لندن ـ كاتيا حداد
سيتمكن فحص جديد مصمم للكشف عن العلامات المبكرة لسرطان الرئة والذي سيكون متاحًا في سنة 2017 من إنقاذ ألاف الأرواح، وسيخضع الفحص للتجارب السريرية في 17 مستشفى بريطاني بهدف إيجاد تكنولوجيا جديدة في العيادات في حلول نهاية العام المقبل.
وطور العالم بيلي بويل رقاقة الفحص بعد أن خسر بشكل مأساوي زوجته بسبب السرطان في عيد الميلاد عام 2014، واستخدم مؤسس شركة اولستون الطبية تكنولوجيا الاستشعار في الرقائق التي تحتوي على مواد كيميائية للكشف عن عدد من السرطانات، وينتج على سبيل المثال سرطان الرئة مواد كيميائية فريدة من نوعها ويمكن لهذه الفحص أن يعرف على هذه المركبات من زفير المريض.
ويمكن لهذا الفحص أن يكشف عن وجود المرض قبل وقت طويل من ظهور الأعراض مما يعزز من فرص النجاة، ويستطيع أن يعرف بوجود مواد عضوية محددة تتطاير مع النفس والتي سترتبط مع المركبات الكيميائية الموجودة في الفحص، وتعتبر التقنيات المستخدمة حاليا للكشف عن هذه المركبات مكلفة وبطيئة ومعقدة.
وصرح السيد بولي أن الجهاز ارخص من التكنولوجيات الموجودة; يمكن ان يصبح اداة صالحة للعمليات الجراحية، وأضاف " تستغرق المحللات الكيميائية نصف حجم الغرفة وبتكلفة نصف مليون دولار، ولكن هذا الفحص يمكننا من استخدام تكنولوجيا الشرائح الالكترونية لتقليل حجم الفحص كي يصبح بحجم الزر."
وتابع " وبمجرد أن ينتج الفحص من المصنع، يمكن استخدماه للكشف عن هذه الامراض." وأوضح أن أجهزة الاستشعار بالأصل تطورت للكشف عن المتفجرات والغازات السامة ولكن أعيد برمجتها لتحديد العلامات الكيميائية لأمراض سرطان الرئة فيما بعد.
وتشير منظمة الصحة العالمية أن سرطان الرئة يسبب وفاة 1.5 مليون شخص سنويا، وهو السبب الرئيسي للوفيات بالسرطان في أنحاء العالم، ويعيش حوالي 10% من المرضى أكثر من خمس سنوات ويعود ذلك الى تأخر تشخيص المرض.
وتكون العلامات الكيميائية لسرطان الرئة حاضرة في المراحل الاولى من المرض، وتشرح شركة اولستون الطبية ان الفحص الخاص بهم يمكنه الكشف عن هذه المواد في غضون دقائق، مما يعني ان العلاج الحالي يمكن أن يعزز فرص نجاة المرضى ونجاح العلاج.
وبدأ السيد بويل تطوير الفحص بعد وفاة زوجته كيت عن عمر 35 عاما بعض صراع مع مرض القولون، وكانت كيت أم لتوأمين هما اسحاق واوسكار وتعمل كمستشارة في شركة توني بلير وجوردون بروان قبل أن تأسس جمعية خيرية في أفريقيا، مضيفًا أن خسارة زوجته حفزته لمساعدة الاخرين في الحصول على تشخيص وعلاج مبكر، وقال أن الكشف المبكر عن المرض يمكن أن يؤدي الى نجاح العلاج الحالي، وأنه "يعتبر التحدي عند معظم الناس باكتشاف المرض في مراحل متأخرة، وأتت فكرة الفحص للكشف عن الاعراض المبكرة، ويعتبر المفتاح الرئيس لنجاح العلاج هو الاكتشاف المبكر عن المرض، لذلك نعتقد أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تحقق نتيجة جيدة."
ويمكن للجهاز الذي يجري تطويره على مدار 10 سنوات ان يتوقع ويحدد المواد الكيميائية المتعددة في التنفس حتى على تركيزات منخفضة للغاية، وعادة ما تكون أجزاء لكل مليار، ويستطيع المرضى ارتداء قناع التنفس وإجراء الفحص بشكل سهل لعدة دقائق بينما يجمع لوحده العينات، ويشير الكمتور روبرت رينتول من مستشفى بابرووث في كامبريدج التي يجري فيها اختبار الخص أن الفحص السريع يمكن أن يكون اداة مهمة في يد الاطباء للمساعدة في تحديد المخاطر العالية للمرضى والتي ينبغي أن تحال للاختبار في المستشفي.
وأكد " اذا كان الانسان يعاني من سرطان الرئة فان رئتيه ستنتجان مجموعة من المواد الكيميائية بكميات قليلة ودقيقة، وهذا الفحص يمكن ان يجمع تلك العينات وان كانت ضئيلة ويحللها، وفي الواقع انها قليلة مثل بصمات الاصابع، وإذا كان الانسان يعاني من سرطان الرئة فهذا الفحص يتيح لنا فرصة التأكد في المراحل الاولى." وسيجري اختباره في 16 مستشفى أخرى في أكبر اختبارات من هذا النوع أجريت من أي وقت مضى.
وستشمل الاختبارات أكثر من 3000 شخص مقرر أن يخضعوا لاستخراج خزعة بسبب الشك في وجود سرطان الرئة، وقبل أن يخضعوا للخزعة ستجمع عينات التنفس لهم، وفور ظهور نتائج الخزعة سيكون الاطباء قادرين على التحقق من صحة العلامات الكيميائية التي كشف عنها الفحص وأشار بأنها سرطان الرئة، مضيفًا:" بدأنا اليوم في اختبار الجهاز في العيادات وعلى المرضى الذين يأتون لإجراء أنواع مختلفة من الاختبارات وسنرى اذا كانت النتائج ستتطابق، وستنشر النتائج التي ستؤدي الى بداية استخدام اختبارنا في العيادات."
وأضاف أن أجهزة الاستشعار يمكن ان تستخدم مباشرة من قبل المريض اذا عدلت التكنولوجيا في جهاز المحمول باليد أو لتصبح مبنية على الهاتف الذكي الخاص به، وأوضح " التكنولوجيا المستخدمة حاليًا صغيرة بشكل كبير لذلك ليس من الصعب أن نتصور كيف يمكن أن يستخدمه المريض مباشرة حتى يتمكنوا من فحص أنفسهم ويعرفوا مصائرهم."
وتشير الإحصاءات في بريطانيا إلى وجود 45 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة كل عام، وتكلف نظام التأمين الصحي 2.5 مليار جنيه إسترليني، وتهدف الشركة المصنعة إلى انقاذ 10 الف روح من المصابين الجدد، وتوفر 245 مليون جنيه سنويًا من خلال الكشف المبكر باستخدام هذه التكنولوجيا.