دعا رئيس إقليم شمال العراق، اليوم الخميس، مسعود برزاني، الحكومة العراقية الحالية إلى تحمل "المسؤولية القانونية" عن الانتهاكات التي مارسها نظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين، ومنها قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية. وقال برزاني في كلمة ألقاها بالمؤتمر الدولي حول تعريف الإبادة الجماعية للأكراد، المنعقد بمدينة أربيل في شمال العراق "على الحكومة العراقية الحالية تحمل المسؤولية القانونية عن الجرائم التي نفذتها الحكومة السابقة في ظل نظام صدام حسين..إنها جرائم كبيرة جدا وخلفت جروحا عميقة". وأضاف: "حتى الشركات بانحاء العالم التي زودت نظام صدام بالأسلحة الكيمياوية التي قتلت في لحظات خمسة آلاف تتحمل المسؤولية". ويأتي انعقاد المؤتمر في ذكرى مرور 25 عاما على عمليات اعتقال وقتل واسعة تعرض لها سكان أكراد بمدن عدة في شمال العراق، أبرزها ما وقع في مدينة حلبجة بمحافظة السليمانية في مارس/آذار 1988 من هجمات بالقنابل بالغازات السامة التي أودت بحياة 5 آلاف من السكان، بحسب إحصاءات كردية وحقوقية. وقال برزاني في كلمته، إن "عمليات إبادة الأكراد بدأت قبل ذلك الوقت، وابتداء من عام 1975، حيث هجر الآلاف من السكان عن قراهم، وبعد سنوات اعتقلت الحكومة العراقية 12 ألفا من الأكراد، ثم في عام 1983 اعتقلت 8 آلاف من البرزانيين، وفي عام 1988 وصلت عمليات الإبادة ذروتها بتنفيذ حملات الأنفال التي أسفرت عن اعتقال وقتل نحو 182 ألف كردي". وأضاف أنه بعد الإطاحة بنظام صدام حسين "لم تتمكن سلطات إقليم كردستان (إقليم شمال العراق) من العثور سوى على رفات نحو 3 آلاف، وسنظل نبحث عن رفات الباقين". وطالب القيادي البارز في شمال العراق بـ"الحرية" للأكراد في مناطقهم الشمالية، وأن يكونوا أصحاب قرار "بعد كل التضحيات" التي قدموها. وعن الشأن العراقي العام، والذي يشهد أزمة سياسية في ظل الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ أكثر من شهرين ضد حكومة نوري المالكي، قال برزاني: "إن العراق يمر بأزمة حقيقية.. والسبب الرئيسي لذلك هو عدم الالتزام بالدستور، وتجاوز الأزمة يكون عبر الالتزام بالدستور وتطبيق اتفاق أربيل الموقع عام 2010". ويتضمن اتفاق أربيل بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم شمال العراق، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، إخضاع الأجهزة الأمنية للمحاسبة في مجلس النواب (البرلمان)، والإسراع بوضع قانون للسلطة القضائية، والقيام بإصلاحات سياسية في العملية الانتخابية وآلية التصويت على القرارات المصيرية. وتلى القنصل التركي في أربيل، إيدن سلجن، رسالة وجهها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، للمؤتمر، اعتبر فيها قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية "جرحا في الضمير الإنساني". وأشار إلى أن تركيا "ستبقى دائما مع المظلومين، وكما فتحت أبوابها في السابق للأكراد العراقيين تفتح أبوابها الآن للسوريين". وجاء في الرسالة كذلك أن "تركيا ستستمر بالعمل من أجل عدم وقوع جرائم ضد الإنسانية في المنطقة كتلك التي وقعت في حلبجة". من ناحيته دعا رئيس الحكومة نوري المالكي، في بيان صحفي، العراقيين إلى أن "تكون الجرائم ضد الإنسانية ماثلة في أذهانهم لتدفعهم نحو الوحدة والتكاتف، ومنع عودة الماضي بمآسيه وذكرياته الأليمة".