أكد السودان ودولة جنوب السودان التزامهما الجاد والمخلص بتنفيذ اتفاق التعاون المشترك الذي وقع في أديس أبابا في 27 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، وعبر الرئيسان البشير وسلفاكير فى بيان مشترك صدر فى ختام محادثاتهما عن رضائهما التام على التقدم في إنفاذ بنود مصفوفة الاتفاقات كافة، وأشادا بصفة خاصة بالتقدم الملحوظ في تنفيذ اتفاقات الترتيبات الأمنية والنفط والتعاون بين البنكين المركزيين في بلديهما، ووجها جميع الآليات واللجان المشتركة بالإسراع في تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، وعاد الرئيس السوداني عمر البشير إلى الخرطوم، مساء الجمعة، بعد زيارة استغرقت يومًا واحدًا إلى جوبا. وجاء في البيان: قام رئيس جمهورية السودان المشير عمر حسن أحمد البشير بزيارة رسمية إلى جمهورية جنوب السودان، الجمعة 12 نيسان/ أبريل 2013 على رأس وفد رفيع المستوى تلبية لدعوة كريمة من رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميارديت. ترأس الرئيسان جلسة المحادثات الرسمية، حيث تم بحث الجوانب المهمة كافة المتعلقة بتنفيذ المصفوفة التي تم التوقيع عليها أخيرًا بين الجانبين في أجواء ودية، مما أدى إلى الخروج بنتائج إيجابية. أكد الجانبان خلال المحادثات التزامهما الجاد والمخلص بتنفيذ اتفاقية التعاون المشترك التي وقعت في أديس أبابا في 27 أيلول/ سبتمبر 2012م بالروح البناءة ذاتها التي تسود بينهما. وعبر الرئيسان عن رضائهما التام تجاه التقدم في تنفيذ بنود مصفوفة إنفاذ الاتفاقات كافة، وأشادا بصفة خاصة بالتقدم في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية والنفط والتعاون بين البنكين المركزيين في البلدين، ووجها جميع الآليات واللجان المشتركة بينهما للإسراع في تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة. كما بحث الرئيسان البشير وسلفاكير خلال الزيارة  في كيفية إحراز تقدم في بقية القضايا العالقة، وقررا مواصلة الجهود المشتركة لحل مشكلة أبيي المتنازع على تبعيتها بين بلديهما وفقًا لمصفوفة إنفاذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. كما أكد الرئيسان بحسب البيان عن رضائهما التام عن آلية لقاءات القمة بينهما، واتفقا على إنشاء لجنة وزارية عليا مشتركة يترأسها نائبا الرئيس في البلدين، وتضم عددًا من الوزراء لتسريع اتخاذ القرارات لتطوير العلاقات بين البلدين. من جانبه تقدم الرئيس عمر البشير بالشكر والتقدير لحكومة وشعب جنوب السودان لحرارة الاستقبال الذي لقيه ووفده المرافق، وبالمثل قدم الدعوة للرئيس سلفاكير لزيارة الخرطوم قريبًا لتسريع الجهود المشتركة لتقوية وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، ولدفع جهود التعاون البناءة بينهما. وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية ان الرئيس سلفاكير أبدى استعداده شخصيًا للتوسط بين الحكومة السودانية والمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق باعتبار أنه كان شخصيًا هو المسؤول عن تدريب قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر سعيد عرمان والفريق عبد العزيز آدم الحلو، ونفى أن تكون لبلاده صلة مباشرة مع ما قال إنهم يسمون أنفسهم (الحركة الشعبية قطاع الشمال). وقال سلفاكير في المؤتمر الصحافي إنه طلب من الأمين العام للحركة الشعبية في بلاده باقان أموم ومن رئيس هيئة الأركان في الحركة قطع أي صلة بين حركته والذين كانوا أعضاء فيها من السودان بعد أن انفصل الجنوب في العام 2011. وقال إن هذا ما حدث، وهذا ما أكده باقان أموم في خطابه للآلية الأفريقية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي بقيادة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي. وقال الرئيس سلفاكير في المؤتمر الصحافي المشترك إنه يريد أن يؤكد للشعبين في البلدين أن بلاده وحكومته سوف تطبقان تطبيقًا كاملاً كل ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين.   