فيروس كورونا

بدأ الدخول الاجتماعي هذه السنة بسبب فيروس كورونا المستجد، على غير العادة حيث لم تفتح المدارس والجامعات الجزائرية أبوابها للتلاميذ والطلبة، ولم يحدد موعد حصص التدريس، وبقيت الدراسة معلقة إلى أجل غير مسمى..“لن نغامر بأولادنا” عبارة قالها الوزير الأول عبد العزيز جراد، لأن “كوفيد 19” بات يتحكم في مصيرنا والوقاية منه تبقى قائمة، وخوف الأولياء والتلاميذ لم يعد يتعلق بالفيروس فقط، بل من موسم دراسي تلوح ضبابيته في الأفق، وبات الاضطراب والقلق يتجسد في السلوك ويدفع إلى العنف ويثير مشاكل أخرى وسط العائلات الجزائرية، وخاصة أن أبناءهم في دوامة وتحت قبضة الفراغ القاتل والانتظار الرهيب.
وفي السياق، قال البروفسور وناس امزيان رئيس قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطوفونيا في جامعة باتنة “1”، إن الاضطراب النفسي لدى التلاميذ والطلبة، بدأ عندما توقف التعليم فجأة، حيث كان الجزائريون يسمعون عن كورونا، ولكن لم يولوه أهمية إلا بعد أن انتشر في بلادهم، وأصبحوا تحت وطأة ضغوطات نفسية حتمية.
وأكد المتحدث أن التلاميذ والطلبة عاشوا خلال مرحلة الحجر المنزلي، اهتماما صحيا أنساهم الاهتمام بالدراسة، حيث تفرغوا للمحافظة على صحتهم وصحة عائلاتهم، ومن هنا تولد لديهم عدم الثقة بالنفس، تلتها عدم ثقة في الاستمرار في الدراسة، وهيمن على عقولهم كثرة التواصل الاجتماعي والأخبار الزائفة، والكاذبة، ويشير البروفيسور إلى أن معظم المراهقين تأثروا تأثرا بليغا بالأخبار المكثفة والكاذبة عبر منصات التواصل الاجتماعي وخاصة المتعلقة بالدراسة وموعدها.

ثورة عدوانية وتخوف من عودة قوية للآفات الاجتماعية
يرى البروفسور وناس امزيان، أن تأجيل الدخول المدرسي وعدم تحديد موعده وارتباطه بفيروس كورونا، ولد عند شريحة واسعة من التلاميذ والطلبة، حالة قلق نفسي، وثورة عدواني ساهمت حسبه، في عودة بعضهم إلى تعاطي المخدرات والتدخين، وهذا لقتل الفراغ الكبير، حيث لم تصبح العطلة المدرسية ذات معنى.
ولكن حسب امزيان، فقد لعبت الامتحانات المصيرية وهي”البيام” و”الباك”، دورا مهما حيث حافظت إلى حد ما على اهتمام المترشحين لها، بالدراسة والشعور بأريحية بمجرد اقتراب موعدها، في الوقت الذي يعيش فئة من التلاميذ والطلبة، حالة انفصام فهم بين التفكير في مصيرهم وعدم الرغبة في العودة إلى الدراسة.
وأكد وناس امزيان أن القيمة الدراسية والتحضير للدخول المدرسي تراجعت بصفة اجتماعية رسمية عائلية، ولم يعد الاهتمام حتى من طرف أصحاب مكاتب ومحلات بيع الأدوات المدرسية، وتجارها، الذين يعرضون هذه الأيام كميات بطريقة شحيحة ولا تتوفر عن جميع ما يحتاجه التلاميذ، وكأنهم يعلنون عدم العودة إلى المؤسسات التربوية.
 
تأخر الدخول المدرسي قد يأتي برياح التغيير
ومن جهتها، قالت الأستاذة مليكة قريفو مختصة في علم النفس التربوي واللغوي، وإطار سابق في وزارة التربية، إن المدرسة الجزائرية أصلا لا تملك وسائل التحفيز وزرع الرغبة في نفوس التلاميذ، وإن الافتقاد لهذه الخاصية ساعد مع جائحة كورونا وتأخر العودة للدراسة، في اللااهتمام بهذه الأخيرة عند شريحة واسعة من التلاميذ.
وأبدت قريفو تفاؤلها الشديد لمستقبل آخر للمدرسة الجزائرية وطرق التعليم، وخاصة أن مدة الغياب عن هذه المؤسسة التربوية، ساعد حسبها، في إعطاء مهمة للتفكير في سلبيات التعليم في الجزائر، مضيفة أن 50سنة والكثير من الخبراء والمختصين يتحدثون في فراغ ودون أي جدوى وجاء اليوم لمراجعة بعض النقائص.
واستبعدت أن يكون عدم تحديد موعد الدراسة، مسببا لحالة القلق عند التلاميذ حيث ترى أن العائلة هي من تعيش هذا القلق، لأن أبناءهم لا يملكون الرغبة لأسباب سابقة عن مرحلة فيروس كورونا، تتعلق حسبها، بالمناهج وطرق تلقين الدروس واكتظاظ الأقسام، وعدم خضوع المؤسسات التربوية للأهداف العالمية.

التعليم عن بعد هو البديل
ويطرح البروفسور وناس امزيان حلولا يراها عملية ومناسبة للظرف الاستثنائي ولمستجدات العالم الحديث، حيث قال إن الرجوع إلى التعليم عن بعد هو البديل وذلك من خلال منصات التدريب للأساتذة والتلاميذ والطلبة، واستغلال موقع”زوم” و”غوغل متينغ”، هذا الأخير الذي يوفر فيديوهات المحاضرات كبديل جاهز.
ولكن حسب البروفسور امزيان، فإن مشكل الانترنت يبقى مطروحا مع بعض التلاميذ والطلبة الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على هذه الخدمة، رغم أن بعضهم يملك هاتف تصل قيمته إلى 7 ملايين سنتيم.
ودعا المختص، إلى حل مشكل تدفق الانترنت، موضحا أن التعليم عن بعد قد يمكن استيعاب الدروس بنسبة 50 بالمائة فقط لدى التلاميذ، ويمكن حل المشكل بتسجيل الدروس والمحاضرات ونشرها عبر موقع خاص بالمؤسسة التربوية أو الجامعة.

قد يهمك ايضا:

تفاصيل استعداد المدارس الأمريكية للعمل في زمن "كورونا" 

"قصة" تدخل الجيش الأميركي ضد العنصرية والسماح لـ"السود" بالدراسة