رأى عضو كتلة نواب حزب "الكتائب اللبنانية"  وعضو اللجنة النيابية التي تناقش قانون الانتخاب الجديد النائب سامي الجميّل إن النقاش الدائر في البلاد هو نقاش صحي وخطوة أولى لتطوير البلاد، إذ أننا نعيش منذ أكثر من خمسين أو ستين سنة في حالة تكاذب، من دون محاولة لإيجاد حلول وكل فريق يحاول أن يستقوي على الآخر، ولديه مشروع سلطة بعيد عن مشروع بناء الدولة والوطن. واعتبر أنه في كل مرحلة نعيش حروبًا وأزمات كبيرة ندفع فيها دماء وشهداء ثمنًا لهذه الصراعات، "ولذلك أنا مسرور اليوم لأنها المرة الأولى التي يطرح فيها اللبنانيون أسئلة صحيحة بشأن كيفية تمثيلهم، وهل النظام الطائفي هو الحل أم النظام العلماني؟، وهل اللامركزية هي الحل أم مجلس الشيوخ؟، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأفكار التي يجب أن يرتكز عليها هذا النقاش لكي نستطيع أن ننقل بلادنا من مكان إلى مكان آخر".  ولفت الجميّل في مؤتمر صحافي عقده في بكفيا إلى أن النقاش الدائر بشأن قانون الانتخابات لا يلغي النقاش الآخر الذي له علاقة بالسلاح وسيادة لبنان، "ونؤكد هنا اننا متمسكون بحلفنا مع كل القوى السيادية في البلاد من أجل تحقيق سيادة لبنان الكاملة ولكي يكون لبنان خاليًا من جميع أنواع السلاح، وللانتهاء من كل المظاهر غير الصحية الموجودة على الأراضي اللبنانية من سلاح غير شرعي، وتصرفات خارجة عن القانون وأفراد خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية وعن الأجهزة القضائية والأمنية"، مشددًا على الاستمرار في النضال مع الحلفاء لتحقيق السيادة الكاملة، مضيفًا " هذا الموضوع لا مساومة عليه خصوصًا وأننا دفعنا ثمنه غاليًا جداً، ولسنا مستعدين للتخلي عن هذه الأفكار وعن هذه القناعات، وانطلاقًا من هنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن النقاش الدائر اليوم مهم ولا يلغي النقاش الآخر ولكن يجب ألَّا نهرب من النقاش". وقال الجميّل: كلامي موجَّه إلى جميع اللبنانيين من دون استثناء وخصوصًا إلى الأفرقاء المسلمين وإلى كل العلمانيين الذين يتهموننا بأننا لم نعد علمانيين، ولكي ننقل النقاش السياسي من الشعارات إلى مضمون واقعي أكثر". وتابع: "لبنان يُبنى بتحقيق ثلاثة أهداف: استقرار الفرد والإنسان اللبناني، واستقرار المجموعات المكوّنة للمجتمع اللبناني، وبناء دولة حضارية متطورة، هذه الطبقات الثلاث حيث يجب أن يكون الفرد محميّا وأن نحافظ على حريته ونؤمّن له كل مستلزمات الحياة، من ضمان صحي وضمان شيخوخة، وحرية وحقوق انسان، وحقوق الانتماء إلى طائفة أو عدم الانتماء إلى طائفة، وأن يكون محترمًا ولا يستجدي حقوقه من الدولة وما يسمى بالوسطاء عليه، إذ أنَّه وللأسف أصبح المواطن اللبناني يتسكع أمام الأبواب للحصول على حقوقه الدنيا ومنها حقوق الدخول الى المستشفى والمدرسة، وبالتالي الهدف الأساسي أو الشرط الأول لبناء الدولة هو أن يكون الإنسان اللبناني محترمًا كفرد  وأن يتمتع بكامل حقوقه وأن يعيش حياة كريمة. أما في ما يتعلق بالمجموعات التاريخية فقال الجميّل: يحكى عن الطائفية والطوائف وقد أثار هذا الموضوع ضجة كبيرة، فيهمنا هنا أن نوضح بعض الأمور الأساسية ولا سيما أن الشعب اللبناني مكون من 18 طائفة في لبنان، لجأت إلى الأرض اللبنانية عبر التاريخ لتحمي نفسها"، مشيراً إلى أن هذه المجموعات التي تكوّن المجتمع اللبناني هي أكثر من طوائف وأكثر من مجموعات لديها طقوس دينية بل هي مجموعات منفية لجأت الى لبنان للحماية ولو لم يكن هناك لبنان لكانت هذه المجموعات التغت ولم يكن أحد قد انتبه إليها، مضيفًا: لبنان يتميز بانه استقبل كل هذه المجموعات وقد تكوّن المجتمع اللبناني منها من هنا فان الطائفة الارمنية ليست طقساً دينياً بل مجموعة  تاريخية، لديها تاريخ طويل من النضال، والأمر نفسه ينطبق على الطائفة الدرزية، وبالتالي عندما نتحدث عن طوائف لا نتحدث عن دين" وأضاف الجميّل: "إذا ذهبنا إلى انتخابات عددية مع إلغاء الطائفية السياسية أو حصة هذه المجموعات من المقاعد النيابية، ستكون أول نتيجة مباشرة لهذه الانتخابات هي إلغاء الطوائف الصغرى في المجلس النيابي ومؤسسات الدولة من أرمن إلى أنجيليين وعلويين، واذا عملنا على صياغة كتاب تاريخ  على