تونس ـ أزهار الجربوعي
زار رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي، الاثنين، سجن المرناقية المدني في العاصمة تونس، رافقه فيها وزير العدل نور الدين البحيري، ووزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو، وذلك لهدف الاطلاع على أوضاع المؤسسة السجنية، ومدى مطابقتها لحقوق الإنسان وللمعايير الدولية. وتجول المرزوقي في غالبية أرجاء السجن، حيث أجرى جملة من المحادثات مع مساجين من جنسيات مختلفة، اطلع من خلالها على أوضاعهم، وعلى أهم الإشكالات التي يعانون منها، كما تطرق المرزوقي، صحبة الوفد الوزاري المرافق له إلى آليات تغيير المنظومة السجنية من منظومة قائمة على التعذيب والعقاب، إلى أخرى تعتمد على الإصلاح وإعادة إدماج المساجين من جديد في المجتمع. وشدد رئيس الجمهورية التونسية، في حديثه مع مسؤولي السجن على ضرورة احترام حقوق السجناء والقطع كليا مع التعذيب مثمنا مجهوداتهم، ومؤكدا في الآن ذاته على ضرورة إعادة هيكلة المؤسسة السجنية في تونس، لتتماشى مع استحقاقات الثورة المناهضة لكل أشكال التجاوزات السابقة التي مارسها نظام الرئيس المخلوع. وفي سياق متصل، أمضت وزارة العدل التونسية في السجن المدني في المرناقية، الاثنين، اتفاقية مع 7 منظمات حقوقية تقضي باحترام حقوق السجناء، وتمكين منظمات المجتمع المدني من زيارة السجون، ومن بين الجمعيات التي وقعة على الاتفاقية "حرية وإنصاف، الجمعية الدولية لمساعدة المساجين السياسيين، المجلس الوطني للحريات، الكرامة للسجين السياسي، بريق، تأهيل المساجين ومتابعة أوضاع السجون، العدالة ورد الاعتبار". على صعيد آخر، وقّع وزير العدل نور الدين البحيري، ووزير الشؤون الدينيّة نور الدين الخادمي، في مقر وزارة العدل على اتفاق تعاون بين الوزارتين في مجال التوعية الدينيّة لفائدة المساجين والأطفال. وستعمل وزارة الشؤون الدينية التونسية بمقتضى هذا الاتفاق، على تيسير تنظيم دروس توعية دوريّة في مجال العقيدة والسلوك والفقه وعلوم الشريعة يلقيها وعاظ وأئمّة مختصون، ومسابقات في تلاوة القرآن الكريم وتجويده في السجون والإصلاحيات بالإضافة إلى إشرافها على أداء صلوات التراويح وصلوات الجمعة والعيدين في الوحدات السجينة. من جهتها، تتكفّل وزارة العدل بتيسير عمل الوعاظ داخل السجون وتيسير تنقلاتهم وتأمين مختلف مهامهم بالوحدات السجنيّة، وأكد مصدر من وزارة العدل التونسية لـ"العرب اليوم"، أن "هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الوزارتين المعنيتين إلى استكمال تنفيذ مشروع الإصلاح الشامل في المنظومة السجنيّة في مختلف أبعاده التشريعيّة والماديّة والقانونيّة، بما في ذلك تأهيل المساجين والأطفال ومزيد توعيتهم والنهوض بهم والإسهام في إصلاحهم وللتأكيد على ضرورة الإحاطة بهم، حتى يتمكنوا من استعادة مكانتهم الاجتماعيّة وتوازنهم النفسي، بعد انقضاء مدة عقوبتهم. وكانت وزارة العدل، قد استضافت الأسبوع الماضي اجتماعا للحوار حول بعث تنسيقية وطنية للعناية بأوضاع السجون، بإشراف وزير العدل نور الدين البحيري، وبحضور ممثلين عن أهمّ الوزارات ذات العلاقة والجمعيات المهتمّة بالمنظومة السجينة بهدف تقييم الأوضاع من خلال الزيارات التي قام بها ممثلو الجمعيات للسجون، ومن أجل الانطلاق في حوار حول دور المجتمع المدني في تطوير الأوضاع في السجون في اتجاه مطابقة المعايير الدولية. تجدر الإشارة إلى أن تونس واجهت الشهر الماضي أزمة كبيرة داخل السجون، تمثلت في وفاة سجينيين سلفيين عقب دخولهما في إضراب جوع وحشي، تلاه استفحال هذه الظاهرة في صفوف المساجين، كما اتهمت منظمات حقوقية تونسية ودولية وزارة العدل بسوء معاملة السجناء، وهو ما دفع بسلطة الإشراف إلى إجراء تغييرات كبرى في صفوف مديري السجون والتفكير في استراتيجيات جديدة للنهوض بواقع السجون التونسية وفقا للمواثيق والمعايير الدولية