أبو ظبي ـ سعيد المهيري
يهدد مرض السمنة حياة كثيرين لارتباطه بأمراض القلب والشرايين، وهو ما تؤكده إحصاءات هيئة الصحة في أبوظبي، التي جاءت وفق نتائج فحوص برنامج وقاية، وتشير إلى أن 36% من المواطنين في إمارة أبوظبي يعانون السمنة، و21% يعانون داء السكري، و36% لديهم ارتفاع في شحوم الدم، و17% مصابون بارتفاع في ضغط الدم، أما بالنسبة للمقيمين، فيعاني 20% منهم السمنة، و18% مصابون بالسكري، و18% لديهم ارتفاع في شحوم الدم و35% مصابون بضغط الدم المرتفع.
ويرى متخصصون أن السمنة يصاحبها فهم خاطئ لكيفية إنقاص الوزن، حيث إن العديد ممن لديهم زيادة في أوزانهم يعتقدون أن إنقاص الوزن هدفه تحسين المظهر فقط، وكثيرون ينجحون في فقدان الوزن بطرق غير سليمة تعتمد على أساليب غير علمية حيث تؤدي لنقصان الوزن إلا أنها تتسبب في أضرار بالغة بالصحة.
وينصح أطباء بضرورة اتخاذ كل شخص يعاني السمنة أو زيادة الوزن الخطوات الصحيحة لفقدان الوزن بشكل تدريجي لا يعتمد على نوع واحد من الأكل أو الأنظمة التي تسمى "الرجيم الكيميائي" أو تناول الأدوية التي تزعم الشركات التي تنتجها أنها تساعد في خفض الوزن وضبط الشهية والتحكم بها وهي غالباً تؤدي إلى آثار سلبية على صحة الإنسان وتؤدي إلى السرطان والسكتات القلبية والجلطات والذبحات الصدرية.
وتتسبب السمنة في العديد من الأمراض، حيث تظهر إحصاءات وزارة الصحة في أبوظبي، أن 16% من الطلاب يعانون زيادة الوزن، بينهم 14% يعانون البدانة، كما أن نسبة مرتفعة من الطلاب في مدارس إمارة أبوظبي لا تحصل على الحاجة الكافية من النشاط الرياضي والتغذية السليمة.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن مستوى النشاط البدني لدى الطلاب منخفض بشكل كبير، حيث إن 27,5% فقط من طلاب المدارس يمارسون النشاط البدني لمدة 60 دقيقة يومياً على خمسة أيام أو أكثر خلال الأسبوع، علاوة على العادات الغذائية غير السليمة وأن هناك 42% من الطلاب يتناولون المشروبات الغازية مرة واحدة أو أكثر في اليوم.
وكانت الوزارة قد أطلقت برنامجاً للفحص المبكر للبالغين والكشف عن عوامل الخطورة المصاحبة لأمراض القلب والشرايين والتحكم بها مبكراً لتقليل الإصابة بهذه الأمراض والوقاية منها.
ورصدت بعض مراكز التخسيس التي تنتشر في أبوظبي، حيث يقدمون خدمات فحص الوزن مجاناً مع كشف مبدئي على كتلة الدهون في الجسم من خلال جهاز مخصص لهذا الغرض من دون إجراء أي فحوص على الدم وحالة الجسم وضغط الدم أو ما يعانيه الإنسان من أمراض، وهناك مراكز أخرى تقدم برامج تعتمد على التغذية وجلسات شفط الدهون بأجهزة متطورة إلا أنها لا تعتمد بشكل أساسي على قدرة الجسم على حرق الدهون والسعرات الحرارية.
وتقدم بعض المراكز خدماتها نظير اشتراك سنوي يبدأ من 1500 درهم ويصل في بعض المراكز إلى 6000 درهم، حيث يقدم كتيب للوجبات على مدار اليوم، علاوة على بعض الأعشاب والمشروبات المنخفضة السعرات الحرارية، إضافة إلى جلسات لحرق الدهون من بعض مناطق الجسم، إلا أن كل ما سبق لا يستند إلى أساس علمي، حيث إنها سلسلة من الأنظمة الغذائية ولا تعتمد على الكشف الطبي والفحص المتخصص.
