واشنطن ـ رولا عيسى
كشف الباحثون أن الكاميرات في المستقبل يمكنها أن ترى من خلال الجدران بمساعدة الليزر، مما قد يؤدي إلى جيل جديد من "هواتف التجسس"، ودرس أستاذ تكنولوجيا الكم في جامعة غلاسكو، دانييل فاسيو، ورئيس كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية في جامعة هيريوت وات، ستيفن ماكلولين، التقنيات التي يمكن أن تدعم ثورة أكبر من تكنولوجيا الكاميرا، حيث أشارا إلى أنّ "الشخص يكون مسرورًا بتكنولوجيا الكاميرا في أحدث هاتف ذكي له، والتي يمكنها التعرّف على وجهه والتقاط فيديو بحركة بطيئة بصورة فائقة الوضوح، لكن هذه الانجازات التكنولوجية ليست سوى بداية لثورة أكبر جارية، فأحدث بحوث الكاميرا يتحوّل بعيدًا من زيادة عدد الميغا بكسل نحو دمج بيانات الكاميرا مع المعالجة الحسابية، ومن خلال ذلك، نحن لا نقصد أسلوب فوتوشوب من المعالجة حيث يتم إضافة الآثار والمرشحات إلى الصورة، ولكن بدلا من ذلك نهج جديد جذري حيث قد لا تبدو البيانات الواردة في الواقع وكأنه صورة على الإطلاق، يصبح فقط صورة بعد سلسلة من الخطوات الحسابية التي غالبًا ما تنطوي على الرياضيات المعقدة ونمذجة كيف ينتقل الضوء من خلال المشهد أو الكاميرا، هذه الطبقة الإضافية من المعالجة الحسابية تحررنا بطريقة سحرية من سلاسل تقنيات التصوير التقليدية، ففي يوما ما قد لا تحتاج حتى للكاميرات بالمعنى التقليدي أكثر من ذلك، بدلا من ذلك سوف نستخدم كاشفات الضوء التي فقط قبل بضع سنوات لم ننظر لها لأي استخدام للتصوير، وسوف تكون قادرة على القيام بأشياء لا تصدق، مثل الرؤية من خلال الضباب، وداخل جسم الإنسان وحتى وراء الجدران".
وأحد الأمثلة المبالغ فيها هو كاميرا بيكسل الأحادية، والتي تعتمد على مبدأ بسيط جميل، حيث تستخدم الكاميرات النموذجية الكثير من وحدات البكسل (عناصر استشعار صغيرة) لالتقاط مشهد يحتمل أن يكون مضيئا بمصدر ضوء واحد، ولكن يمكنك أيضا أن تفعل أشياء بطريقة أخرى، التقاط المعلومات من العديد من مصادر الضوء مع بكسل واحد، للقيام بذلك تحتاج إلى مصدر الضوء مُحكم، على سبيل المثال جهاز عرض بيانات بسيط ليضيء المشهد ببقعة ضوء واحدة في وقت واحد أو مع سلسلة من أنماط مختلفة، لكل بقعة إضاءة أو نمط، قم بقياس كمية الضوء المنعكسة وأضف كل شيء معا لخلق الصورة النهائية، ومن الواضح أن العيب من التقاط صورة بهذا النمط هو الطريقة التي ينبغي عليك بها إرسال الكثير من بقع أو أنماط الإضاءة من أجل إنتاج صورة واحدة (والتي سوف تأخذ لقطة واحدة فقط باستخدام الكاميرا العادية)، ولكن هذا الشكل من التصوير يسمح لك بإنشاء كاميرات مستحيلة، على سبيل المثال التي تعمل في أطوال موجية من الضوء خارج الطيف المرئي، حيث لا يمكن إجراء أجهزة كشف جيدة في الكاميرات، ويمكن استخدام هذه الكاميرات لالتقاط الصور من خلال الضباب أو الثلج الساقط، أو أنها يمكن أن تقلد عيون بعض الحيوانات وتقم تلقائيا بزيادة دقة الصورة (كمية التفاصيل التي تلتقطها) اعتمادا على ما هو موجود في المشهد، بل إنه من الممكن التقاط صور من جزيئات خفيفة لم تتفاعل أبدا مع الشيء الذي نريد تصويره، وهذا من شأنه أن يستفيد من فكرة "التشابك الكمومي"، أن اثنين من الجسيمات يمكن أن تكون مرتبطة بطريقة ما يعني أن ما يحدث لأحد يحدث للآخر، حتى لو كانت هناك مسافة طويلة بعيدا، وهذا لديه إمكانيات مثيرة للاهتمام للنظر في الأشياء التي قد تتغير خصائصها عندما تتعرض للإضاءة مثل العين، فعلى سبيل المثال، هل تبدو شبكية العين هي نفسها في الظلام كما في النور؟
ويمثّل التصوير وحيد البكسل أحد أبسط الابتكارات في تكنولوجيا الكاميرا المقبلة ويعتمد ذلك، على المفهوم التقليدي لما يشكل صورة، ولكننا نشهد حاليا زيادة في الاهتمام بالنظم حيث تستخدم الكثير من المعلومات، ولكن التقنيات التقليدية تجمع فقط جزءا صغيرا منها، من هنا يمكننا أن نستخدم نهج متعدد الاستشعار الذي ينطوي على العديد من أجهزة الكشف المختلفة والتي تشير إلى نفس المشهد، وكان تلسكوب هابل مثالا رائدا على ذلك، وهو ينتج صورا مصنوعة من توليفات من صور مختلفة عديدة مأخوذة بأطوال موجية مختلفة، كما يعمل الباحثون بجدية على مشكلة الرؤية من خلال الضباب، والرؤية من خلف الجدران، وحتى التصوير العميق داخل جسم الإنسان والدماغ، كل هذه التقنيات تعتمد على الجمع بين الصور مع النماذج التي تفسر كيف ينتقل الضوء من خلال أو حول مواد مختلفة، وهناك نهج آخر يسترعي الاهتمام الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعلم إدراك الأشياء والتعرف عليها من البيانات، هذه التقنيات مستوحاة من عمليات التعلم في الإنسان في دماغ الإنسان، ومن المحتمل أن تلعب دورًا في نظم التصوير المستقبلية.