واشنطن - يوسف مكي
يُعد البيان الصحافي المختصر لوزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، عن محادثته الهاتفية مع نظيره التركي خلوصي آكار، وتأكيده على أن واشنطن «تستكشف الطرق التي يمكن أن تعمل بها مع تركيا والمجتمع الدولي، في مواجهة الهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري مدعومة من روسيا وإيران»، الموقف الأميركي الواضح، ولم يصدر عن واشنطن ما يمكن اعتباره موقفاً قوياً داعماً لأنقرة.
ولم تتلقّ «الشرق الأوسط» ردّاً من وزارة الدفاع (البنتاغون)، ما إذا كانت تخطط لتقديم أي مساعدة عسكرية ملموسة لتركيا، في وقت لم يأتِ بيان حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي صدر في أعقاب طلب تركيا عقد اجتماع طارئ بموجب المادة الخامسة من بروتوكول الحلف، بمستوى طموحات تركيا. إذ اكتفى البيان بتوجيه «رسالة تضامن مع تركيا، ودعا إلى وقف العمليات العسكرية والسماح باستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا»، ذلك أن الأجواء التي تخيم على العلاقات الأميركية والغربية عموماً مع تركيا، لا تشير إلى أن الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 30 جندياً تركياً في يوم واحد، بضربة تقف وراءها روسيا بشكل مباشر، قد يؤدي إلى إزالة «الغمامة الكثيفة» التي تلقي بظلالها على «الحلفاء».
ورغم وصف وزارة الخارجية الأميركية لروسيا بأنها تثير الاضطرابات، خصوصاً في سوريا، فإن بيان المتحدث باسمها كرر تعليقات الوزير مايك بومبيو السابقة، قائلاً إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء الهجوم على الجنود الأتراك في منطقة إدلب السورية، وإنها تقف إلى جانب تركيا حليفها في «الناتو»، ملقياً المسؤولية على نظام بشار الأسد وروسيا وإيران عن الهجوم الوحشي في سوريا.
مواقف واشنطن «الخجولة» حتى الآن، ربطت بملفات عدة، ليس أقلها الموقف من العلاقات التركية - الروسية التي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، مع توقيع صفقة الصواريخ «إس - 400». والموقف من الدور التركي في سوريا عموماً، ومن الأكراد خصوصاً، فضلاً عن اتهام تركيا بدعم جماعات إسلامية متطرفة، وتدخلها في ليبيا وشغبها في شرق البحر المتوسط.
في المقابل، يقول البعض إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجد نفسه أمام معضلة الاختيار بين زعيمين يقيم معهما علاقات جيدة، هما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان. وهو عمل دوماً على محاولة تجنب وصول الأمور بينهما إلى حافة المواجهة. لكن هجوم الخميس وضعه في موقف صعب، خصوصاً أن تركيا رسمياً بلد حليف، وروسيا هي البلد المنافس. غير أن علاقاته الخاصة ومواقفه المثيرة للجدل حتى بين أعضاء حزبه من روسيا، تجعل التكهن بموقف ترمب صعباً، رغم أنه قد يكون مضطراً لأخذ جانب.
فتصاعد الصراع بين بوتين وإردوغان وصل أيضاً إلى ليبيا، وعلى الرغم من الدعوات الدولية لمزيد من التدخل الأميركي، لا يزال ترمب ملتزماً بعدم الانجرار إلى أي من الجانبين في سوريا وليبيا، حفاظاً على تعهده بوقف التورط الأميركي في «حروب لا تنتهي». غير أن السيناتور الجمهوري المؤثر وحليف الرئيس ترمب ليندسي غراهام دعا، أول من أمس (الخميس)، بشكل مفاجئ إلى إنشاء منطقة حظر طيران فوق إدلب «لإنقاذ الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من الموت الرهيب».
وبينما كان البعض يتوقع أن تطلب تركيا رسمياً تفعيل المادة الخامسة من بروتوكول الدفاع المشترك بين أعضاء «الناتو»، الذي يعتبر أي هجوم على أحد أعضاء الحلف هو هجوم على الجميع، كان لافتاً موقف السفيرة الأميركية لدى الحلف كاي بيلي هاتشنسون، التي قالت إن الحلف لم يناقش ما إذا كان يمكن تطبيق هذا البند على الأحداث الجارية في سوريا، مضيفة أن مواجهات إدلب تبرهن لتركيا من هو حليفها الرئيسي.
موقف وجد صداه أيضاً في تصريح لوزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن الذي قال إن تركيا لا تملك الحق في طلب تفعيل المادة الخامسة، لكن يحق لها الاستفادة من المادة الرابعة التي تسمح لأي دولة في الحلف بطلب عقد اجتماع في حال تعرض أمنها ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي للخطر.
في المقابل، دعا دبلوماسيون أميركيون تركيا وروسيا والأطراف الأخرى المتورطة في المواجهات الدائرة في سوريا وليبيا، إلى خفض مستوى المواجهات، وبدلاً من ذلك التمسك باتفاقات وقف إطلاق النار وتطبيقها كطريق للوصول إلى تفاهمات يتم التفاوض عليها.
وقال روبرت أبراين مستشار الأمن القومي الأميركي، في كلمة له أمام مجلس «الأطلسي» في واشنطن: «لا أعتقد أن أي شخص في هذا البلد على استعداد لإرسال اللواء 82 المحمول جواً إلى تلك البيئة الفوضوية لمحاولة حل مشكلة أخرى ليست من صنعنا في سوريا».
وعلى الرغم من قول مسؤول كبير في إدارة الرئيس ترمب إن روسيا هي القوة الوحيدة التي يمكن أن تقنع الرئيس السوري بشار الأسد بوقف تقدمه في إدلب، فإن شيئاً من هذا لم يحدث، في حين أعلن جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا في تصريحات سابقة له، أنه «من غير الواضح ما إذا كانت روسيا عاجزة عن وقف الأسد أو أنها ببساطة لا ترغب
قد يهمك ايضا:
ترامب ينفي تلقيه أي مساعدة من أي دولة للفوز بالانتخابات المقبلة
2.5 مليار دولار مطالب الرئيس الأميركي من الكونغرس لمحاربة "كورونا" في الولايات المتحدة