رجب طيب أردوغان

مرّت مئة يوم على توليّ رجب طيب أردوغان للرئاة التركيّة، في الخامس من كانون الأول/ديسمبر الجاري، تمكّن فيها من إنهاء آمال شعبه، التي أحياها عقب فوزه في الانتخابات الرئاسيّة، في العاشر من آب/أغسطس الماضي، لاسيما عندما طلب من خصومه طيّ صفحة الخلافات، وتركها في تركيا القديمة.

وعبر آردوغان عن غضبه من الغرب، ومن نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومن المقاتلين الأكراد في مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود بين سورية وتركيا، ومن مصر، على مدار أيام رئاسته المئة.

وأثار الرئيس التركي استغراب الغرب، عبر نظريته التي ذهب فيها إلى أن بحارة مسلمين اكتشفوا القارة الأميركية قبل كريستوفر كولومبوس، كما نصح أردوغان النساء في بلاده بالتركيز على دورهن كأمهات لأن المساواة بين الرجال والنساء في عالم العمل "ضد الطبيعة البشرية".

وشبه أردوغان حزب "العمال" الكردي (المحظور)، ومقاتليه الأكراد في مدينة عين العرب (كوباني) السورية بمقاتلي مليشيات تنظيم "داعش"، حيث جلبت تركيا على نفسها الكثير من الانتقادات الدولية بسبب دورها في عين العرب .

ودفع الجيش التركي بمدرعات على الحدود التركية مع عين العرب ولكنه لم يتدخل عندما تعرضت لخطر السقوط في أيدي مسلحي التنظيم الإرهابي، فيما ترفض أنقرة، حتى الآن، السماح لقوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" باستخدام القواعد العسكرية التركية، مثل قاعدة "أنجرليك"، الجوية لشن غارات على التنظيم المتطرف .

ورفض أردوغان السماح للأكراد السوريين بالمرور عبر تركيا لتعزيز المقاتلين في عين العرب، ولكنه سمح فيما بعد وبضغط من الولايات المتحدة وبعد تردد طويل لقوات الدفاع الكردية العراقية (البيشمركة) بالمرور عبر تركيا إلى عين العرب.

ونجح أردوغان، عبر سياسته المتعرجة، في إرباك جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الولايات المتحدة والناتو ثم الأكراد في سورية وتركيا، حيث وقعت اشتباكات أثناء احتجاجات كردية خلفت أكثر من 40 قتيلاً.

 وبينما يوزع أردوغان انتقاداته ضد خصوم "مزعومين" في الخارج ترك الساحة الداخلية تمامًا لخليفته في منصب رئيس الوزراء، أحمد داوود أوغلو، والذي توجه بنفسه في هذا المنصب.

وعلى الرغم من أنّ أوغلو يتولى رسميًا رئاسة الحكومة، ورئاسة حزب "العدالة والتنمية"، إلا أن أردوغان دأب على التأكيد على أنّ الرئيس هو الذي يحدد السياسة في تركيا، تلك السياسة التي ربما سارت في اتجاه الاستبداد حيث تعتزم الحكومة إقرار حزمة من القوانين تسمح باستخدام القسوة ضد المتظاهرين الذين ينتهجون العنف .

ولايزال آردوغان مستقرًا في كرسي الحكم، رغم أن انتهاء فترة ازدهار الاقتصاد التركي يمكن أن تهدد سلطته، حيث يبدو الهدف الذي وضعه لنفسه ممكنًا على الأقل.