واتهم سلفاكير بحسب وكالة السودان للأنباء جهات في أميركا وبريطانيا بأنها سبق أن قدمت له معلومات تقول إن جنوده سوف يقودون انقلابًا ضده، ولكن ثبت بالدليل أن هذه المعلومات كانت خطأً، وسخر سلفاكير من هذه الجهات بأن عليها إعادة النظر في المعلومات التي تتلقاها من الأقمار الصناعية. وقال سلفاكير إنه سيكون مستعدًا لأن يسأل إن قامت أي مجموعة مسلحة بمهاجمة السودان من داخل أراضي بلاده وفقًا للمعلومات ذاتها الواردة من هذه الجهات الأميركية والبريطانية التي لم يسمها. وقال سلفاكير إن من مصلحة السودان ومصلحة مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ومصلحة جنوب السودان أن يتوقف القتال، وأن يسود الاستقرار وأنه قد آن الآوان لتجلس الأطراف إلى طاولة المفاوضات عوضًا عن الاقتتال. وكشف وزير الخارجية السوداني علي كرتي، في تصريحات في مطار الخرطوم، عن اتفاق بين الخرطوم وجوبا على تكوين لجنة وزارية عليا، برئاسة نائبي الرئيسين في البلدين علي عثمان طه والدكتور رياك مشار، تنحصر مهامها في النظر في استكمال ما تبقى من تنفيذ الاتفاقات الموقعة بينهما، ومعالجة القضايا العالقة، لاسيما قضية منطقة أبيي المتنازع على تبعيتها بين الدولتين، وتنفيذ ترتيبات ترسيم الحدود، مشيدًا بالاستقبال الكبير، والحفاوة البالغة، التي حظيت بها زيارة البشير في الاستقبال والوداع، إضافة إلى الاستقبال الكبير الذي قام به المسلمون في جنوب السودان، أثناء أداء البشير لصلاة الجمعة، في المسجد "الكويتي" في مدينة جوبا، الذي شيد ضمن مشروعات كويتية في السودان، قبل انفصال جنوبه عن شماله. وفي الخرطوم قال عضو المكتب السياسي في حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور ربيع عبد العاطي، في تصريحات خاصة لـ "العرب اليوم"، أن "الزيارة عبارة عن تطبيع كامل لعلاقات البلدين، بعد إعلان البشير عن فتح الحدود والمعابر مع الجنوب"، مشيرًا إلى أنها ستؤدي إلى نهايات إيجابية، وأضاف أن "القصف الصاروخي الذي تعرضت له مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، تزامنًا مع زيارة البشير، قصدت به الحركة الشعبية قطاع الشمال إثبات أنها لا تزال موجودة في السودان، وليس الجنوب"، مشيرًا إلى أن الحركة الشعبية في قطاع الشمال حاولت بالقصف أيضًا إحداث ضجة إعلامية، والتشويش على زيارة البشير إلى الجنوب، ونتائجها". وفي جوبا قال الناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان وزير الإعلام الدكتور برنابا مريال بنجامين أن "الزيارة قوبلت بارتياح رسمي وشعبي في جنوب السودان"، مشيرًا إلى أن "زيارة البشير سيكون لها آثار إيجابية كثيرة، لاسيما بعد اتفاق البشير وسلفاكير على مواصلة اللقاءات بينهما، ورعاية الحوار بين بلديهما، حتى يكتمل بناء هذه العلاقات على الوجه المطلوب". وقال الرئيس البشير في المؤتمر الصحافي في جوبا أن "السودان حريص على تنفيذ اتفاقات التعاون مع دولة الجنوب، وإنجاز تنفيذ المصفوفة، لعودة الاستقرار والسلام للدولتين"، نافيًا وجود حشود عسكرية على الحدود مع دولة الجنوب، مشيرًا إلى أن حشودًا من القوى المعارضة لحكومته تخطط للقيام بأعمال تخريبية في مناطق البترول داخل الأراضي السودانية، الأمر الذي دعا حكومته للاستعداد لمثل هذه المحاولات للمتمردين، وإبلاغ رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت بذلك". وأضاف أن "الحوار سيستمر لحل القضايا المتبقية، بجانب تحرك مشترك بين الخرطوم وجوبا في المحافل الإقليمية والدولية، بشأن الديون الخارجية، وأن التطبيق الإيجابي لإتفاق التعاون سيسرع حل القضايا المتبقية، في ضوء توفر الثقة، والإرادة للطرفين"، مشددًا على "حرص بلاده على عدم إيواء أي مجموعات متمردة لدولة أخرى، حتى يتعزز الاستقرار في دول الجوار، والتي سارت على النهج ذاته"، مؤكدًا أن تنفيذ الحريات الأربع يسير بصورة سلسلة. من جانبه، قال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، في المؤتمر الصحافي، أن "زيارة الرئيس السوداني ستدفع بالعلاقات بين البلدين في إتجاه التطبيع الكامل، وأنه تم الإتفاق على تكوين لجان للمتابعة والإشراف على تنفيذ الإتفاقات، وأن البشير وافق على فتح الحدود بين البلدين"، مؤكدًا أنه والبشير عند التزامهما بتنفيذ اتفاقات التعاون بين البلدين، دون شروط مسبقة، وأن بترول بلاده سيتم تصديره إلى الخارج عبر الأراضي السودانية قريبًا. وكان الرئيس السوداني قد وصل إلى جوبا، صباح الجمعة، في زيارة تسغرق يومًا واحدًا، هي الأولى من نوعها منذ انفصال الجنوب عن الشمال العام قبل الماضي، في حين رحبت حكومة الجنوب بزيارة البشير، واعتبرتها خطوة مهمة في إطار تنفيذ اتفاق التعاون بين البلدين، بينما يؤكد محللون أنه على الرغم من تحسن العلاقات بين الخرطوم وجوبا أخيرًا، إلا أن هناك ملفات عالقة ظلت محل جدل وخلاف، من بينها ملف منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع على تبعيتها بين البلدين، وملف الديون الخارجية التي يسعى البشير إلى تجاوزه بمساعدة جوبا. وبدأت المحادثات بين الجانبين السوداني والجنوبي فور وصول البشير، حيث عقد اجتماعًا مغلقًا مع الرئيس سلفاكير، وأعلن البشير عن زيارة سيقوم بها رئيس دولة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت إلى الخرطوم قريبًا، لاستكمال المحادثات بين البلدين، فيما أدى الرئيس السوداني صلاة الجمعة في مسجد الكويت في جوبا، حيث خاطب المصلين مؤكدا أنه "لا رجعة للحرب بين البلدين"، وجدد التزام الخرطوم بإنفاذ ما تم الاتفاق عليه مع جوبا في المجالات ذات الصلة بدفع العلاقات بين البلدين. وقال البشير "إن مسوؤليته التاريخية عن بلاده وشعبه، تُحتم عليه رعاية مصالح المواطنين في السودان والجنوب، وأن زيارته بداية لتطبيع العلاقات والتعاون، وأنه أصدر تعليمات بفتح الحدود والمعابر مع جنوب السودان أمام حركة التبادل التجاري وتنقل المواطنين". وأكد الرئيس الجنوبي سلفاكير، أنه اتفق مع نظيره السوداني على استكمال الحوار بين البلدين، وينتظر أن يعقد الرئيسان البشير وسلفاكير مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا خلال الساعات المقبلة، يستعرضان فيه أبرز ما تناولته المباحثات التي جرت بينهما. وتناول البشير وسلفاكير العديد من القضايا العالقة بين الجانبين، وسبل إنفاذ اتفاقات التعاون المشترك بين الدولتين، وتعزيز العلاقات بينهما في العديد من المجالات الاقتصادية والسياسية، ورحب سلفاكير بزيارة البشير وبوفد السودان، مؤكدًا أن هذه الزيارة محطة مهمة وتشريف للبلدين، وكذلك رحب وزير الإعلام، الناطق الرسمي باسم دولة جنوب السودان بنيامين برنابا، بالوفد الزائر، وقال "إنكم في بلدكم الثاني جنوب السودان"، في حين أكد مجلس وزراء حكومة الجنوب برئاسة سلفاكير ميارديت، في اجتماعه الطارئ، الخميس، أن زيارة البشير، خطوة مهمة في إطار تنفيذ اتفاق التعاون بين البلدين، وأن الفترة المقبلة ستشهد تطورًا ملحوظًا وإيجابيًا في علاقات البلدين.