الخرطوم - عبد القيوم عاشميق
اختتم خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان ماشود بدرين زيارته إلى السودان، وقدم في مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم الأحد، ملاحظاته الأولية التي تسبق تقريره الختامي، الذي سيقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في أيلوول/سبتمبرالمقبل، والتي شدد من خلالها على ضرورة أن يضع جهاز الأمن والمخابرات السوداني اعتبارات حقوق الإنسان في الحسبان، عند تنفيذ مهامه. وأشار بدرين إلى أن ملاحظته الأولية هي أنه قد تم إحراز تقدم ملحوظ بشأن ترقية وصون حقوق الإنسان من قبل حكومة السودان، إلا أن هنالك تحديات جسام يتعيّن مخاطبتها، من بينها وفاء الحكومة السودانية بالتزاماتها المالية تجاه المفوضية القومية لحقوق الإنسان، لترقية وحماية حقوق الانسان في السودان، حيث تتلقى المفوضية في الوقت الجاري الأموال من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأشار كذلك إلى أنه التقى مع المدعي العام للمحكمة الخاصة بجرائم دارفور، الذي عينته الحكومة السودانية أخيرًا، قائلاً "علمت منه أنه يتابع الجرائم المرتكبة في دارفور، غير أنني أشير بقلقٍ إلى أن الجرائم المرتبطة بالصراع في دارفور تجري في الوقت الجاري محاكمتها أمام المحاكم العادية، وأن الموظفين المعنيين بحقوق الإنسان قد حُرِموا من الوصول إلى هذه المحاكمات، لذا، لابد أن تعمل الحكومة على ضمان تفعيل المحاكم الخاصة بالجرائم المرتكبة في دارفور، وفق ما نصّت عليه وثيقة الدوحة للسلام، ومنح المراقبين الوطنيين والدوليين الوصول دون عوائق إلى المحاكامات الجارية". وأضاف "من الواضح أن الحكومة السودانية، ومن خلال جهازالأمن والمخابرات، قد ضيّقت الخناق على بعض منظمات المجتمع المدني، ومنعتها من تقديم شكوى إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الخرطوم، وهذا المنع يمثل عائقًا واضحًا يعترض عمل اللجنة، لذا ناشدت الحكومة بالكف عن مثل هذه الأعمال، والسماح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل بحرية، واحترام الحق في حرية التجمع وحرية التعبير وحرية الصحافة، وأيضًا خلق بيئة مواتية، وفتح خطاب سياسي بشأن العملية الدستورية الحالية. كما عبر الخبير المستقل عن قلقه بشأن اعتقال واحتجاز جهاز الأمن السوداني لرموزالمعارضة السياسية، وغيرهم من الأفراد، قائلاً "أُبلغت بأن بعض المعتقلين يعانون من مشاكل صحية، و يحتاجون إلى عناية طبية عاجلة، وقد ناشدت الحكومة إطلاق سراحهم فورًا، أو توجيه التهم إليهم وتقديمهم للمحاكمة، ولابد لي أن أؤكد بأن معظم أصحاب المصلحة الذين التقيتهم خلال هذه الزيارة قد أثاروا الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وقد ناشدت الحكومة لاتخاذ هذه المسألة على محمل الجد، وكمؤسسة من مؤسسات الدولة، على جهازالأمن والمخابرات الوطني أن يضع اعتبارات حقوق الإنسان في الحسبان عند تنفيذ مهامه. وبشأن الوضع في دارفور، أكد بدرين في المؤتمر الصحافي أن ملاحظته استندت على إحاطات الـ"يوناميد" وأصحاب المصلحة الآخرين، قائلاً "على الرغم من أنه لا يزال الوضع الأمني وحقوق الإنسان في حاجة ماسة إلى تحسن، فإن هناك بعض التحسن النسبي عبر السنين، نتيجة للعمل الجيد الذي قامت به اليوناميد ووكالات الأمم المتحدة الأخرى العاملة بالتعاون مع حكومة الولاية، كما أشار تقرير الأمين العام بشأن اليوناميد الذي صدر في يناير عام 2013 إلى أن هناك تراجع نسبي في عدد الانتهاكات الموثقة لحقوق الإنسان، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تحسين وضع حقوق الإنسان، لاسيما في شمال وجنوب ووسط دارفور، في ضوء الحوادث المسلحة في تلك المناطق". وأضاف بدرين "في شمال دارفور، فقد آثرت قضية انعدام الأمن ووصول المساعدات الإنسانية على التمتع بحقوق الإنسان، وقد أدت الاشتباكات القبلية في جبل عامر وبعض المناطق الأخرى مثل كتم وأبودليق وسرف عمرة وكبكابية إلى سقوط المدنيين وتشريدهم، وقد أتاحت لي زيارتي إلى معسكر أبوشوك للنازحين في شمال دارفور الفرصة للتحدث مع قادة المجتمع المحلي، وممثلات المرأة، وشرحو إليّ احتياجاتهم، وأعربوا عن أملهم في العودة إلى مواطنهم الأصلية". وتابع بدرين قائلاً "إن مبادرة الحكومة للحد من انتشارالأسلحة والعنف في إقليم دارفور من خلال تسجيل ووسم الأسلحة، هي مبادرة جديرة بالثناء، و يجب تنفيذها بكل المثابرة، وهنالك قضايا أخرى في دارفور استرعت اهتمامي، تشمل سلامة النازحين العائدين، وحماية المدنيين في مناطق الصراع، والإفلات من العقاب، كما أن حماية حقوق المرأة والطفل هي أيضًا من القضايا ذات الاهتمام، وقد أعرب رئيس السلطة القضائية في ولاية شمال دارفورعن قلقه إزاء آثار الحرب على الأطفال، وأكد على الحاجة إلى تحسين قضاء الأحداث". تجدر الإشارة إلى أن البروفيسور ماشود بادرين الذي يعمل حاليًا أستاذًا للقانون في سواس، جامعة لندن، قد تم تعينه من قبل مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، خبيرًا مستقلاً للأمم المتحدة لوضع حقوق الإنسان في السودان، في أذار/مارس 2012، وكانت زيارته إلى السودان قد بدأت الأسبوع الماضي، وانتهت الأحد، و ينتظر أن يعقبها رفع تقرير ختامي عن حالة حقوق الإنسان لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.