غزة - منيب سعادة
أعلّن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر/ كانون الأول للعام الماضي 2017، عدائه ضد الشعب الفلسطيني بإعلان مدينة القدس، عاصمةً لإسرائيل، التي احتلت أراضي فلسطين في عام 1948، وهجرت شعبها وقتلت أبنائها.
وقبل عامٍ من اليوم شنّ ترامب، حربه ضد الفلسطينيين، وزاد على إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، قراره نقل سفارة بلاده التي تحتضن شتى أنواع التطرف من تل أبيب إلى مدينة القدس.
وقال الرئيس محمود عباس، إنّ "إعلان دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل يمثل انسحابًا من عملية السلام، وتخلي الولايات المتحدة عن الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية السلام.
وأكّد على أنّ قرارات ترامب تشجع إسرائيل على سياسية الاحتلال والاستيطان، مُبيّنًا أنّ إدارة "ترامب" بهذا الإعلان خالفت جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية.
واختتم الرئيس الفلسطيني كلمته بالقول: إنّ "قرار الرئيس ترامب هذه الليلة لن يغير من واقع مدينة القدس، ولن يعطي أي شرعية لإسرائيل في هذا الشأن، كون القدس مدينة فلسطينية عربية مسيحية إسلامية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية".
وأشعل قرار ترامب فتيل غضب "انتفاضة القدس"، التي بدأت بعمليات الطعن المنفذة من قبل الشبان الفلسطينيين، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، بجميع المناطق في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
افتتاح السفارة
افتتحت الولايات المتحدة في 14 مايو/ أيار الماضي، رسميًا سفارتها بالقدس، بتأكيد عبر رسالة بالفيديو من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على أنّ القدس عاصمة حقيقية لإسرائيل.
ووجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسالة إلى المشاركين آنذاك، قائلًا إنّ "إسرائيل دولة مستقلة، ويحق لها مثل لأي دولة في العالم، أن تحدد عاصمتها، والقدس عاصمة حقيقية لإسرائيل، زاعمًا أنّ واشنطن ملتزمة تمامًا باتفاق السلام.
ورحب السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، في كلمة افتتاحية بالمدعوين لافتتاح سفارة واشنطن بالقدس، مشيدًا باعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
تبعات القرار
وينص القانون على أنّ مدينة القدس "يجب أن تبقى موحدة"، و"ينبغي الاعتراف بها عاصمةً لدولة إسرائيل"، ومن هنا، يصبح أيّ حديث عن أنّ قرار ترامب لا يتضمن مصادرة لحق الفلسطينيين في مناقشة قضايا الوضع النهائي، ومن ضمنها القدس، في المفاوضات، ذرٌ للرماد في العيون، خاصة أنّ التقارير التي تنشر عن ملامح إطار لحل يعمل عليه فريق صهر الرئيس، جاريد كوشنر، إما أنّها تستبعد القدس الشرقية من الحل، وإمّا أنّها تدعو إلى تأجيل بحثها لسنوات مقبلة، حتى لو قامت دولة فلسطينية.
ويعني قرار ترامب بأنّ تصبح القدس عاصمة لإسرائيل، أنّها أصبحت بشقّيها الشرقي والغربي، تحت إمرة الاحتلال والسيادة الإسرائيلية الكاملة على المدينة، ما يفرض سياسة أمر واقع على خيار المفاوضات المتوقّفة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ويترتّب على قرار ترامب أيضًا، أنه يعطي الحق لإسرائيل في السيطرة والتوسّع وبناء "عاصمتها" بالشكل التي تريده، متجاهلة كل القرارات الدولية المتعلّقة بالحفاظ على الموروث الثقافي الإسلامي والمسيحي.
ونسف ترامب كل الحقوق المطالبة بحرية زيارة الفلسطينيين والعرب للأماكن المقدسة في المدينة، بحجّة الحفاظ على أمن "العاصمة"، والتي تمثّل أمن واستقرار تلدولة الإسرائيلي"، وأيضًا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يعني رفع الوصايات الدولية والعربية والإسلامية، عن المدينة المقدسة، وهو ما يسعى إليه الاحتلال، ما يمكّنه من بناء قواعد عسكرية هناك تسمح بدخول الجيش رسميًا متى شاء.
وعلى الشق الاقتصادي، فإنّ خطوة ترامب "المتهوّرة"، تعني ارتفاع معدلات البطالة والفقر في أوساط الفلسطينيين داخل المدينة المقدسة، التي يعاني سكّانها أوضاعًا أمنيّة ومضايقات من قبل الاحتلال، إضافة إلى ازدياد أعمال التهجير والإبعاد عن القدس.
وتسعى الإدارة الأميركية حاليًا إلى إحياء المفاوضات، التي توقّفت منذ أبريل/ نيسان 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن معتقلين قدامى داخل السجون، والقبول بحل الدولتين على أساس حدود 1967.
354 شهيدًا منذ إعلان ترامب
وذكرت تقارير فلسطينية أنّ عدد شهداء فلسطين بلغ 345 شهيدًا، منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، إنّ من بين الشهداء 71 طفلًا وستة من ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحًا أنّ معظم الشهداء كانوا من قطاع غزّة.
وأكّد ذوو الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال، استنفاد الإجراءات القانونية كافة، لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، مُشيرين إلى أنّ تلك المحكمة ما زالت تماطل في إصدار قرارها منذ أشهر عديدة.
كما طالبوا بتوحيد الجهود القانونية والشعبية في مواجهة هذه السياسة، عبر تشكيل فريق قانوني وطني متخصص لمتابعة هذه القضية محليًا ودوليًا، ودعوا المؤسسات والقوى الشعبية الفلسطينية إلى الإعلان عن يوم لفعاليات مركزية، في كل أنحاء الوطن للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء.
وتنص القرارات الدولية على أنّ القدس الشرقية، التي تقع ضمن حدودها الأماكن المقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين، أرضٌ محتلة، وهي الجزء الذي يريده الفلسطينيون عاصمةً لدولتهم، فيما ترفض إسرائيل ذلك.
يُذكر أنّ إسرائيل احتلت القدس الغربية عام 1948، وأعلنتها عاصمة لها عام 1949، في خطوة رفضها المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، ثم احتلت القدس الشرقية عام 1967.