لندن - الجزائر اليوم
لما يقرب من مليوني سنة، صنع البشر القدماء حجارة على شكل كرات بحجم اليد، لكن علماء الآثار لم يكونوا متأكدين من السبب الكامن وراء صنعها، وتوصلت دراسة جديدة إلى أن القدماء استخدموا الكرات كأدوات للحصول على النخاع اللذيذ داخل عظام الحيوانات، وبعبارة أخرى، إذا كانت العظام عبارة عن علبة حساء، فإن هذه الكرات الحجرية القديمة كانت مثل فتاحات للعلب القديمة.
وتساءل علماء الآثار لعقود حول كيفية استخدام البشر القدماء لهذه الكرات الحجرية. وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة، إيلا عساف، باحثة ما بعد الدكتوراه في قسم علم الآثار في جامعة تل أبيب في إسرائيل، في رسالة بريد إلكتروني لموقع "لايف ساينس": "قدمت دراستنا أدلة، لأول مرة، على وظيفة هذه الكرات الحجرية الغامضة التي أنتجها البشر لما يقرب من مليوني سنة".
وقالت عساف إن علماء الآثار عثروا على "هذه القطع الأثرية الغامضة" في بعض أقدم المواقع الأثرية في العالم في إفريقيا وأوروبا وآسيا، ولكن لم يعرف أحد في العصر الحديث كيف تم استخدام هذه الأحجار المستديرة القديمة.
وتغير ذلك عندما عثرت عساف وفريقها على مخبأ احتوى 30 كرة حجرية في كهف قاسم شرق تل أبيب، حيث عاش البشر منذ نحو 400 ألف إلى 200 ألف سنة.
وأشارت عساف إلى أنه من بين 30 كرة، كانت 29 كرة مصنوعة من الحجر الجيري أو صخور الدولوميت، على عكس "مئات الآلاف من الأدوات الحجرية الموجودة في الكهف المصنوعة من حجر الصوان".
وأوضحت عساف أن الأدوات الأخرى الموجودة في كهف قاسم كانت مبتكرة لزمنهم، لكن "الكرات تمثل تقنية قديمة جدا".
ولحل لغز الكرات الحجرية، فحصت الباحثة الأولى في الدراسة، إيمانويلا كريستياني، عالمة الآثار في جامعة سابينزا في روما، وزملاؤها الكرات الحجرية مجهريا. وقالت عساف إنهم اكتشفوا علامات تآكل وبقايا عضوية تشير إلى أن الأحجار "استخدمها سكان الكهف لكسر عظام الحيوانات واستخراج النخاع الغذائي".
وقالت عساف إن الكرات الحجرية القديمة كانت مغطاة بطبقة لامعة سببها التعرض للعناصر بمرور الوقت. والغريب في الأمر أن هذه الطبقة الشبيهة بعرق اللؤلؤ كانت مختلفة عن الطبقات الموجودة على الأدوات الحجرية الأخرى في الكهف، ما يشير إلى أن "الكرات تعرضت لبيئة مختلفة لفترة طويلة جدا ثم تم جمعها من قبل سكان الكهف وجلبت إلى الداخل".
ويشار إلى أن نخاع العظام يحتوي على أكبر نسبة من الأحماض الدهنية داخل جسم الحيوان، لذلك قد تكون هذه الأحجار "قد ساعدت على تعزيز تناول السعرات الحرارية البشرية والتكيف معها في فترة العصر الحجري القديم" (قبل 2.7 مليون إلى 200 ألف سنة)، في كهف قاسم وربما أبعد من ذلك، وفقا لفريق العلماء المشارك في الدراسة.
قد يهمك ايضا :