الدوحة ـ قنا
محسن بوكشيشة -نجم منتخبنا الوطني للسنوكر- قصة كفاح قطرية على مدار تسعة عشر عاما، توجها بالعديد من الألقاب والبطولات والميداليات في مختلف البطولات التي شارك فيها تحت راية العنابي، وكان أهمها وآخرها الحصول على المركز الثالث والميدالية البرونزية في بطولة العالم للسنوكر التي أقيمت في مدينة شرم الشيخ بمصر خلال الشهر الماضي، وقصة بوكشيشة مليئة بالعديد من الكبوات والمطبات الصعبة التي زادته صلابة وقوة وأعادته أفضل من السابق، وحرصت (الشرق) على حوار نجمنا العالمي بعد أن نال قسطا من الراحة عقب منافسات قوية وصعبة استحق عليها الإشادة بعد أن أثبت وجوده وحمل لواء السنوكر العربي في هذا المونديال، خاصة أنه ليس اللاعب العربي الوحيد الذي صعد لمنصة التتويج بل كان اللاعب العربي الوحيد الذي تأهل لدور الــ32 وتحمل عبء الدفاع عن السنوكر العربي وسط أبطال ونجوم العالم، لمعرفة تفاصيل القصة من البداية للنهاية من خلال السطور التالية، وكانت هذه المحصلة.
قبل أن أتحدث عن البداية لابد أن نصل إلى آخر القصة أولا، بمعنى أنني أتشرف بإهداء المركز الثالث على العالم والميدالية البرونزية لسمو أمير البلاد المفدى الذي يدعم كل قطري في شتى التخصصات ومجالات الحياة وليس الرياضة فقط، ولهذا فإن الشباب القطري مبدع في كافة المجالات بدون استثناء، ولم أكن لأحقق هذا الإنجاز لولا توفير كافة الإمكانيات، ولا أبالغ إذا قلت أن كل الرياضيين في العالم يحسدوننا على ما نجده من مساندة ودعم من دولتنا تحت قيادتها الرشيدة.
الإصابة هي السبب فقد كنت لاعبا لكرة القدم في نادي السد في فترة ضاحي النوبي وأحمد الأنصاري وتعرضت للإصابة بكسر مضاعف منعني من الاستمرار في كرة القدم، فاتجهت إلى رياضة السنوكر وكان عمري وقتها 17 عاما وتحديدا في عام 1995 لأن بيتي كان به طاولة البليارد ومارستها في المنزل ثم اتجهت إلى النادي والاتحاد ومنذ ذلك الحين وأنا أمارسها كهواية حتى احترفتها تماما في عام 2001، ولست نادما على هذه الخطوة بالرغم من الخسائر التي تعرضت لها على مستوى الحياة الشخصية والعملية.
يكفي أن أقول إنني اضطررت لترك دراستي بالجامعة ووافقت على الانتساب لجامعة في الخارج حتى لا أبتعد عن صفوف المنتخب الوطني والمشاركة تحت لواء علم قطر لتحقيق الانتصارات والبطولات، ولم يتوقف الأمر على الدراسة فقط بل في العمل أيضاً فاضطررت إلى العمل في وظيفة داخل الاتحاد حتى أتفرغ للسنوكر، وهذا القرار جعلني أخسر ما لا يقل عن عشرة آلاف ريال شهريا بالإضافة إلى العديد من المزايا الأخرى التي تتعلق بالوظائف الحكومية وكل هذا من أجل وطني قطر.
على العكس، بل سعيد للغاية لأنني عندما أشعر أن بلدي تحتاجني أن أمثلها فهو قمة الفخر والسعادة لي لأنه نجاح لا يوازيه أي نجاح في الحياة، وذلك بالرغم من أن الخسائر لا تتوقف على النواحي المادية فقط، ولكن تمتد أيضاً للجوانب العائلية، فأنا أضطر إلى الابتعاد عن أسرتي وأبنائي فترات طويلة ما بين المعسكرات والمشاركة في البطولات الخارجية على مدار السنة، وبالرغم من كل هذا فإن عودتي إلى الوطن بميدالية أو إنجاز أحققه لقطر وأبنائي ينتظروني في المطار للاحتفال بهذا الإنجاز يعوضني عن كافة النواحي الأخرى من سلبيات وأضرار، ويجعلني أنسى كل ما أتحمله من مشقة وتعب.
لا أخفي سرا، إذا قلت لك إنني عندما بدأت منافسات البطولة في مصر شعرت بنوع من التحدي بيني وبين نفسي رغبة مني في أن يرتفع علم قطر فوق منصة التتويج، وليس هذا فحسب، بل كنت أتحدث مع مسؤولي الاتحاد القطري يوميا مثل محمد الرمزاني رئيس الاتحاد ومحمد سالم النعيمي أمين السر العام، وقلت لهما إنني لن أعود للدوحة إلا بكأس البطولة، وبالفعل كنت قريبا للغاية لولا عدم التوفيق الذي لازمني في الدور قبل النهائي، ولكني في النهاية سعيد لأني وفيت بوعدي ورفعت علم قطر في اليوم النهائي من البطولة من خلال الحصول على برونزية العالم لأول مرة في التاريخ.
دعنا نتكلم بصراحة، فأنا عمري الآن 38 وأمامي عامان أو ثلاثة أعوام على أقصى تقدير وأعلن اعتزالي، ولهذا لن أدخر أي جهد في أن أزيد من الإنجازات والبطولات التي يمكن إحرازها لقطر في كل البطولات التي سأتمكن خلالها من تمثيل منتخبنا الوطني لاسيما أنني لابد أن أمنح كل جهدي وطاقتي لبلدي التي توفر لي كافة الإمكانيات والدعم من أعلى مستوى في الدولة.
