اعترف الرئيس السوداني زعيم حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم عمر البشير، الجمعة، أمام الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس الشورى القومي للحزب، بتقديم الدعم إلى المعارضة المسلحة في جنوب السودان كما كانت تفعل جوبا، ولكن بعد التوقيع على الاتفاقات الأخيرة مع جوبا توقف عن تقديم هذا الدعم. وأكد البشير، في خطابه الذي استعرض فيه الأحداث والقضايا على الساحة السياسية في البلاد، أن "الصراعات القبلية تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة، وأن هناك أيادي وعناصر تعمل علي تاجيج الصراع القبلي"، فيما طالب عضوية "المؤتمر الوطني" بالعمل على إنهاء تلك الصراعات في مناطقهم ، واعترف بأن السودان كان يقدم الدعم للمعارضة الجنوبية المسلحة قائلاً، "كنا ندعم المعارضة الجنوبية كما كانت تفعل جوبا، ولكن بعد التوقيع على الاتفاقات الأخيرة مع جنوب السودان توقفت عن تقديم هذا الدعم". وشدد الرئيس السوداني، على أن بلاده لن تسمح بتصدير بترول الجنوب إلا بعد التزام جوبا بتنفيذ التزاماتها كاملة، مشيرًا إلى أن الاتفاقات الموقعة مع الجنوب يجب تنفيذها "حزمة واحدة"، موضحًا أن حكومة الخرطوم ستحصل على عائدات تُقدر بأكثر من 3 مليارات دولار، ستذهب جميها إلى مشاريع التنمية في المجالات المختلفة، أما بالنسبة لدولة الجنوب فإن نصف العائدات سيتم تحويلها إلى الجيش الشعبي، وأن أجهزة حكومته ستعرف إن كان الجنوب مستمر في تقديم الدعم إلى المتمردين أم لا، وأن الخرطوم تملك الوسائل والطرق التي تجعلها قادرة على التوصل إلى كل الحقائق المحيطة بهذا الملف. وأشار البشير إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة في أديس أبابا، الذي تحدث فيها  صراحة عن استمرار جنوب السودان في تقديم الدعم إلى المتمردين وللحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية، فيما تطرق في حديثه إلى "سد النهضة" الإثيوبي، ووصفه بأنه سيخزن 74 مليار متر مكعب من المياه، موضحًا أن السد سيحقق لبلاده  فوائد ومنافع عدة، وأن الجانب الإثيوبي تشاور مع الحكومة السودانية ومع الجانب المصري  بشأن قيام السد للتعرف على السلبيات والإيجابيات المحيطة به، مؤكدًا أهمية الاستمرار في الحوار والتشاور بشأن تاثير السد بعد إثارة البعض المخاوف من قيامه، وقال إنها "شبيهة بتلك المخاوف التي صاحبت قيام السد العالي في مصر". وعن علاقات السودان الخارجية، قال الرئيس البشير إنها جيدة، إلا مع بعض الدول التي لا تزال تتحدث عن ضرورة حل الأزمة في دارفور وجنوب كردفان، والسماح للمنظمات بالدخول إلى تلك المناطق، وأن الحكومة لن توافق على دخول هذه المنظمات إلى هناك"، مطالبًا من يريد أن يقدم أي شكل من أشكال الدعم، بتسليمه إلى الحكومة السودانية التي بدورها ستقوم بإيصال تلك المساعدات، فيما حذر من تنامي الصراعات القبلية في دارفور قائلاً، "إن هذه الصراعات ليست بعيدة عن التآمر على وحدة بلاده، حيث تعمل بعض الأيادي على تأجيج الفتن وإشعال نيران الصرعات"، داعيًا أعضاء الحزب الحاكم إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه القضية، والتدخل في الوقت المناسب. وشن البشير هجومًا على بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي ظلت تفرض حصارًا اقتصاديًا وسياسيًا على السودان، وقال "إنها لن تفلح في كسر شوكة الحكومة السودانية، لأن الأمر في النهاية ليس بيدها، فلو كان الأمر كذلك لما سقط نظام حسني مبارك أو شاه إيران". وبشأن الانتخابات المقبلة، دعا الرئيس السوداني الأحزاب إلى الاستعداد لدخولها، مؤكدًا أن حزبه يملك قاعدة جماهيرية كبيرة، فيما سخر من انتظار البعض لخروج الشارع في تظاهرات ضد الحكومة يعقبها تدخل الجيش لتسلم مقاليد الحكم في بلاده، وقال "هؤلاء واهمون، ولا يعرفون قاعدة الحزب الحاكم والتفاق الجماهير حوله في كل مناطق السودان". وأشار البشير إلى الوضع الاقتصادي وتبعاته على المواطنيين، وأكد أن الحكومة تُسخّر نصف موازنتها لدعم السلع، وأن هذا الدعم يستفيد منه الأغنياء، في إشارة إلى أن الحكومة ربما تكون مقبلة على مراجعة سياسة رفع الدعم عن بعض السلع، فيما دعا الرئيس السوداني إلى "الاستمرار في حالة التعبئة والاستنفار، لمواجهة مخططات الأعداء والمتربصين بأمن واستقرار بلاده".