سبيل المثال فان هذه المجموعات لن يُذكر بأنها شاركت في بناء الدولة، وبالتالي فاننا نكون قد ألغينا جزءًا من ثقافة لبنان والقيمة المضافة التي صنعت الهوية اللبنانية، وفي مرحلة ثانية يأتي دور الطوائف الأكبر كالدروز والكاثوليك لنصل بعدها إلى ثنائية أو ثلاثية لتنتهي الأمور بحرب أهلية، مشددًا على أن الوقت حان لبناء علاقة مبنية على الاعتراف بالآخر والاعتراف بالاختلاف معه واحترام هذا الاختلاف بدل البقاء في حالة صراع طوائف، وبالتالي يجب علينا ألاّ نلغي أحدًا حتى العلماني أو المواطن الذي لا يعتبر نفسه منتميًا إلى هذه المجموعات التاريخية. وتابع: "انطلاقاً من هنا نصل إلى الطابق الثالث أي الدولة اللبنانية التي نريدها قوية ومدنية تفصل بين الدين والدولة وتكون قوانينها مدنية ناتجة عن إرادة الشعب اللبناني إضافة إلى ضرورة أن تكون دولة متطورة على المستويات كافة، فيها وزارة تخطيط لبناء بلد للسنوات المقبلة، وتعمل على حماية الانسان والتعددية المجتمعية، وإذا أردنا فعلًا بناء هذه الدولة التي نحلم فيها فإن المدخل الأساسي لذلك أو المفتاح هو المجلس النيابي الذي يجب أن يكون ممثلًا لحقيقة المجتمع اللبناني وأن يكون كل لبنان ممثلًا فيه وأن يكون قادرًا على طرح الإصلاحات الحقيقية التي تسمح للدولة اللبنانية بأن تتطور وأن تُحقق الأهداف المطلوبة، وأن يكون كذلك قادرًا على اتخاذ قرارات جذرية ومهمة تسمح بقلب لبنان من الحالة التي نعيشها إلى لبنان آخر مختلف تمامًا عن لبنان الذي نعيش فيه اليوم. وأشار إلى أننا "اصطدمنا بواقع أن كل مجموعة لها هواجسها وكل فريق له مشكلة في قانون الانتخابات، فهاجس تيار المستقبل هو النسبية لأنه يعتبر أن حظوظ "حزب الله" أكبر من حظوظه عبر النسبية ولا مساواة في الحظوظ لأن تيار المستقبل في المناطق الموجود فيها يتمتع بتعددية سياسية يمكن لأي كان أن يترشح وان يأخذ حجمه، في حين أن هذا الأمر غير متوفر في المناطق التي يتمتع فيها حزب الله بنفوذ سياسي، أما هاجس "حزب الله" فهو عكس هاجس تيار المستقبل تمامًا فهو يريد أن يكون القانون مبنيًا على النسبية لكي يكسر الأحادية السُنية عند تيار المستقبل." وتابع "أمَّا الهاجس لدى الحزب الاشتراكي ومن ورائه الطائفة الدرزية فهو هاجس الوجود وإمكانية أن يكون لديه كتلة كبيرة تؤثر في البلاد، في حين أن هاجس المسيحيين هو تأمين المناصفة من خلال اي قانون اكان اكثريا ام نسبيا، وبالتالي فاننا أمام كل هذه الهواجس نبحث عن قواسم مشتركة ونسعى إلى الوصول إلى حل وسط وإلى قانون يرضي الجميع، خصوصًا وأننا عشنا في فترة كانت تفرض علينا قوانين الانتخابات، ولذلك نحن منفتحون بهدف الوصول إلى قانون يحقق الاجماع، ولسنا متمسكين بقانون محدد، ولكن شرط أن يؤمن هذا القانون المناصفة، لذلك ندعو الجميع الى اقتراح قوانين تؤمن التمثيل الصحيح والمناصفة الحقيقية." ولفت الجميّل إلى أنَّه انطلاقاً من النقاش الذي جرى في البلاد والذي أظهر الخلل الموجود في تركيبة النظام، يجب أن ننكب فور الانتهاء من القانون الانتخابي وانتخاب مجلس نيابي جديد إلى ورشة في العمق لتطوير النظام السياسي في البلاد وأن نعمل على إنشاء مجلس الشيوخ لتحرير المجلس النيابي  من الطائفية والمحاصصة ووطأة الحسوبيات، على أن ننتقل بعدها إلى موضوع اللامركزية الإدارية لتحرير المواطن من وطأة الواسطة والطوائف والزعماء والأحزاب فتصبح علاقته مباشرة بالدولة اللبنانية من خلال مجالس انتخابية ومحلية منتخبة من داخل منطقته، إضافة الى ضرورة اقرار حياد لبنان لعدم الوقوع في المشاكل التي وقعنا فيها في الأزمة السورية، وهذه خطوة أساسية لكي لا يبقى اللبنانيون متأثرين بكل ما يجري من حولهم، إلى جانب تطوير النظام السياسي في كثير من الأماكن وتحسين الصلاحيات كي لا تبقى صلاحيات رئيس الجمهورية متضاربة مع صلاحيات رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء، حتى نتفادى التعطيل، لأن النظام السوري أنتج لنا النظام الحالي كي يبقى بلدنا معطلاً، وبالتالي يجب إعادة النظر فيه. وختم بالقول: رسالتي موجهة لمن يحب لبنان، وكل نائب يجب أن يخضع للامتحان الديمقراطي لا أن يأتي بواسطة المحادل والبوسطات حتى نتمكن من تطوير المجلس النيابي.