النازحين العراقيين

كشفت المحكمة الجنائية المركزية في بغداد، عن استغلال تنظيم "داعش" المتطرف لأوضاع النازحين المالية، مؤكدة أنه يقوم بتكليف عناصره غير المعروفين ممن تربطهم علاقة صداقة بنازحين بنقل عجلات مفخخة بواسطتهم دون علمهم. كما روى قضاة المحكمة واقعة حصلت مؤخرًا في بغداد اشترك فيها سائقان لا يعلمان بأن السيارة ملغمة، اضافة إلى صاحب معرض للسيارات في جنوب العاصمة، مؤكدين أن الجهد الاستخباري أدى الى ضبطها قبل وصولها إلى انتحاري كان بانتظارها لكنه فجر نفسه عند وصول قوة من الجيش بالقرب منه.

وقال قاض في المحكمة في حديث إلى صحيفة "القضاء" الصادرة عن المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، إن "العمل التحقيقي أدى للتوصل إلى نحو خمس سيارات خلال الأشهر الثلاثة الماضية مصدرها تنظيم "داعش" المتطرف وهي بحوزة أشخاص لا يعلمون بعائديتها". وتابع أن "ذلك يعكس خطورة أساليب التنظيم التي ينبغي الالتفات إليها لاسيما من المواطنين للحيلولة دون الوقوع ضحية اقتياد عجلات مفخخة دون علمهم".

وأضاف أن "داعش" لجأ مؤخرًا إلى استغلال بعض المواطنين المهملين الذين تربطهم بعناصره علاقة صداقة ويجعلهم يقودون عجلات أمام مفخخة للتمويه عليها أو فيها قطوعات تستخدم في نقل الاسلحة"، وأرجع ذلك إلى "عدم ثقة التنظيم بناقليه الذين تم القبض على العديد منهم خلال المدة الماضية".

وأشار قاضي المحكمة المركزية إلى أن "الوقائع توضح أن عناصر التنظيم في مناطق الأنبار غير المسيطر عليها ينقلون عجلات إلى أصدقائهم الساكنين في الأحياء المحررة بذريعة أنها تعود لأقاربهم في حين أنها تسلم لآخرين لغرض تفجيرها"، لافتًا إلى "ضبط عجلة مؤخرًا في المحافظة من قبل القوات الأمنية". واستطرد أن "الجهات التحقيقية في بعض الاحيان على معرفة بأن حائز العجلة لا يعلم بأنها مفخخة وأنه حسن النيّة"، منوها إلى أن "التنظيم بدأ يجهز مفخخاته بالاعتماد على عجلات النازحين الفارين من التنظيم حيث يقوم بشرائها بأثمان رخيصة تصل إلى 1000 دولار فقط".

ومضى إلى أن "معلومات شراء العجلات من النازحين تم التوصل اليها من خلال متهمين تم القبض عليهم كانوا يعملون ضمن القواطع الادارية لتنظيم "داعش". من جانبه، ذكر قاض آخر في المحكمة إلى صحيفة "القضاء"، أن "التنظيم يلجأ لإدخال عجلات المفخخة إلى بغداد من خلال اتصال عناصره غير المعروفين بنازحين إلى العاصمة يستغلون وضعهم المادي المتردي ويطلبون منهم نقل عجلة إما عن طريق منفذ بزيبز أو بإدخالها من خلال محافظات الفرات الأوسط".

وأضاف أن "النازح يبدي استعداده لنقل العجلة كونه بأمس الحاجة إلى فرصة عمل، والأجر لا يتجاوز 100 دولار وهو لا يدري أنها مفخخة وأنه سيمنحها إلى تنظيم "داعش" الإرهابي". وزاد قاضي المحكمة المركزية أن "دخول العجلة إلى بغداد يكون بمكاتبة بيع خارجية، رغم أنها غير كافية للمرور من نقاط التفتيش لكن الإهمال وضعف بعض الإجراءات سهل عملية مرورها". ولفت إلى أن "إحدى الحالات التي تم التوصل اليها مؤخرًا هي عجلة حمل (شاحنة) نقلها متهم وهو لا يعرف بأنها ملغمة ووضعها في معرض جنوب بغداد على امل تسليهما إلى شخص آخر".

وأفاد بأن "المتهم ذكر في اقواله بأنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من صديق له في الأنبار، وأبلغه بأن عليه اقتياد عجلة تعود إلى أقربائه من منطقة اللطيفية إلى الدورة ومن ثم تسليهما إلى شخص آخر". وأوضح أن "افادات المتهم جاءت بأنه استخدم مكاتبة خارجية ليتمكن من خلالها عبور نقاط التفتيش على أنها تعود له". وأكد القاضي أن "صاحب المعرض هو الاخر تبين أنه لا يعرف بتفخيخ الشاحنة وأنه ركنها في مرآبه كعمل انساني، كونها وبحسب ما يعتقد تعود إلى نازح يريد ايصالها إليه، وأن سائقا آخر ألقي القبض عليه أيضًا، الذي جاء بها من منطقة النخيب عبر منطقة الحيدرية المحاذية لمحافظة النجف إلى اللطيفية".

وأورد أن "هذا السائق ذكر في اقواله بأنه نقل العجلة القادمة من منطقة غير محررة في الانبار كجزء من مهنة يزاولها منذ مدة لقاء مبلغ مالي، وأنه قام بنقل عجلات اخرى في وقت لاحق كونها وحسب ما يظن تعود إلى نازحين يريدون إيصالها إليهم في العاصمة".

ولفت القاضي إلى أن "السائقين وصاحب المعرض لم يعرفا بأن الشاحنة مفخخة كون التلغيم حصل بشكل محترف"، منوهًا إلى أن "التنظيم وضع المواد المتفجرة في فتحات لا يمكن التوصل اليها بين محيط قلاب الشاحنة".

ومضى إلى أن "المتهم الأخير الذي أوصل العجلة إلى المرآب في الدورة كلّف بتسليمها إلى شخص حاصرته قوة من الجيش في منطقة حي الإعلام (تقاطع الدرويش) لكنه فجّر نفسه قبل لحظات من القبض عليه بواسطة حزام ناسف كان يرتديه". وأفاد القاضي بأن "المحكمة تتخذ الإجراءات القانونية بحق حائز السيارة عن جريمة حيازة الأسلحة التي تستخدم لأغراض متطرفة". ودعا "المواطنين إلى الابتعاد عن شراء العجلات ذات الأثمان الرخيصة فقد تكون مستخدمة دون علمه في عمليات متطرفة"، وحذر من "قيادة أي عجلة تعود للغير وإبقائها أمانة أو نقلها إلى شخص آخر".