ويوصي أطباء وأخصائيو التغذية بأنه يتعين على كل شخص أن يقوم بتحليل دم كل ستة أشهر، لمتابعة نشاط الغدد والعناصر والمعادن التي يحتاج إليها الجسم مثل فيتامين "دي" و"بي 12" وقياس نسب الدهون الخبيثة والثلاثية والكوليسترول والعناصر الرئيسة التي إذا اختلت أو نقصت تؤثر سلباً على وظائف الجسم ومنها الكلي والكبد والبنكرياس والتي تؤدي في أحيان كثيرة إلى الإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة.
ويقول أستاذ الغدد الصماء ومدير مركز "إمبريال كوليدج – لندن" للسكري البروفسور كريم إن التمرين المنتظم واحد من أبسط الحلول لتحقيق اقتصاديات صحية والحدّ من معدلات البدانة، مضيفاً أنه على الرغم من بساطة الأمر، فإن التدريبات الرياضية المنتظمة تسهم في التخلص من السمنة، ومنع داء السكري والتحكم فيه. ويشير إلى أن رغم بساطة رياضة المشي السريع يومياً، فإنها قادرة بشكل كبير على الحدّ من فرص الإصابة بداء السكري، على أنه يكون التمرين فعالاً بشكل خاص في تقليص الخطورة عندما يكون جزءاً من ثلاثية ممارسة الرياضة المستمرة، واتباع نظام غذائي متوازن والمحافظة على الوزن الطبيعي للجسم.
وتنصح الدكتورة فرحانة لوتاه إخصائية طب باطني بمركز "إمبريال كوليدج – لندن"، الجمهور باتباع نظام غذائي لإنقاص الوزن يكون متكاملاً وصحياً ويحتوي على المجموعات الغذائية، مشيرة إلى ضرورة فحص الدم حتى يتم تصميم هذا النظام الصحي حسب الاحتياجات الخاصة للشخص، علاوة على أنه يجب المزاوجة بين الرياضة والنظام الغذائي الصحي، حيث إن الدراسات تشير إلى أن رياضة المشي السريع 30 دقيقة خمس مرات في الأسبوع تقي من السكر ومضاعفاته.
وتحذر من أن مرض السكري أحد أهم الأمراض الخطيرة التي يسببها زيادة الوزن والسمنة، مشيرة إلى أنه في داء السكري من النوع الثاني تظهر مقاومة الأنسولين نتيجة للسمنة، وفي الأشخاص المصابين بداء السكري، تبقى المستويات المرتفعة من الجلوكوز في مجرى الدم مما يتسبب في ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وتوضح أن من بين الأشخاص المعرضين لخطورة متزايدة للإصابة بداء السكري من النوع الثاني هؤلاء الذين لديهم تاريخ مرضي لداء السكري في عائلتهم، والذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، ومن لا يقومون بنشاط بدني دوري، ومن تتجاوز أعمارهم 40 عاماً، مشيرة إلى أن هناك زيادة في نسبة الإصابة بداء السكري من النوع الثاني لدى الكثيرين نتيجة لزيادة الوزن والسمنة وهذا عامل مهم في التسبب بالإصابة بداء السكري.
وتشير إلى أنه وفقاً لأطلس داء السكري الصادر عن الاتحاد الدولي لمرضى السكري عام 2013، فقد كان حوالي نصف العدد المقدر بـ382 مليون شخص من المصابين بداء السكري حول العالم لا يعلمون بمرضهم، وهذا يعني أن حوالي 175 مليوناً شخصاً لم يتم تشخيصهم، نظراً لصعوبة اكتشاف أعراض داء السكري، لافتة إلى أن هناك اتجاهاً مشابهاً في الإمارات، حيث يقدر الاتحاد الدولي لمرضى السكري أن ما يقرب من نصف المصابين بداء السكري لا يعلمون أنهم مرضى