عمان ـ إيمان أبو قاعود
أكّد الكاتب والمحلل السياسي الأردني حمادة فراعنة أنَّ العدوان الإسرائيلي والضربات العسكرية تبيّن الحقد الإسرائيلي على الفلسطينيين، مثلما يعكس جهالة الاحتلال بالمواقع المطلوبة لهم، فضرباتهم إنتقائية ما أمكن ذلك، وعشوائية في غالب الأحيان، وهدفها ترك الألم والوجع لدى الفلسطينيين، ولكنها لن تترك أثراً إستراتيجياً على واقع الحال في قطاع غزة، مهما قست الضربات الجوية، ومهما تركت أثاراً مدمرة وخلّفت المئات من الضحايا.
وشدّد فراعنة، في حديث إلى "العرب اليوم"، على أنّ "الضربات الجوية الموجعة من طرف العدو الإسرائيلي، ضد المنشأت والبنى التحتية، والقصف العشوائي لمنازل المدنيين، على امتداد قطاع غزة، ضد أهل القطاع ومؤسساتهم، التي تعود الفلسطينييون عليها، وإن كانت هذه المرة بكثافة أشد، ومركزة أكثر ضد المدنيين، تعكس الحقد الإسرائيلي على الفلسطينيين".
واستبعد فراعنة خيار الاجتياح الإسرائيلي البري لقطاع غزة لسببين، مبيّنًا أنَّ "السبب الأول خشية أن يكون البديل عن حركة حماس، فصائل جهادية متطرفة يصعب التوصل معها إلى اتّفاق أمني، كما حصل مع حركة حماس، الأكثر إنضباطاً وإلتزاماً بالتهدئة، ووقف إطلاق النار، من الفصائل الجهادية الأخرى، فقد تم التوصل إلى إتفاق مع حركة حماس بوساطة مصرية في عهد الرئيس المصري السابق محمد مرسي، في 2012، وأطلق عليه (تفاهمات القاهرة)، وأثبتت حماس إلتزامها بالاتفاق، وبمنع الفصائل الأخرى من تنفيذ أيّ عمل كفاحي ضد العدو الإسرائيلي من قطاع غزة".
وأوضح أنَّ "السبب الثاني، لأن إسرائيل لا تريد إجتثاث حركة حماس، وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة، بل تسعى لبقاء التوازن الفلسطيني قائماً، بين الضفة والقطاع، وبين فتح وحماس، بهدف إبقاء الخلاف قائماً، وقوياً، والعدو الإسرائيلي حريص على تغذية الخلافات وليس إزالتها".
ورأى فراعنة، النائب سابق في البرلمان الأردني، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وأحد أبرز الكتاب الأردنيين المتخصصين والمتابعين لمحطات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولديه خمسة عشر كتاباً منشوراً عن السياسة الداخلية الأردنية، والوضع الفلسطيني، أنَّ "دوافع العدوان الإسرائيلي تدمير القدرات العسكرية، لاسيما سلاح الصواريخ، ومنشأتها وقواعد إنطلاقتها لدى حماس، والجهاد الإسلامي، ولدى الفصائل الأخرى، حتى تبقى مستعمرات جنوب فلسطين آمنة، لا تزعجها وجبات الصواريخ الفلسطينية لدى كل إحتكاك، فضلاً عن تلبية الجموح الإسرائيلي والتطرف اليميني، الذي يُطالب بمعاقبة الفلسطينيين لسببين، أولهما رداً على خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم، وثانيهما معاقبة أهل القطاع على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة".
وأردف "هناك إستفراد من طرف إسرائيل بالوضع الفلسطيني، ذلك لأن علاقات حماس غير جيدة مع العديد من الأطراف العربية، لاسيما مع مصر وسورية، فضلاً عن أنَّ تركيا منغمسة بظروفها الداخلية، وإيران مأخوذة نحو العراق وسورية، ولذلك يسعى العدو للإستفراد بقطاع غزة، وإعادة تدميره، وجعله طارداً لأهله، في اتّجاه الهروب من فلسطين – غزة إلى دول العالم".
واستطرد فراعنة "علينا أن ندرك دائمًا أنَّ جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على مفردتين، ونقطتين، وقضيتين، هما الأرض والبشر، المشروع الصهيوني يريد أرض فلسطين كاملة، وخالية من البشر ما أمكن ذلك، وهذا ما يدركه المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، عبر العمل على إبقاء أكبر كتلة بشرية من الشعب العربي الفلسطيني على الأرض، تحت شعار (الصمود)، وبتقديري أهم إنجاز حققه الشعب الفلسطيني هو بقاء أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون عربي فلسطيني، على كامل أرض فلسطين، مليون وأربعمئة ألف في مناطق 48، ومليون وسبعمئة ألف في قطاع غزة، ومليونين وسبعمئة ألف في الضفة الفلسطينية مع القدس، وهو أكبر خسارة وأكبر فشل للمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني، أي أنَّ هنالك شعباً على أرض فلسطين، وليس مجرد جالية محدودة العدد في مواجهة ستة ملايين ومئة ألف يهودي إسرائيلي".
وأبرز فراعنة أنَّ "هناك صمتًا عربيًا في مواجهة العدوان الهمجي الإسرائيلي على الفلسطينيين، لاسيما على قطاع غزة، وذلك لأسباب عدة، منها إنشغال كل طرف عربي بظروفه الداخلية، فالأوضاع المحلية لها الأولويات لكل بلد ولكل شعب عربي، وهذا يفوق الإهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، وما يحدث للشعب العربي الفلسطيني، وما يحصل في سورية والعراق وليبيا واليمن والصومال، لا يقل بشاعة وإجراماً وتدميراً عما يحصل للشعب العربي الفلسطيني، ومع الأسف المقارنة هنا صعبة، فالذي يحدث للعرب يتم على أيدي العرب أنفسهم، بينما الذي يحصل للفلسطينيين فهو بأيدي العدو والاحتلال الأجنبي".
وولفت إلى أنّه "من الأسباب الأخرى هروب النظام الخليجي من مسؤولياته تجاه فلسطين، حتى أنّ قنواته التلفزيونية المتطورة تتعمد تجاهل ما يجري للشعب الفلسطيني، حتى لا تظهر بموقع الهروب من إلتزاماتها القومية نحو فلسطين".