من يتابع مسيرة اللعبة في بلدنا خلال السنوات الأربع الأخيرة سيلحظ مدى الإنجازات التي تتحقق كل موسم على صعيد البطولات الدولية، فقد كان البليارد القطري اللعبة الوحيدة التي أحرزت ميدالية في قطر بدورة الألعاب الآسيوية داخل الصالات بفيتنام، وحصلنا على لقب أبطال العرب وأبطال الخليج، وتأهل لاعب مثل أحمد سيف للعب في بطولات المحترفين على مستوى العالم، بصراحة إننا نسير إلى العالمية بدون مبالغة وهذه حقيقة.
سبب هذه النجاحات شيئان لا ثالث لهما، أولهما التراكمية بمعنى أن كل مجلس إدارة يأتي ليبدأ من حيث انتهى من سبقوه، ولا يبدأ من جديد، بالإضافة إلى روح الأسرة الواحدة والعمل كفريق جماعي ولا يمكن أن ننسى دور عبد العزيز بن خليفة العطية ومن تلوه وكذلك محمد سالم النعيمي أمين السر الحالي ومبارك الخيارين رئيس الاتحاد الآسيوي للسنوكر، ومعهما محمد الرمزاني رئيس الاتحاد القطري.
من المؤكد أني لم أعرف الندم على قرار اتخذته، ويكفيني فخرا ما أحققه لوطني فهذا تاريخ أفتخر به أنا وأبنائي بل وأفراد عائلتي بالكامل، لا يوجد أفضل من أن يرفع الإنسان قدر وطنه، ومازال لدي الطموح لتحقيق من البطولات والإنجازات بإذن الله.
أكد محسن بوكشيشة أن نجله عبد العزيز يمارس كرة القدم وهو في فرق البراعم في نادي السد، وعشقه للسد لا حدود له لدرجة أنه في كل موسم يذهب مع الفريق الأول لكرة القدم في قلعة الزعيم لمتابعة فترة الإعداد في المعسكر الخارجي، وسافر الموسم الماضي إلى ريال مدريد، ويستعد عبد العزيز مع والده محسن بوكشيشة للذهاب إلى المعسكر الخارجي هذا الموسم أيضا.
ويؤكد محسن بوكشيشة أن نجله لا يميل للعبة البليارد على الإطلاق وهوايته الأولى والأخيرة هي كرة القدم، وأنه أقام له ملعبا صغيرا في البيت ولا يرتدي إلا (تي شيرت) المنتخب أو نادي السد بشرط أن يحمل الــ (تي شيرت) اسم خلفان إبراهيم نجم الكرة القطرية وقلعة الزعيم.
أكد محسن بوكشيشة أن من أهم النجاحات التي حققها في مسيرته أنه غرس في قلب نجليه عبد العزيز وفجر الانتماء للوطن من خلال الحرص على رفع علم قطر في شتى البطولات والمنافسات التي يخوضها، وأن عبد العزيز وفجر أصبحا يتحملان ابتعاد والدهما عنهما فترات طويلة لأنه يسعى إلى تحقيق انتصارات وتتويجات باسم دولة قطر خارج الحدود، بل وأصبحا من الحوافز الملهمة له في مسيرته الرياضية.
أبدى محسن بوكشيشة حزنه الشديد لخروج منتخب إيطاليا لكرة القدم (الأزوري) من الدور الأول لمنافسات كأس العالم التي تقام مبارياتها حاليا بالبرازيل، وقال إن المنتخب الإيطالي لم يكن بنفس القوة التي كان عليها في البطولات السابقة، وأنه استحق الخروج المبكر من البطولة مثله مثل المنتخب الإسباني حامل اللقب والذي خرج أيضاً من الدور الأول للبطولة.
لم يكن الحصول على المركز الثالث وبرونزية العالم هو الإنجاز الوحيد في مسيرته الرياضية، ولكن هناك العديد من الألقاب المهمة ومنها أنه صاحب أعلى نقاط في تاريخ البطولات العربية والمسجل باسمه منذ عام 2001 ولم يتمكن أي لاعب آخر من كسره وقدره (136) نقطة، وكذلك الوصول للدور قبل النهائي في بطولة آسيا عام 20002 والحصول على لقب بطل الخليج مرتين، والتأهل لدور الــ 16 في بطولة العالم للبليارد مرتين من قبل.
يرى محسن بوكشيشة نجمنا العالمي أن علي العبيدلي نجم منتخبنا الوطني للبليارد والسنوكر، هو خليفته وقادر على تكرار إنجازاته بل ومضاعفتها خاصة أنه يملك الموهبة الفطرية ولديه ذكاء شديد، ولكن يلزمه الاستمرارية والصبر والاستفادة من كافة التجارب التي يمر بها في البطولات التي يشارك فيها بغض النظر عن النتائج التي تتحقق.
وجه نجم منتخبنا الوطني محسن بوكشيشة، نجم منتخبنا الوطني للبليارد والسنوكر رسالة شكر خاص إلى اللجنة الأوليمبية وسعادة الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل سعود أمين عام اللجنة الأوليمبية على الدعم والمساندة خاصة أن الشيخ سعود بن عبد الرحمن كان أول من بادر بالاتصال به في مصر لتهنئته على الإنجاز الذي حققه بالحصول على الميدالية البرونزية في بطولة العالم، وأن هذا الاتصال كان بمثابة مكافأة خاصة لأنه يعني أن قطر تقدر إنجازات أبنائها.
كما شكر محسن بوكشيشة خالد حمد المهندي مساعد الأمين العام للشئون الفنية في اللجنة الأوليمبية للدعم الذي توفره الشئون الفنية للاعبين والمنتخبات.