شكلت الجماعة الإسلامية بمصر "لجان نظام" من عناصرها لـ"حفظ الأمن" في شوارع أسيوط (جنوب البلاد)، في خطوة يتوقع أن تثير ردود فعل غاضبة من جانب المعارضة ووزارة الداخلية. وأفادت مراسلة وكالة الأناضول للأنباء بأن عناصر الجماعة يتولون تنظيم حركة المرور بالشوارع منذ عدة أيام، مرتدين سترات خضراء كتب عليها "الجماعة الإسلامية بأسيوط" مصحوبة برقم لجنة النظام. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه الجماعة خطوتها "استباقية" تحسبًا لانسحاب الشرطة من الشوارع بعد اتساع رقعة الإضرابات بوزارة الداخلية لأسباب مختلفة، هاجمت قيادات الأمن بأسيوط الخطوة، معتبرة أنها "غير مقبولة". وتمثل أسيوط أحد أهم معاقل الجماعة الإسلامية في البلاد وشهدت نشأتها عام 79، كما شهدت المدينة نفسها مواجهات دموية بين عناصر الجماعة وقوات الأمن المصرية خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي انتهت في أغلب الأحيان بتصفية تلك العناصر أو اعتقالها سنوات طويلة. ودافع حمادة نصار، المتحدث الإعلامي باسم "الجماعة الإسلامية" بأسيوط، عن الخطوة، وقال، في تصريحات خاصة لمراسلة الأناضول، إنها "رسالة طمأنة للمواطن البسيط ورسالة الى الشرطة أيضًا، لا سيما في ظل المخاوف من اتساع رقعة إضرابات الضباط التي بدأت بقسم أول أسيوط وقسم شرطة الفتح وبعض المراكز الأخرى". وفيما قال نصار إن عمل اللجان الشعبية "يجرى بالتنسيق مع وزارة الداخلية"، مطالبًا الأخيرة بـ"تقنين وضع تلك اللجان"، انتقد اللواء أبو القاسم ضيف، مدير أمن أسيوط، الخطوة، معتبرًا أنها "مزايدات على جهاز الشرطة وهو أمر غير مقبول". وشدد على أن "الحالة الأمنية في المدينة تسير بشكل طبيعي ولا يوجد قصور". من جانبه، قال رضوان التوني، أمين حزب "البناء والتنمية" الذي أنشأته الجماعة الإسلامية بأسيوط، إن اللجان الشعبية "ليست بديلاً للشرطة ولن تحل محلها"، موضحًا أنها "ستعمل فقط في المكان الذي لن تتواجد فيه الشرطة". ورأى، في تصريحاته لمراسلة الأناضول، أن "مهمة اللجان الشعبية ستكون تنظيم المرور وحماية المنشآت والممتلكات العامة والخاصة وحتى أمن المواطن بغض النظر عن انتماءاته". وتمتد مهمة اللجان، بحسب التوني، لتشمل أيضًا "تأمين الكنائس وتأمين ضباط الشرطة أنفسهم في الأماكن التي يتعرضون فيها للتعدي من جانب البعض". وبشأن اعتراض القيادات الأمنية على تلك الخطوة، قال التوني: "الشرطة لا تملك رفض قيامنا بدورنا تجاه الوطن لأنه بحسب الدستور والقانون فإن كل إنسان مكفول له حماية وطنه"، على حد قوله. غير أنه عاد وقال: "تستطيع الشرطة الرفض إذا طلبت منها اللجان الشعبية مغادرة المكان لتحل محلهم، وهذا لن يحدث، لأننا سند وعون لهم ومعهم". ولفت التوني إلى أنها "ليست المرة الأولى التي تتولى فيها عناصر الجماعة القيام بمهام مماثلة"، منوهًا إلى أن "آخر تلك المهام كان قبل أسابيع قليلة عندما حاصر شباب معارضون مبنى مديرية الأمن لمدة أيام وطلبت منا القيادات الأمنية التدخل لإقناعهم بالابتعاد عن المديرية حقنًا للدماء، وهو ما نجحت فيه عناصر الجماعة". وفي محاولة لتقليل المخاوف من تشكل ما يشبه "الميليشيات" التابعة للجماعة، قال التوني إن "الاشتراك في اللجان الشعبية لا يقتصر على عناصرنا وحدهم، فقد وجهنا الدعوة لكل من يرغب في المشاركة بتسجيل اسمه في اللجان الشعبية دون النظر إلى انتمائه أو عقيدته". ونوه إلى أن "اللجان الشعبية ستضم عناصر نسائية خاصة، وأن هناك أماكن لا يصلح فيها سوى دخول النساء". واعتبر أن "اللجان الشعبية فرضها الواقع الذي نعيشه حيث تشمل مهامها مراقبة محطات الوقود للحيلولة دون تهريب السولار، وتوزيع الخبز والبوتاجاز، وضبط المخالفات لإبلاغ الجهات الأمنية بها". وبدأت فكرة "اللجان الشعبية" إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بعد انسحاب الشرطة المصرية من الشوارع والأقسام يوم 28 من الشهر ذاته والذي عرف بـ"جمعة الغضب"، حيث تولى المواطنون تأمين ممتلكاتهم بأنفسهم. وكانت عدة قوى إسلامية منها الجماعة الإسلامية وحركة "حازمون" المنتمية للمرشح الرئاسي المستبعد في مصر حازم صلاح أبوإسماعيل، قد دعت قبل أيام لتشكيل ما يسمى بـ "الشرطة الموازية" لفرض الأمن، بسبب ما وصفته بـ"تقصير" الشرطة، وهو الإجراء الذي قال وزير الداخلية المصري اللواء محمد إبراهيم، في مؤتمر صحفي عقده، الأحد الماضي، بمقر الوزارة وسط القاهرة إنه "لن يسمح" بحدوثه.