حلب في أنتظار انتهاء الحرب لتتخلص من انقطاع التيار

تُعاني عاصمة الشمال السوري مدينة حلب من فقدان التيار الكهربائي النظامي منذ العام 2012 وهو ما دفع سكان المدينة المقدر عددهم حاليا بنحو مليون ونصف المليون إلى البحث عن بدائل كانت عبر مولدات كهرباء صغيرة الحجم صينية الصنع تعمل على المازوت انتشرت في الشوارع والحدائق والأبنية.
 
ورغم أن مدينة حلب كانت آخر المدن السورية التي تظاهرت ضد الرئيس بشار الأسد إلا أن المعارضة المسلحة تمكنت منتصف عام 2012 من السيطرة على الجزء الأكبر منها قبل أن يشن الجيش السوري هجوما مضادا انتهى بتقاسم السيطرة على المدينة بالمناصفة.
 
ولعب تغيُّر خارطة السيطرة على محيط مدينة حلب بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة المدعومة من تركيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبين تنظيم "داعش" دورا في تدمير كامل أبراج وشبكات نقل الكهرباء إلى حلب إضافة إلى أضرار كبيرة في محطات التوليد والتحويل.
 
وكانت مدينة حلب تعتمد على محطة توليد ضخمة شرق المدينة بنحو 30 كيلومترا حيث كانت تنتج نحو 20 بالمئة من حاجة سورية وتتألف من خمس مجموعات توليد بخارية استطاعة كل منها 213 ميغا واط ساعي تعمل على الفيول أو الغاز الطبيعي وتصل طاقتها الإجمالية إلى 1065 ميغا واط ساعي.

وتمكّن تنظيم "داعش" من السيطرة على هذه المحطة الأكبر في سورية في أواخر عام 2013 وبالتالي توقفت المحطة عن توليد الكهرباء بعد قيام عناصر التنظيم بسرقة محتوياتها ونقلها إلى مواقعهم وبيعها.
 
وعمد سكان المدينة إلى الاعتماد على مولدات خاصة لتوفير الكهرباء حيث كانت موجودة بكثرة وبخاصة أن المدينة تعتبر عاصمة الصناعة السورية وتحتوي على العدد الأكبر من المصانع.
 
وقام العديد من أصحاب المصانع في محيط المدينة بنقل مولدات الكهرباء منها إلى داخل الأحياء ونشروها في الشوارع بموافقة السلطات المحلية التي تغاضت عن الأمر وبدؤوا بتوليد الكهرباء وبيعه إلى السكان بشكل عشوائي وأسعار مرتفعة وهو ما أثار موجة من الاعتراضات والانتقادات وسط غلاء المعيشة وانخفاض القسمة الشرائية للعملة السورية.
 
وكانت السلطات المحلية تتواصل مع جهات في المعارضة التي تسيطر على الريف الجنوبي لحلب طوال الأعوام 2013 و2014 و2015 من أجل الموافقة على وصول التيار الكهربائي إلى المدينة عبر خطوط بديلة تصل من محطات التوليد في مدينة حماة وسط سورية مقابل تزويد القسمين الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة والشرقي الذي تسيطر عليه المعارضة بالتيار الكهربائي.
 
يقول مدير شركة كهرباء حلب الحكومية عبد الاله التلاليني "مع حصول أي اشتباك أو احتكاك بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة يتم قطع التيار الكهربائي أو تتضرر الشبكات الناقلة له بسبب المعارك وتعود الأمور إلى نقطة الصفر وهو ما دفع السلطات إلى السماح باستخدام المولدات المحلية بشكل نظامي عبر إعطاء تراخيص لها وقامت بتحديد ساعات التشغيل في النهار فقط وخصصت كميات من المواد النفطية اللازمة لتشغيل كل مولدة".
 
ولفَت إلى أن الحكومة السورية كانت تعتمد على خط بديل يمر عبر منطقة خناصر الواقعة تحت سيطرتها جنوب شرق حلب من أجل تأمين كميات كافية لتشغيل الخدمات الأساسية كمحطات ضخ المياه والمشافي ومقاسم الهاتف فيما كانت المعارضة تعتمد على مولدات ضخمة استقدمتها عبر تركيا بمساعدة الجهات الدولية الداعمة لها لتأمين الكهرباء للمشافي والمقار التي تسيطر عليها.
 
وبعد تقدُّم الجيش السوري أواخر العام 2015 جنوب مدينة حلب أعلنت وزارة الكهرباء السورية أنها قررت مد خط بديل إلى حلب لا يمر عبر مناطق سيطرة المعارضة بل عبر مناطق سيطرة الحكومة أي بموازاة طريق عام حماة – خناصر - السفيرة - حلب الذي يمر وسط البادية السورية.
 
ونجحت وزارة الكهرباء في بناء الأبراج ومدّ الشبكة الجديدة حتى منطقة الراموسة جنوب حلب ولكن سيطرة المعارضة عليها في شهر آب/أغسطس الماضي أوقف المشروع لمدة شهر حتى استطاع الجيش السوري استعادة المنطقة وإحكام الحصار مجددًا على حلب الشرقية حيث واصلت الوزارة مد الخطوط إلى حلب الغربية بانتظار أن تعلن قريبا نجاح المشروع الجديد.
 
وقال نضال العلبي أحد سكان مدينة حلب إن كل هذه الإجراءات لن تستطيع تأمين الكهرباء طالما ان السيطرة على الأرض تنتقل كل فترة من طرف إلى آخر معتبرا أن حلب لا يمكن أن تنعم بالكهرباء إلا إذا تم الاتفاق على حل سياسي شامل بين كل الاطراف وبخاصة أن المعارك التي تشهدها المدينة باتت تسمى أم المعارك وتعتبر بنظر المراقبين والمحللين الفيصل في تقرير مصير سورية.
 
ومع إعلان روسيا والولايات المتحدة عن اتفاق جديد للتهدئة في سورية عادت الاتصالات بين ممثلي الحكومة والمعارضة في حلب بمساع شعبية وأسفرت عن الاتفاق مع جميع الأطراف على الأرض لإصلاح الشبكة التي تنقل الكهرباء لحلب عبر مناطق سيطرة المعارضة حيت تم تركيب بعض أبراج التوتر العالي ومدّ الكابلات وإصلاح المحوّلات ولكن هذا العملية توقفت مع فشل الهُدنة وعودة الاشتباكات.
 
ويُشير العديد من الحلبيين إلى أن أنهم نسوا طرق وفوائد استخدام الكهرباء وبخاصة في التدفئة أو التبريد وباتوا يحلمون بساعة منها يوميًا فقط من أجل شحن هواتفهم المحمولة وبطاريات الإنارة  والإطلاع على ما يجري من أحداث في سورية.