واشنطن ـ يوسف مكي
يمكن للحامض النووي لطفلة رضيعة من أصل أميركي تبلغ من العمر ستة أسابيع توفيت قبل 11500 عام، أن يعيد كتابة التاريخ الأميركي، حيث تكشف جينات الفتاة عن وصول أول إنسان إلى القارة قبل 25 ألف عام، أي قبل وقت طويل من قبل الدراسات التي تدعي الانقسام إلى ثلاث مجموعات من السكان الأصليين.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التعرف على آثار وراثية مباشرة على حمض لأميركيين أصليين، فالفتاة تنتمي إلى السكان القدامى في أميركا الشمالية المعروفين باسم "بيرينجيين القديمة"، وكانت تقيم هذه المجموعة الصغيرة في ألاسكا وتوفيت قبل حوالي 6000 عام، كما يدعي الباحثون. ومن المسّلم به على نطاق واسع أن أقرب المستوطنين عبروا من روسيا إلى ألاسكا عبر جسر بري قديم يمتد على مضيق "بيرينغ" الذي غُمر في نهاية العصر الجليدي الأخير، وقد افترض بعض العلماء حدوث موجات هجرة متعددة على الجسر البري كما حدث مؤخرًا منذ 14000 عام.
ولكن الدراسة الجديدة تظهر أن هذه الهجرة حدثت في موجة واحدة، مع تقسيمات من مجموعات الأميركيين الأصليين في وقت لاحق، وتظهر أيضا أن مجموعة غير المكتشفة سابقًا تسمى "بيرينجيين القديمة" تشكلت كجزء من هذا الانقسام، مع عدد معروف من مجموعات الأجداد الأصلية والتي شكلت من اثنين إلى ثلاثة مجموعات، وقال الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور"بن بوتر" عالم الأنثروبولوجيا في جامعة ألاسكا فيربانكس :"نحن لا نعرف أن هذه المجموعة موجودة فعلًا، وتوفر هذه البيانات أيضًا أول دليل مباشر على السكان الأصليين المؤسسين، ويجب تسليط ضوء جديد على كيفية وجود هؤلاء السكان في وقت مبكر كانوا يهاجرون ويستقرون فيه، في جميع أنحاء أميركا الشمالية."
وقد درس الفريق الدولي من الباحثين، بقيادة العلماء من جامعات كامبريدج وكوبنهاغن، الجينات الكاملة للرضع الأميركيين الأصليين القديمة. وقد تم العثور على بقايا الفتاة في موقع "أوبوارد صن ريفير" الأثري في ألاسكا في عام 2013، وقد أطلق عليها اسم "شاتشيتيانان"، أو "سون رايس تشيلد-جيرل"، من قبل المجتمع المحلي.
وعلى الرغم من أن الطفلة عاشت منذ حوالي 11500 عام، بعد وقت طويل من وصول الناس لأول مرة في المنطقة، فإن معلوماتها الجينية لم تتطابق مع أي من الفرعين المعترف بهما من أوائل الأميركيين الأصليين. ويشار إلى المجموعة التي كانت فيها الفتاة على أنها الشمالية، ويقيم معظمها في ما يعرف الآن في ألاسكا وكندا والولايات المتحدة. ويبدو أن الفتاة تنتمي إلى السكان الأصليين المتميزين تمامًا، والتي وصفوها "بيرينجيوس" القديمة.
وأظهرت تحاليل أخرى أن المجموعة انفصلت عن نفس السكان المؤسسين مثل مجموعات أميركا الشمالية والجنوبية من السكان الأصليين، ولكنها انفصلت عن تلك السكان في وقت سابق من تاريخها . وقال مؤلف الدراسة البروفيسور "إسك ويلرسليف" من جامعة كامبريدج. "إن ’بيرينجيوس‘ القديمة تنوعت بالأميركيين الأصليين الآخرين قبل أي من السكان الأصليين أو الذين يعيشون به حتى الآن"، وأضاف "هذه هي المرة الأولى التي لدينا الأدلة "الجينية" أن جميع الأميركيين الأصليين يمكن أن يرجع إلى مصدر واحد من السكان، عن طريق واحد، وبعدها حدث الهجرة والتأسيس".
وقارنت الدراسة البيانات في قصة صعود نهر أو عبورة مع كل من الجينات القديمة، والعديد من السكان في الوقت الحاضر، ووفقا للجدول الزمنى للباحثين، ظهر السكان الأميركيون الأصليون سلفًا كمجموعة منفصلة منذ حوالي 36 ألف عام في شمال شرق آسيا، بينما نفى البروفيسور ويلرسليف قائلا "أحد الجوانب الهامة لهذا البحث هو أن بعض الناس قد ادعى ان وجود البشر في الأميركتين يعود إلى وقت سابق إلى 30000 عام، 40000 عام، أو أكثر". وأضاف "لا يمكننا إثبات أن هذه الادعاءات ليست صحيحة، ولكن ما نقوله هو أنه إذا كانت صحيحة، فإنها لا يمكن أن تكون أسلاف مباشرة إلى الأميركيين الأصليين المعاصرين ".