اوضح رئيس "جبهة النضال الوطني" اللبنانية، النائب وليد جنبلاط " أن مصالح الدول الكبرى لم تلتقِ بعد لإنقاذ الشعب السوري، في حين أنها التقت جزئيًا للإفراج عن الأسرى الإيرانيين المحتجزين لدى المعارضة، وأنها لا تزال متناقضة في ما يتعلق بالإفراج عن الشعب السوري بأسره، الذي يأخذه النظام الحالي رهينة بأكمله. ثم ألم يكن في استطاعة الجمهورية الإسلامية التي فاوضت من فاوضت للإفراج عن رهائنها أن تشمل برعايتها التفاوضية الأسرى اللبنانيين في أعزاز، وتسعى إلى إطلاقهم، بعد أشهر طويلة من الاحتجاز؟". وسأل في موقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء": "ألا تقدم هذه الحادثة دليلاً إلى الأفرقاء اللبنانيين أن الدول لا تعير اهتمامًا إلا لمصالحها المباشرة، وأنها لا تُعنى بقضايا لبنان واللبنانيين إلا من زاوية استثمارها لهم لخدمة أهدافها السياسية وغير السياسية؟ لذلك، الدعوة موجهة إلى الأطراف اللبنانيين الأساسيين من دون استثناء إلى ضرورة عدم الوقوع مجددًا في فخ الالتزام مع الأطراف الخارجيين، لأنها بكل بساطة لن تهتم إلا لملاحقة مشاريعها الخاصة، ولو على حساب اللبنانيين وحريتهم وجثثهم إذا اقتضى الأمر". وأضاف: "كل ذلك يقودنا مجددًا إلى لبنان والسجال المحتدم بشأن قانون الانتخاب، الذي يشهد حفلة مزايدات انعزالية غير مسبوقة، ستترك ارتدادات في غاية السلبية على أكثر من صعيد، فلماذا لا نحدث صدمة إيجابية، ونقفز نحو ربيع لبناني انتخابي نوعي، يتمثل في تحرير المجلس النيابي من التمثيل الطائفي، وفق ما نص عليه تفاق الطائف، وننطلق نحو إنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه كل المكونات المختلفة، وتكون من صلاحياته الرئيسية القضايا الوطنية الكبرى، ويسعى إلى تبديد هواجس الأطراف المختلفين ومخاوفهم من بعضهم بعضًا". وختم: "لقد آن الأوان للبنانيين أن ينالوا قانونًا انتخابيًا يجمع بينهم، ويوسع مساحات الالتقاء المشتركة عوض أن يذهبوا في اتجاه اقتراحات تؤبد انقسامهم الطائفي والمذهبي، وتعيدهم قرونًا إلى الوراء. اللبنانيون قادرون على تجاوز الحواجز الطائفية والمذهبية المصطنعة، خصوصًا إذا ما وجدت لهم الأطر السياسية والانتخابية لذلك. وكل ما يطرح خارج هذا الإطار لن يؤدي سوى إلى نتائج كارثية وخطيرة على المدَيَين القصير والبعيد". واضاف جنبلاط في تعليقه على الموقف الفرنسي مما يجري في مالي فقال: "من الممكن أن تكون لفرنسا أسباب وجيهة ومفهومة للتدخل العسكري في مالي، الذي قد يساهم في إنقاذ ما تبقى من آثار ومعالم عربية وإسلامية وصوفية وضرائح للأولياء أتت عليها المجموعات المتطرفة في الفترة المنصرمة، ودمرت قسمًا كبيرًا منها، على أمل طبعًا ألا تغرق في رمال الصحراء، أو أن تتعرض إلى أخطار معينة جراء هذا القرار الجريء. كما أن نجاح هذه المهمة العسكرية يتطلب مساعدة عملية من دول الاتحاد الأفريقي، وهو يساعد على الحد من تمدد خطر الفوضى نحو دول أفريقية وعربية أخرى مجاورة". وأضاف: "إلا أن الوضع المستجد في مالي قد يطرح تساؤلات مشروعة تتصل بالوضع السوري، الذي يتفاقم سلبًا منذ ما يزيد على 22 شهرًا، في ظل تردد وتلكؤ دولي غير مسبوق، وفي ظل استمرار النظام في القتل اليومي من دون هوادة، ومن دون أي رادع لحماية الشعب السوري، الذي يعاني الإرهاب الحكومي والتهجير والنزوح والحصار على كل المستويات. إن المواقف والتصريحات المتناقضة لبعض المسؤولين الدوليين وممارستهم ترفَ تقديم التفسير تلو التفسير لاتفاق جنيف المعطل، أو وقوفهم موقف المتفرج، وتصريح أحد المسؤولين العرب القائل باستحالة إسقاط بشار الأسد بالقوة، وتصريح آخر المطالب بإرسال قوات عسكرية، ما يعكس فوضى في المواقف، وإصرار البعض الآخر على إفشال أي تسوية من دون مشاركة الأسد نفسه، وحال التقاعس العربي التي تحول دون توفير شيء من الإمكانات الهائلة لتغيير الوضع القائم في سورية، أو لتقديم الحد الأدنى من الدعم لعشرات الآلاف من المهجرين والنازحين؛ كل ذلك يرمي سورية في المجهول، وقد تحولت إلى الحرب الأهلية بعد إصرار الحكومة على الحلول الأمنية، وبعد غياب أي تحرك دولي- عربي جدي لإنقاذ الشعب السوري، وإخراجه من هذه المحنة المؤلمة التي يعيشها