واشنطن ـ يوسف مكي
يساعد جُسَيّم دون ذري أشبه بالأشباح تم التقاط صوره له على الأرض أخيرًا في حل لغز كوني ترك العلماء في حيرًة لأكثر من قرن من الزمان, وتم اكتشاف النيوترينو ذي الطاقة العالية - وهو الأول من نوعه الذي تم اكتشافه على الإطلاق – على بعد أربعة مليارات سنة ضوئية من مصدره، وهي مجرة إهليلجية بعيدة ذات فجوة سوداء ضخمة في قلبها تنبعث نفاثات من الضوء والإشعاع موجهة مباشرة إلى الأرض.
كانت هذه المجرة، المعروفة باسم "بلازار"، أي نجم زائف متوهج, الدليل الدامغ الذي قاد علماء الفلك إلى كشف لغز 100 عام بشأن أصل الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية, فهذه الأشعة، التي تتكون من جسيمات أولية سريعة الحركة، تمطر بوابل على الأرض من الفضاء وتشكل تهديدًا لروّاد الفضاء، وكذلك أطقم وركاب الرحلات الجوية التجارية.
يدّعي العلماء أن اكتشاف الجسيمات الشبيهة بالأشباح، والتي تنفجر من بلازار قبل تشكل الأرض، يمكن أن يوفر طريقة جديدة تمامًا للنظر إلى الكون, ويشير اكتشاف النيوترينو، المنشور في مجلة Science العلمية، إلى أصل واحد محتمل، وهو نفاثات قوية من الجسيمات المسرعة التي تطلق من أقطاب الثقوب السوداء الهائلة سريعة الدوران, وحتى الآن، كان أصل الأشعة الكونية عالية الطاقة لغزًا للعلماء.
و يمكن أن توفر أحدث النتائج طريقة جديدة للتحديق في أعماق الكون ,بعيدًا عن الأشعة الكونية، مثل اكتشاف موجات الجاذبية في العام 2016، فيمكن أن تكون النيوتروينات رسول جديد، تحمل الطاقة عبر الكون, وتلك النيوترونونات التي تسمى "ثالث رسول"، تتبع البروتونات الخفيفة وموجات الجاذبية, ولقد تم الكشف عن نيوترينو عالي الطاقة لأول مرة في 22 سبتمبر/أيلول 2017 من قبل مرصد IceCube، حيث غرقت منشأة ضخمة على بعد ميل أسفل القطب الجنوبي.
والتقطت شبكة بها أكثر من 5000 جهاز استشعار حساس للغاية إشعاع شيرينكوف الأزرق المميز المنبعث عندما تفاعل النيوترين مع الجليد, وبعد أن لم يكن هناك أي كتلة أو مرور عبر الكواكب والنجوم وأي شيء آخر في طريقه، سافر الجسيم في خط مستقيم من نقطة نشأته إلى الأرض, ونتيجة لذلك، تمكن علماء الفلك من تتبع مساره عبر مليارات السنوات الضوئية إلى مصدره المحتمل.
جعلت أخبار الكشف علماء الفلك في نوبة من النشاط كما تم توجيه التلسكوبات بسرعة في الاتجاه المقترح, و أدى البحث إلى اكتشاف بلازار، وهي طبقة خاصة من المجرة تحتوي على ثقب أسود فائق الكتلة على بعد أربعة مليارات سنة ضوئية، على يسار كوكبة الجبار أو كما كانت تعرف قديمًا بالجوزاء.
إحدى السمات الرئيسية لـ بلازار هي نفاثات ثنائية الضوء والجسيمات الأولية التي تُطلق من أقطاب كتلة المواد المحيطة بالثقب الأسود, ويعتقد أن النيوترينو الذي اكتشفه مرصد IceCube تم إنشاؤه بواسطة الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية من النفاثات التي تتفاعل مع المواد القريبة.
وقال البروفيسور بول أوبراين، وهو عضو في الفريق الدولي لعلماء الفلك من جامعة ليستر، "نادرًا ما يتفاعل النيوترونوس مع المادة, إن اكتشافه في الكون أمر مدهش، ولكن الحصول على مصدر محتمل محدد هو انتصار", وأضاف: "سوف تسمح لنا هذه النتيجة بدراسة مصادر الطاقة الأكثر بعدًا وقوةً في الكون بطريقة جديدة تمامًا."