الرياض ـ سعيد الغامدي
كشف الأمين العام المساعد للعلاقات الخارجية في هيئة الاصطفاف الوطني وأحد القيادات الجنوبية في اليمن" خلدون باكحيل “ عن أن فشل الحكومات المتعاقية مع مطالب الجنويين، وكذلك تفاقم السراع السياسي بالعاصمة صنعاء أدى إلى تصاعد الاحتقان وارتفاع الأصوات المطالبة بالانفصال وفك الارتباط عن صنعاء. وفي مقابلة أجارها معه “العرب اليوم”، اعتبر “باكحيل”، وهو أحد القيادات الجنوبية من أبناء حضرموت، “أن القضية الجنوبية لها جذورها وتحمل الكثير من الدلالات في مضمونها ويتداخل فيها السياسي والحقوقي حتى صارت ماهي عليه اليوم”.
ورفض الخوض في مسبباتها التي تمتد منذ العام ١٩٦٧م ومروراً بمختلف المراحل التاريخية والسياسية، لكنه أوضح أنه "نتيجة تلك التراكمات تكونت حركة شعبية وجماهيرية واسعه النطاق في العام ٢٠٠٧م ،باتت اليوم ما يعرف بالحراك الجنوبي، وأدى توسع حركة الإحتجاجات للوصول إلى المطالبة بفك الإرتباط، وهو ناتج عن قصور أداء وتفاعل الحكومات المتعاقبة مع المطالب العادلة لشعبنا في الجنوب، ويغذي ذلك التصاعد تفاقم الصراع السياسي بصنعاء عقب إنتهاء مؤتمر الحوار، والتأخير في تنفيذ النقاط العشرين ومضامين وثيقة الضمانات”.
وأضاف أن "حديث البعض الرافض للنظام الاتحادي عزز من قناعة الكثيرين جنوباً أن لا جدية في معالجة وحل القضية الجنوبية.
لذلك يتصاعد الإحتقان وتتوسع حركة الإحتجاجات واليوم الجنوب يعيش حالة موت سريري نتيجة العصيان المدني الأسبوعي والإعتصامات الدائمة”.
وردا على سؤال ل”العرب اليوم” عما إذا كان اليمن سيشهد هبة جنوبية انفصالية كون الوضع الحالي يخدم المطالبين بفك الارتباط، عقب قتل زعيم قبلي في حضرموت وانطلاق هبة شعبية لتسليم المحافظة إلى أبناءها، أوضح “باكحيل” أن "الهبة الحضرمية مبتغاها تسليم المحافظة لأبنائها، الأمر ليس بذلك المعنى المباشر كون فيه سوء فهم ومدلول غير صحيح. لكن يمكن القول أن أحد مطالب أبناء حضرموت والتي عبرت عنها الهبة الشعبية هو تمكين أبناء المحافظة من توليهم إدارة شؤونهم كحق أصيل يجسد مبدأ العدالة”.
وتابع "أما المحافظة فهي بيد أبناءها ويقطنون بها وفي يد أبناء الشعب اليمني باكمله لذلك مصطلح التسليم غير وارد. فلسنا في حالة إحتلال أو غزو”، أما بالنسبة للجنوب "فهو في حراك مستمر تجاوز الهبات، بل قل هل سيشهد الجنوب ما هو أبعد من الهبات والحراك. ولعل المشهد بصنعاء من سيحدد ذلك ولا نتمنى أن تصل الامور إلى ما لا تحمد عقباه، لذلك على سياسيي صنعاء التعقل والعمل بجدية لحل القضية الجنوبية وإلا فمن حق الجنوب تقرير مصيره سلمياً".
وأكد الأمين العام المساعد للعلاقات الخارجية في هيئة الاصطفاف الوطني أن "الاصطفاف الشعبي لم يتشكل لحماية الدولة من أنصار الله أو ما يعرف بحركة الحوثيين .
الاصطفاف الشعبي حالة مجتمعية تكونت إبان مؤتمر الحوار الوطني الشامل وشارك في صياغة أفكاره وتوجهاته كثيرون، ومن غالبية المكونات السياسية والجماهيرية المشاركة بمؤتمر الحوار الوطني” وأضاف أن البعض قد يستغرب "أن أحد قيادات هيئة الاصطفاف هو ممن صاغوا المنهجية الفكرية والعقدية والشبابية لتنظيم الشباب المؤمن والذي كان النواه الأولى للحركة الحوثية. الاصطفاف الشعبي حالة شعبية تعبوية لحماية المكتسبات الوطنية المتمثلة بالنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية وتعزيزه لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، أما حماية مؤسسات الدولة والذود عنها فتلك مهام أصيلة للحكومة وقيادات الدولة”.
وأشار إلى أن "الأهم الآن هو أن يتجاوز اليمنيون مأزقهم والمضي الجاد في تنفيذ إتفاق السلم والشراكة نصاً وروحاً للخروج من أي وضع يؤثر على فاعلية الدولية ومؤسساتها وأجهزتها".
