نواكشوط - محمد أعبيدي شريف
أقامت منظمة شباب حزب "تكتل القوى الديمقراطية" الموريتاني، الذي يتزعمه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، في العاصمة نواكشوط، ندوة حوارية تطرقت إلى ظاهرة الفساد في ظل الأنظمة المستبدة. وأكد رئيس المنظمة الشبابية لـ "التكتل" الشيخ سيد أحمد ولد حيدة عن دور الشباب في محاربة ظاهرة الفساد ومقارعة الأنظمة المستبدة، معتبرًا أن شباب "التكتل" يسير في خطوات متقدمة في هذا النهج على درب القادة المؤسسين للحزب، مضيفًا أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة ندوات حوارية، ستقيمها المنظمة خلال الأسابيع المقبلة، وستعالج مواضيع عدة. فيما أثنى الأمين الدائم لحزب "التكتل" الأستاذ محمد عبد الله ولد حيبلتي على المجهود الذي يقدمه شباب الحزب، خدمة لعملية التغيير، وأضاف قائلاً "إن هذه الندوة تأتي في سياق دقيق، تعيش فيه البلاد حالة من الانسداد السياسي، والفساد الاقتصادي، لم يسبق لها مثيل". وقدم الأمين الدائم للمنظمة الشبابية الأستاذ الحسن ولد محمود ورقة تمهيدية تحدثت عن ظاهرتي الفساد والاستبداد، والروابط الوثيقة بينهما، متناولاً هاتين الظاهرتين من مختلف الجوانب، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن جانبه، ألقى النائب البرلماني عن حزب "التكتل" محمد محمود ولد أمات محاضرة عن معاناة دول العالم الثالث من ثنائية الفساد والاستبداد، متحدثًا عن نشأة الدولة الموريتانية، التي كانت حسب تعبيره "مشروعًا طموحًا أسسه جيل شبابي متميز، لكن انقلاب 1978 كان بمثابة عملية انقضاض على ذلك المشروع، الذي ما زال يراوح مكانه منذ ذلك التاريخ". وعَرَّف ولد أمات الفساد على أنه ضد الإصلاح، ويتجسد في ما يعرف باستغلال السلطة العامة، لتحقيق مكاسب خاصة، وسَرَدَ بعض مظاهر الفساد، التي كان أبرزها "تحويل إيرادات الدول إلى الجيوب الخاصة، والاستيلاء على أملاك الدولة الثمينة، والرشوة، معتبرًا أن أخطر مظاهر الرشوة تلك التي يتلقاها الرئيس وقيادات النظام مقابل التنازل عن ثروات البلد وسيادته، بالإضافة إلى التلاعب بالقوانين والنظم لتكريس الفساد، والتهرب الضريبي، والفساد الانتخابي، الذي من شأنه إفساد القرار السياسي في البلد. ولخص ولد أمات الأسباب التي ينتج عنها الفساد في غياب الآليات الديمقراطية، وفصل السلطات، وانعدام منظومة قانونية تقف في وجه هذه الظاهرة، مقدمًا عرضًا عن نتائج الفساد على بنية الدولة الموريتانية، حيث اعتبره السبب الرئيسي في تأخر التنمية السياسية في البلد، وعدم الشفافية في القرار السياسي، وتصاعد وتيرة التفاوت بين الفقراء والأغنياء، وتدمير معاول البناء والتنمية، وتردي الأوضاع الصحية والتعليمية، وتقاعس الاستثمار الخارجي، لينتج عن ذلك مجتمعًا يُحمل الفقراء ما لا يطيقون من غلاء للمعيشة. كما عَرَفَ ولد أمات الاستبداد على أنه غرور المرء برأيه، وعدم قبوله بالنصيحة، الأمر الذي يتجسد في الحكم الذي لا يوجد قانون يحكم علاقته مع الجماهير. وخَلُّصَ النائب ولد أمات إلى أن الفساد والاستبداد وجهان لعملة واحدة، وأن الاستبداد هو الفساد الأكبر، لأنه الاستئثار بأكبر مورد من موارد الأمة وهو السلطة، معتبرًا أن المستبد لا يمكن أن يحارب الفساد، ولا يمكنه أن يستمر إلا في وجوده. واعتبر الناشط الشاب عبد الرحمن ولد ودادي أن "الديمقراطية كتلة متكاملة، والشفافية والنزاهة أحد أهم جوانبها"، مضيفا أن "اللعب بالمال العام يفرغ الديمقراطية من محتواها، وهذا ما أكدته انتخابات 2007، حين أُهدرت أموال شركة الكهرباء في الحملة الانتخابية، حيث حُمِّلت ديونًا بلغت 16 مليار أوقية، لصالح مرشح العسكر سيد ولد الشيخ عبد الله". وقدم ولد ودادي أمثلة عدة لمظاهر الفساد في البلاد، حيث قدم شركة "سونمكس" كنموذج، متحدثًا عن النهب الممنهج الذي تعرضت له من قبل محمد ولد عبد العزيز.