أسعار السجائر في قطاع غزة

تعاني الأسواق المحلية في قطاع غزة بعد إغلاق الأنفاق مع الأراضي المصرية، من شحٍ في بعض أصناف البضائع، لاسيما السجائر بعد منع استيرادها من الضفة الغربية، فضلًا عن أنَّ سعر علبة السجائر المصرية أقل بكثير من نظيرتها المستوردة من الضفة الغربية.

وأدى ارتفاع ثمن السجائر في قطاع غزة إلى سخط وغضب من فئة المدخنين، بعد أن وصل سعر العلبة الواحدة أكثر من ثلاثة أضعاف سعرها منذ حوالي خمسة أشهر.

ظروف صعبة وغلاء جنوني

وأبدى بعض المدخنين استياءهم وسخطهم الشديد لما وصلت إليه الحالة الجنونية في ارتفاع أسعار السجائر، المواطن حاتم مزيد (35 عامًا)، أوضح أنَّ الغلاء في أسعار معظم السلع والمنتجات، لا سيما التي كانت تأتي عبر الأنفاق "معقول"؛ لكن السجائر على وجه الخصوص ارتفاعها جنوني، منوّهًا إلى عدم معرفة السبب الحقيقي الذي يقف وراء هذا الغلاء.

وأضاف مزيد أنّ كل شخص في غزة يرجع السبب لعوامل مختلفة، وقال "أنا كمدخن ما بعرف السبب عشان تصل علبة السجائر من 6 شيكل إلى 25 شيكل، هل السبب إغلاق الأنفاق أو الضرائب التي تفرضها الحكومة أو هي لعبة من التجار حتى يحققون مزيد من الأرباح ويملؤون كروشهم (بطونهم)".

وبيَّن أنَّ الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة من بطالة وانتشار الفقر والحصار يتوجب على كل المسؤولين أن يتابعوا أسعار السلع الموجودة ومن ضمنها السجائر، لأن الناس في قطاع غزة لا تحتمل هذا الغلاء.

وطالب مزيّد الحكومة بضرورة متابعة الأسباب التي تقف وراء هذا الغلاء الفاحش، لأنه يضر بشريحة كبيرة من المجتمع، فضلًا عن ضرورة متابعة الأسواق والتجار وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطن في غزة.

أما المواطن أبو علاء الزمر (52 عامًا)، فأبدى استياءه الشديد من الغلاء الذي حدث بشكل مفاجئ في أسعار السجائر، والذي أدى إلى غضب وسخط سكان قطاع غزة، لأن هذه الزيادة في الأسعار أثرت بشكل كبير على مصروفه بصفته ربّ عائلة.

وأشار إلى أنّه يدخن منذ أكثر من 35 عامًا، وهذا الأمر لم يحدث في وقت سابق إلا عام 2007، إذ وصلت أسعار السجائر إلى سعر جنوني ولكنها سريعًا ما عادت إلى أسعارها الطبيعية، منوّهًا إلى أنّه موظف في سلطة رام الله وكان مصروف السجائر الذي يصرفه على مدار الشهر لا يتجاوز 200 شيكل، أما الآن فإنه يدفع ما يزيد عن 500 شيكل، وهذه الزيادة أضرت على مصروف عائلته.

وشدَّد الزمر على أنّ الزيادة أسبابها غير معروفة، ولكن السبب الأكبر هو إغلاق الأنفاق ولعبة التجار، وقال "معظم الشعب يدخن، ونحن نطالب سعر الدخان يرجع كما كان بالسابق".

بورصة السجائر

أما صاحب محل "الربيع" لبيع السجائر والمعسل مدحت المصري، فأوضح أنّ سعر السجائر أصبح له سعر يتغير كل ساعة مثل أسعار الدولار والذهب التي تتغير حسب البورصة العالمية، لافتًا إلى أنّ هذا التغير يسبب له الكثير من المشاكل مع زبائنه حيث أنّه من الممكن أن يبيع علبة السجائر بسعر وبعد ساعة قد يرتفع سعرها حسب سعر الجملة الذي يتحكم فيه التجار.

واعتبر المصري أنّ السبب الرئيسي الذي أدى إلى ارتفاع ثمن السجائر في قطاع غزة هو إغلاق الأنفاق التي كانت تعتبر مصدر رئيسي لاستيراد السجائر، فضلًا عن أنّ الذي يتم توزيعه وبيعه في السوق هو المخزون الذي كان لدى التجار، بمعنى أنّ كمية السجائر التي تستهلك في السوق لا يوجد لها بديل يدخل عن طريق الأنفاق.

وبيّن أنّ الارتفاع أثر على عملية بيع السجائر حيث أصبح بعض زبائنه يستهلكون نصف الكمية التي يحتاجونها، حيث أنه كان بعض المدخنين يدخنون علبة في اليوم التي كان في السابق لا يتجاوز ثمانية شواكل، أما الآن فمن الممكن أن تجد أن يشتري نصف علبة ثمنها أيضًا ثمانية شواكل.

 

وأضاف "الناس بدأت تشتري الدخان العربي الذي يتم تعبئته ولفه بطريقة يدوية لأنّه أرخص، حيث أنّ سعر وقية الدخان العربي حوالي 30 شيكل وبيلفوها في بيوتهم وبتعمل معهم حوالي ستة علب، بمعنى أنّ المدخنين أصبح إقبالهم على الدخان البدائي اليدوي أكثر من شرائهم علب سجائر مستوردة لأنّ ذلك أوفر".

وطالب المصري الحكومة بضرورة توحيد ثمن السجائر، لأنه يوجد اختلاف في سعر السجائر بين المحلات حسب رغبة البائع.

أما أبو جمال الحولي أحد موزعين السجائر، فأكد على أنّ أوضاع سيناء وهدم الأنفاق هو السبب الأساسي لارتفاع ثمن السجائر والمعسل، بمعنى أنّه في السابق كانت السجائر تدخل عبر الأنفاق بكميات كبيرة وأسعاره في الجانب المصري رخيصة، ولكن بعد إغلاق الإنفاق أصبح من الصعب جدًا أن تدخل ولو علبة سجائر واحدة.

وتابع "إنّ الغلاء ناتج عن الإجراءات المشددة للحكومة المصرية بمكافحة البضائع التي يتم تهريبها للقطاع وعلى رأسها السجائر، فضلًا عن أنّ تكلفة تهريب السجائر في الجانب المصري ارتفعت بشكل جنوني عن الفترات الماضية".

وكشف الحولي أنّه لو تم إدخال بعض كميات السجائر فإنّها تدخل بكميات قليلة جدًَا وأسعارها جنونية، حيث أنّ في السابق كانت كرتونة الدخان كاملة يتم شرائها من الجانب المصري بمبلغ ألف دولار، لكن في الوقت الحالي من الممكن أن تشتري نفس النوع ولكن بمبلغ خيالي قد يتجاوز 5 آلاف دولار.

وأشار الحولي إلى أنّ التجار في الجانب المصري يبالغون في أسعار السجائر، حيث أنّ السعر يختلف من يوم ليوم بل من ساعة لأخرى، منوّهًا بأنّ نسبة المدخنين في قطاع غزة كبيرة جدًا والكمية التي يتم إدخالها لا تكفي الطلب اليومي للمدخنين.