وردا على سؤالنا له عن عدم إصدار أوامر للجيش في الدفاع عن العاصمة صنعاء مقراتها الرسمية، رأى “باكحيل" أن إنقسام الجيش ووحداته بسبب الأزمة السياسية في العام 2011 كان له تبعاته، كما عدم الاستكمال الدقيق لعملية إعادة هيكلة الجيش والأمن. وأوضح أن الوحدات العسكرية لم تكن تلتزم بتوجيهات الرئيس اليمني كقائد أعلى للقوات المسلحة فضلا عن “أن الرئيس ظل ماسكا سيف السلم مفضلا دائما إبقاء باب الحوار والتفاوض مفتوحا لدرء نشوب حرب أهلية”. وأبدى تعجبه من أن "الجيش يتوحد بالجنوب وينقسم بالشمال”، معتبرا أنها "حقيقة جيشنا وللأسف لم يتم بناءه على أسس وطنية ومهنية .فتركيبة الجيش مختلة، وتعدد الولاءات لبعض قادته أربك المشهد. وهذا مانعانية في اليمن حتى اللحظة ونأمل أن تجد مخرجات فريق الجيش والأمن بمؤتمر الحوار طريقها للتنفيذ فستسهم لا محالة في تجاوز ذلك الواقع المؤلم والمرير للمؤسستين العسكرية والأمنية”.
وأضاف “باكحيل” أن "القتال في دماج تم ومؤتمر الحوار لا يزال في خضم أعماله، وكأن ما لم يستطع البعض تمريره داخل أروقة مؤتمر الحوار كان يضغط فيه على جبهات القتال”. وأكد أن توجيهات رئاسية سخية صرفت لتعويض النازحين ي دماج وطلبة المعهد وتحمل الدولة تكاليف عودة الطلبة الأجانب لبلدانهم وكلف الدولة ذلك قرابة مليار ومائة مليون ريال”. كما لفت النظر إلى أن دخول عناصر حركة أنصار الله لصنعاء تم وكان المبعوث الأممي الخاص جمال بنعمر موجود في صعده يتفاوض مع قادة الحركة في بنود اتفاق السلم والشراكة”، متسائلاً إن "كان يعقل أن تشن الدولة حرباً ومسار الحوار السياسي جارٍ”، عتبراً أن "البعض استغل ذلك فكان ما شهدناه من انهيار كامل للمنظومة الأمنية والعسكرية حينها في العاصمة”.
ورفض، في معرض رده على أسئلة “العرب اليوم”، أن يكون للرئيس “عبد ربه منصور هادي” خصومة تجاه أي يمني أو مكون سياسي “فالرئيس لا يحتاج للتآمر على أحد”. كما رفض ما أنشأه الحوثيون عقب سيطرتهم على عمران وصنعاء من “دور للمظالم” كبديل يقومون عبره بحل الخلافات عوضا عن السلطة اليمنية، مشيرا إلى أنهم ينصحون الحوثيين "بتجاوز تلك الحالة غير المؤسسية، فذلك يضعف الدولة ومؤسساتها وينتقص من هيبتها ومكانتها، ونسمع منهم أن ذلك سينتهي لكنني محتار لا أعلم متى وكيف، خصوصا عقب تشكيل حكومة الكفاءات برئاسة "خالد محفوظ بحاح”. وأقتبس من كلمة ألقاها عقب نيل حكومته الثقه أن السفينه لا يمكن قيادتها بأكثر من ربان، ولا يمكن لها أن تمضي في اتجاهين متعاكسين. لذلك وجهة نظري الشخصية إما أن تدير الحكومة البلد أو يتسلم الحوثيين مقاليد الحكم عبر المؤسسات وإلا ستنهار الدولة برمتها”، مشددا على أنه "من غير المقبول أن تكون هناك دولة داخل الدولة”.
وحين سألناه إن كان هناك اتفاق بين الرئيس اليمني والحوثيين وراء الكواليس، تمنى “باكحيل” توجيه السؤال إلى الرئيس نفسه، مؤكداً أن “هادي” حريص على أن لا تدخل البلد في حرب أهلية، متنمنياً على العقلاء في حركة "أنصار الله” ألا "يجعلوا الرئيس والحكومة بوضع يجعل الحالة المجتمعية والرأي العام ضاغطاً عليهما لاتخاذ قرار مواجهة يكون ثمنه باهظاً على اليمن ووحدته ووأمنه وإستقراره، ويمكن أن يؤثر سلباً على مجمل الوضع بمنطقة الشرق الأوسط الملتهبه أصلاً".
ولفت الأمين العام المساعد للعلاقات الخارجية في هيئة الاصطفاف الوطني إلى أن "مخرجات الحوار الوطني لا زالت حبيسة عند قادة العمل السياسي بالبلد، والكل يزايد بها، إلا أنه ليس هنالك ما يشير إلى أنها ستكون واقعاً ملموساً، ولكنني متفائل وقناعتي أن الحكومة الحالية ورئيسها جادون في المضي بتنفيذ ما التزمت به في برنامجها العام الذي يحقق ويمهد لتنفيذ الكثير من مخرجات الحوار الوطني”.
وأكد أنه لم يسمع عن المهلة التي وضعها الحراك الجنوبي لتسليمه السلطة في الجنوب وكذالك الموارد النفطية، أو أن تكون دعوة جادة يمكن تحقيقها، لكنه شدد على وجوب تحقيق ما يمكن تحقيقه من مطالب الجنوبيين دون أن "نبيع الوهم لبعضنا”، موضحا أنه "في ظل المشهد الضبابي حول جدية بعض الأطراف في حل القضية الجنوبية حل عادلاً ، فإنه من المهم أن تضاف ضمانة حق تقرير المصير لشعب الجنوب، لأنه لا مسار أخر إذا لم تنفذ معالجة القضية الجنوبية أن نظل نضغط على شعبنا وأهلنا بأوهام.