كانبيرا - ريتا مهنا
كشفت دراستنان منفصلتان أن النحل ربما يكون حشرة صغيرة لكنها أكثر ذكاء عما نعتقد، وبعيدا عن كونها آلات لجمع حبوب اللقاح، فالنحل مثل البشر يسيطر عليه رغباته. وبيّن الباحثون أن الوعي لدى البشر يأتي مما يسمى العقل الوسطي، وتضم الحشرات نفس الهيكل العقلي مع اختلاف أدمغتها عن البشر، ويقوم العقل الوسطي بجمع الخبرات الخارجية من حواسنا مع التجارب الداخلية، ويقول مؤلفو الدراسة إن النحل لا يتصرف فقط بأحاسيسه المباشرة لكنه يقوم بخيارات موضوعية تغير سلوكه.
وذكر الباحثون من جامعة "ماكواري" في سيدني أن " النحل حشرة لها قدرات معرفية وتنافس في ذلك العديد من الثدييات، ودون النظر إلى الآليات الكامنة ربما ينظر لذلك باعتباره أكثر من مجرد فضول"، وأوضح الباحثون أن سلوك الطيران وجمع حبوب اللقاح يعد صعبا للغاية ويتطلب وعيا للتوفيق بين كافة المطالب المتباينة للحشرات، وبيّن مسح أدمغة الحشرات أنها لا تستجيب فقط إلى المدخلات الحسية الأولية بل بالخصائص الأنوية أيضا.
وكتب الباحثون " تتوقف استجابة النحل على ما يتعامل معه في تلك اللحظة، وتشكلت الأنظمة التي تكمن وراء ذلك من خلال الضغوط التطورية المماثلة لتلك التي شكل المخ الوسطي للثدييات، حيث يقوم عقل الحشرة بعمليات مماثلة لنفس الأسباب".
وكشف الباحثون عن أن مسألة الوعي في المخلوقات غير البشرية مثيرة للجدل. ويجادل البعض بأن الشمبانزي يمتاز بالوعي إلا أن الحشرات لديها تجارب موضوعية بشكل أكبر عن قنديل البحر على سبيل المثال، موضحين أن " النباتات لا تملك الوعي إلا أن قنديل البحر يملك هذه الميزة، وما يزال التفريق بين الوعي واللاوعي قضية مثيرة للجدل".
وكشفت دراسة منفصلة نشرت في مجلة Journal of Insect Behavior أن النحل يستخدم الطنين لهز الزهور لاستخراج حبوب اللقاح منها، ومع مرور الوقت تعلم النحل كيفية تحسين حبوب اللقاح التي يتم جمعها، وأجري البحث بواسطة عالم الأحيار التطوري ماريو فلاجيو مارين من كلية العلوم الطبيعية في جامعة ستيرلنغ وزملائه، وذكر الدكتور ماريو " درسنا النحل الأسير منذ تعرضه للزهور التي تحتاج إلى هزها لاستخراج حبوب اللقاح، ووجدنا أن الحشرة تبدا في الاهتزاز بالفعل، وكشفنا أن النحل قادرعلى تخفيض اهتزازاته لتوفير الطاقة".
وتابع ماريو " يميل النحل إلى الاهتزاز على بتلات الزهور، ولكن بعد زيارتين أو ثلاثة يركز النحل جهوده على المنطقة التي تنتج حبوب اللقاح، ما يدل على القدرة الواسعة للحشرات لتعلم المهارات الحركية المعقدة لتعظيم مكافأتهم من كل زهرة، وتشير نتائج دراستنا إلى أن النحل تعلم الحد من وتيرة اهتزازاته التي يستخدمها لاستخراج حبوب اللقاح في ظل اكتسابه المزيد من الخبر في السيطرة على الزهور التي تتطلب اهتزازات لإطلاق حبوب اللقاح".