المكتب السياسي بالتلاعب بالقوائم الانتخابية, وقال في رسالته إن مرشحي " الحزب العتيد هم من أصحاب المال وتجار معروفين خاضوا الانتخابات النيابية التي جرت بتاريخ 4 مايو / آيار الماضي تحت اسم حزب منافس.
وكشف بودالين, عن تجميد عضويته في اللجنة المركزية كإستنكار منه لما يدور في بيت حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, مشيرا إلى أن ما يحصل هو بمثابة " اختراق كبير في القانون الداخلي لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, وطالب من قيادة الحزب بفتح تحقيق مستعجل في القضية.
وتزامن الحراك الذي يشهده الحزب مع عودة الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الجزائرية إلى الواجهة, عمار سعداني, واعتبر مراقبون, أن عودته تعتبر تدخلا مباشرا لنجدة الحزب أياما قبيل موعد الانتخابات البلدية خاصة بعد أن فقد حزب الرئيس مكانته السياسية لصالح الغريم في الساحة " التجمع الوطني الديمقراطي " بزعامة رئيس الوزراء الجزائري حمد أويحي, وأظهرت التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية, تراجع مكتسبات ودور الحزب الحاكم, وذلك انطلاقًا من التعديل الحكومي الأخير الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, أنهى من خلاله مهام رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المجيد تبون الذي يعتبر من أبرز كوادر حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم, وتعيين الأمين العام لثاني قوة سياسية في البلاد, "التجمع الوطني الديمقراطي" أحمد أويحيى على رأس الحكومة الجزائرية, وصولا إلى نجاح أويحي في لم شمل أحزاب السلطة, وإذابة الخلافات الصامتة التي كانت قائمة بين قادة هذه التشكيلات, وأجمعوا على أن عودته تمثل رسالة تهدئة بعد الصراعات الداخلية التي نشبت بين أجنحة وكتل الحزب تأججت خلال الأشهر الماضية, وأيضا الصراع القائم حاليا بين الأمين العام للحزب جمال ولد عباس, وأعضاء في المكتب السياسي, حيث تحدثت مصادر قيادية لـ " العرب اليوم " عن وجود صراع خفي بين الطرفين, واتهم بعضهم بالتلاعب بالقوائم الانتخابية للانتخابات البلدية التي ستنظم يوم 23 نوفمبر / تشرين الثاني, بدليل حالة الغضب التي شهدها الحزب أثناء إعداد قوائم الترشيحات للانتخابات البلدية وهو نفس السيناريو الذي شهده عشية الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي, تفجرت حينها فضائح من العيار الثقيل, وهز الفساد أركانه بعد أن ترددت أنباء عن أن نجل الأمين العام جمال ولد عباس وقع تحت طائلة التحقيقات الأمنية في قضايا مالية على صلة بمرشحين للانتخابات.