واشنطن ـ رولا عيسى
استخدم الباحثون حاسب آلي فائق القدرات في محاكاة صورة الكون كاملة، بعد أن أعدوا فهرسًا يضم نحو 25 مليار مجرة افتراضية من ترليوني جسيم رقمي، ووفقًا لما ذكر موقع "الديلي ميل" البريطاني، يُستخدم الفهرس لقراءة نتائج التجارب التي سيجريها القمر الاصطناعي إقليدس حين يُطلق في عام 2020 لدراسة طبيعة الكون المظلم.
واستغرقت محاكاة الكون التي قام بها باحثون في جامعة زوريخ السويسرية ثلاثة أعوام لإنجازها، حيث صمموا في مجرى العملية شفرة ذات دقة غير مسبوقة لدراسة ديناميات المادة الداكنة ونشوء منظومات كبرى في الكون، تتألف نحو 5 في المئة من الكون من مادة معروفة مثل الذرات والجسيمات دون الذرية، في حين أن الـ 95 في المئة الأخرى من كوكبنا "داكن".
وتتألف 23 في المئة أخرى من الكون من مادة داكنة لا تُرى مباشرة بالتلسكوبات، ولكن الفلكيين يعرفون أنها موجودة بسبب تأثيراتها الجاذبية على المادة التي نراها، فيما تتكون الـ 72 في المئة الأخرى من الكون الداكن من "طاقة داكنة"، والطاقة الداكنة شكل مجهول من أشكال الطاقة يُعتقد أنها تتخلل الفضاء كله وتقف وراء توسع الكون.
ووفقًا للعلماء، فإن الشفرة التي استخدموها مصممة لاستثمار القدرة التحليلية لكومبيوترات فائقة في مركز الحوسبة الوطني السويسري إلى الحدود المثلى، واستُخدمت الشفرة على الكومبيوتر لمدة 80 ساعة لإنشاء كون افتراضي من ترليوني جسيم مجهري تمثل المادة الداكنة في حالتها المائعة، واستُخرج منها فهرس يضم 25 مليار مجرة افتراضية.
وحاكت حسابات الباحثين التي تتضمن مائع مادة داكنة ينشأ بتأثير جاذبيته الخاصة، تكوين تركيزات صغيرة من مادة تُسمى هالات المادة الداكنة، ويعتقد العلماء أن مجرات مثل درب التبانة تشكل هذه الهالات، موضحين أن التحدي الذي تطرحه محاكاة الكون هو بناء نماذج مجرات صغيرة إلى حد عُشر درب التبانة في حجم واسع سعة كوننا المنظور، وهذه إحدى مهمات القمر الاصطناعي أقليدس الذي ستطلقه وكالة الفضاء الأوروبية لاستكشاف "الجانب المظلم من الكون".
وقال البروفيسور رومان تيسيير، أستاذ الفيزياء الفلكية الإلكترونية في جامعة زوريخ الذي شارك في الدراسة "أن طبيعة الطاقة الداكنة تبقى من الألغاز الكبيرة التي ما زالت بلا حل في العلم الحديث"، فيما يرى الباحثون أن هذا اللغز لا يمكن أن يُحل إلا بالرصد غير المباشر.
وحين يلتقط القمر إقليدس ضوء مليارات المجرات في مناطق شاسعة من الفضاء، سيقوم الفلكيون بقياس التشوهات الدقيقة التي تظهر من انحراف الضوء الآتي من هذه المجرات الخلفية بتوزيع الكتلة توزيعًا أماميًا غير مرئي، أي المادة الداكنة.
وأُعد الفهرس الجديد للمجرات بهدف مساعدة القمر إقليدس في إستراتيجية الرصد هذه وتقليل مصادر الخطأ قبل أن يبدأ في عام 2020 مهمته التي تستمر 6 أعوام، وذكر العلماء أن إقليدس سيرسم خريطة مقطعية للكون عائدًا في الزمن إلى ما يربو على 10 مليارات عام من النشوء في الكون.
وسيستخدم العلماء بيانات القمر في الحصول على معلومات عن طبيعة الطاقة الداكنة الغامضة ويأملون أيضًا باكتشاف فيزياء جديدة تتخطى النموذج المتعارف عليه، مثل التوصل إلى صيغة معدَّلة للجاذبية العامة أو نوع جديد من الجسيمات.