جماجم مقاومين من فرنسا

أكدت الحكومة الجزائرية، مواصلة جهودها لاسترجاع جماجم قادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، المتواجدة في متحف الإنسان بالعاصمة الفرنسية باريس منذ أكثر من 150 عاما. وجاء هذا كرد منها على الاتهامات التي وجهت لها من قبل نواب في البرلمان الجزائري ومثقفون، وتفيد بأن السلطات لم تقدم طلبا رسميا لدى نظيرتها الفرنسية لاستلام جماجم المقاومين في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس.

وكشف وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني، الثلاثاء، بمناسبة الاحتفال بذكرى الثورة التحريرية الجزائرية، عن وجود اتصالات مع الجانب الفرنسي، لإعادة مفاوضات اللجان المشتركة بين الجانبين عن طريق وزارة الخارجية، والتي توقفت قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لإنهاء ملف جماجم المقاومين.

وأكد الطيب زيتوني، أن الحكومة الجزائرية مصرة على استعادة رؤوس المقاومين، قائلا إنه "مجرد تواجد هذه الجماجم في متحف الإنسان بباريس هو دليل على الجرائم التي اقترفها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين"، وقال "فرنسا قامت بعمل لا تقره القوانين ولا الأديان السماوية. قطعت أعناق المقاومين ونقلتها إلى باريس، ووضعتها في متحف. هذه جريمة في حد ذاتها".

وعادت قضية جماجم "المقاومين الجزائريين" المحفوظة في متحف الإنسان في باريس أخيرا إلى الواجهة, بعد مطالبة نواب في البرلمان الجزائري، محسوبين على التيار الإسلامي, السلطات الجزائرية باسترجاع جماجم الثوار الجزائريين الموجودة لدى السلطات الفرنسية.  وتعود هذه الرفات إلى جماجم أصلية للشهداء محمد لمجد بن عبد المالك المعروف بإسم شريف " بوبغلة" والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة (منطقة بسكرة في سنة 1849) وموسى الدرقاوي وسي مختار بن قديودر الطيطراوي وعيسى الحمادي، وكذا القالب الكامل لرأس محمد بن علال بن مبارك الضابط والذراع الأيمن للأمير عبد القادر.

وانتقد النائب بالبرلمان الجزائري المحسوب على التيار الإسلامي، لخضر بن خلاف، بشدة غياب أي مبادرة من السلطات الجزائرية للتكفل بإرجاع هذه الرفات منذ قرن من الزمن, مستدلا بتصريحات مدير المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس "ميشال غيرو" التي قال فيها منذ مدة إن إدارته مستعدة لدراسة أي طلب لتسلم جماجم الجزائريين المحفوظة بالمتحف، وأنه لا وجود لأي عائق قانوني لتسليمها وهو ينتظر فقط القرار السياسي الذي يصدر عن مسؤولي البلدين.

وكانت قناة " فرانس 24 "، قد نشرت تقريرا كشفت فيه عن وجود 18 ألف جمجمة محفوظة في متحف "الإنسان" في باريس؛ منها 500 فقط جرى التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ 19، ثم نقلت إلى العاصمة الفرنسية لدوافع سياسية وأنتروبولوجية.