الطب البديل

دفع توجه عدد من المرضى في السنوات الأخيرة، إلى التداوي عند الأخصائيين في الطب البديل، بالأطباء إلى التوجه نحو التخصص في هذا المجال، بعد اعتماده من طرف وزارة الصحة الجزائرية، وذلك بالتأسيس لمراكز تقدم خدمات طبّية أساسها الأعشاب أو الطاقة أو العلاج بالإبر الصينية، والتخلي عن مختلف العلاجات الكيماوية.

غير أن ارتفاع تكاليف التداوي لدى الأخصائيين في الطب البديل دفع بالأستاذة حياة بن عروس، أخصائية في علم الاجتماع الثقافي، إلى إثارة إشكالية التعويض عن تكاليف العلاج بالطب البديل، لتخفيف العبء عن المؤمنين اجتماعيا، بمناسبة مشاركتها مؤخرا، في أعمال الملتقى الوطني العلمي الثاني حول التشغيل والضمان الاجتماعي بجامعة الجزائر "2" (أبو القاسم سعد الله).

أشارت الأخصائية الاجتماعية على هامش الملتقى، إلى أنه من المفروض أن قانون الضمان الاجتماعي كخدمة، وجد لحماية وتأمين العمال، وهو ما يشير إليه الدستور في واحدة من مواده، التي تؤكد على أهمية التأمين على المرض، مشيرة إلى أن ما تعيشه الجزائر، على غرار باقي دول العالم من تطورات اجتماعية وثقافية، بسبب العولمة، نتج عنه دخول ما يسمى بالطب البديل، الذي بدأ في أول الأمر على شكل انسياق نحو تشجيع التداوي بالأعشاب.

وتقول "بالنتيجة حسب الدراسة التي قمت بها رفقة الأستاذة يمينة مختار، اتضح لنا أنه في السنوات العشر الأخيرة، أصبح الأطباء يتخصصون في الطب البديل، فنجد مثلا أن بعض الأطباء في الطب الباطني اتجهوا إلى تعلم خاصية الوخز بالإبر كنوع من الطب البديل، وبعض الأخصائيين في الأمراض الجلدية، إلى التخصص في الطب البديل كآلية علاجية، عوض التداوي بالأدوية الكيماوية".توجه الأطباء في الجزائر إلى التخصص في الطب البديل، وهو شيء جميل، حسب الأخصائية، غير أنه أثر بشكل سلبي على المواطن المؤمن اجتماعيا، الذي رغم فوائد مثل هذه العلاجات، إلا أنها تؤثر بشكل كبير على إمكانياته المادية.

وأوضحت  "أن مثل هذه العلاجات تحتاج إلى إنفاق مبالغ مالية كبيرة، تفوق في بعض الأحيان، إمكانيات المريض المؤمن اجتماعيا، فما بالك بغير المؤمن؟ الأمر الذي دفعنا إلى إجراء الدراسة والوقوف على حجم المعاناة التي يعيشها بعض المرضى، الذين حتم عليهم المرض ضرورة التداوي بالطب البديل، كبديل علاجي، إلى مطالبة مصالح الضمان الاجتماعي بضرورة جعل أدوية الطب البديل معوضة اجتماعيا، خاصة أنها تتطلب فترة طويلة من الزمن، حسب البرنامج العلاجي، وهو ما يتطلب مبالغ مالية باهظة قد تدفع بالبعض إلى التخلي عن العلاج، بسبب عجزهم عن تحمل النفقات".

من جهة أخرى، أوضحت الأخصائية أن وزارة الصحة اعترفت بالطب البديل كآلية علاجية، واعتمدته، بدليل أن الأطباء يتجهون إلى التخصص فيه، بالنظر إلى ما يقدمه من أرباح مادية، فما المانع، حسبها، من إدراج أدويته مثل بعض المكملات الغذائية، في قائمة الأدوية المعوضة، مشيرة إلى أنها لا تقصد التداوي بالأعشاب الذي يمارسه بعض الأشخاص غير الأخصائيين، من الذين يدعون المعرفة بالخصائص العلاجية لبعض أنواع النباتات، توضح "إنما أقصد كل ما يتعلق بالوخز بالإبر، الطب الغذائي أو التداوي بالطاقة، خاصة أن مثل هذه الطرق العلاجية أظهرت نتائج جد إيجابية في علاج بعض المرضى، من الذين يعانون من بعض المشاكل الصحية التي لا تستجيب للأدوية الصيدلانية".

غياب القوانين الواضحة التي تحكم التداوي بالطب البديل في الجزائر، دفع ببعض الأطباء إلى استغلال إن صح التعبير هذا المجال بالتخصص فيه، بالنظر إلى حجم العائد من تكاليف الحصة الواحدة، وفي المقابل، يعيش العامل المؤمن اجتماعيا في حالة من الصراع بين قبول التداوي بالطب البديل كعلاج ضروري لحالته، وعجزه عن تحمل كل نفقات الأدوية التي تكلفه مبالغ مالية في بعض الأحيان تفوق إمكانياته، خاصة ما تعلق منها بالطب الباطني، مشيرة إلى أنها تنظر إلى التأمين في الطب البديل على أنه من النقائص التي تشوب واقع التشغيل والضمان الاجتماعي، وترفع بالمناسبة، توصية إلى مصالح وزارتي الصحة والتشغيل والضمان الاجتماعي، لإعادة النظر في الطب البديل كآلية علاجية تتطلب تكاليف باهظة، مما يستدعي تعويض أدويتها، أو أن يتم سحبه كتخصص من الأطباء، حماية للمرضى، مشيرة إلى أن مسألة التعويض لا تقتصر فقط على العلاج الذي يقدمه الطب البديل، إنما يطرح أيضا إشكالية المسؤولية في حال وقوع خطأ طبي، والسؤال "على من تقع المسؤولية؟ من يتحمل تعويض المريض على هذا الخطأ، كحالة الوخز بالإبر؟ وهو ما يستدعي أخذ هذا الانشغال بعين الاعتبار".

قد يهمك أيضا:

تحذير طبي يؤكّد أنّ الخس والجزر لهما تأثير المخدرات على الأرانب

دراسة تؤكد أن التدخين يُسبّب ضعف قدرة الدماغ على مقاومة "ألزهايمر"