هيئة علماء السودان

أفتت هيئة "علماء السودان"، بعدم جواز تهنئة المسؤولين بتوليهم المناصب من قبل الجهات والمؤسسات الأخرى، وعدت الأمر بأنه يُمثل نوعًا من التقرُّب المتزلف إلى المسؤول، وكانت رئاسة الجمهورية السودانية أصدرت قرارًا قضى بمنع تهنئة المسؤولين، بعدما تلاحظ أن غالب المُهنئين جهات لها علاقة مباشرة بعمل المسؤول ما يؤدي لاختلال معايير التعامل في الدولة بوجود إمكانية في التأثير على هذا المسؤول بالمديح الزائف والمبالغ فيه عبر إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف الصادرة في الخرطوم.

 وصنف بعض المهتمين الغرض من هذه التهنئة بأنها لبناء علاقات مع المسؤولين واستثمارها لأغراض المنفعة الشخصية أو للإضرار بآخرين، وصرّح رئيس هيئة علماء السودان، بروفيسور محمد عثمان صالح، لـ "العرب اليوم" بأنه إذا كان الشخص صاحب التهنئة يقصد من ورائها تحقيق مصلحة. فهذا لا يجوز شرعًا  بأي حال من الأحوال، وأشار إلى قرار صدر من رئاسة الجمهورية بمنع هذا النوع من التعامل مع المال العام، موضحًا أن القول الذي يُدخل السرور على المؤمن مثل أن يهنيء أخاه إن كان هناك أمرٌ يستحق التهنئة، ويعزِيه إن كان مصابه يستحق التعزية جائز وهذا ما أمر به الدين الحنيف، لأن علاقة المسلمين قائمة على الود والمحبة، وأضاف "لكن لا يعني هذا الود النفاق وتخطي الحدود الشرعية".

وبرزت إلى السطح أخيرًا ظاهرة تهنئة أفراد حازوا مناصب عامة، من قبل مؤسسات حكومية وشبه حكومية، في إعلانات مدفوعة القيمة في صحف الخرطوم السيّارة، وكان قد أثارت العديد من التهاني المتوالية عقب تنصيب محافظ بنك السودان المركزي الجديد، العديد من ردود الأفعال في السودان، بعد أصبح تهنئة المسؤولين في المناصب الجديدة أمرًا معتادًا في الصحف الصادرة في الخرطوم والتي ما أن يتم تعيين أحد المسؤولين في منصب ما حتى تنهال التهاني في صباح اليوم التالي والأيام الأخرى في الصحف.

ويرى رئيس منظمة الشفافية السودانية د. الطيب مختار في حديثه لـ "العرب اليوم" أنه لا مانع إذا كانت هذه التهاني للمسؤولين الجدد من مؤسسات خاصة، فلا مشكلة في ذلك، وأشار إلى أن الشبهات تتجلى إذا كان مصدر التهاني مؤسسات حكومية، كون ذلك إساءة واضحة لاستخدام السلطة، وشدد  على أن قيمة هذا الإعلان عندما تدفع من المال العام وخصمًا على أحد بنود الصرف المخصص لها هذا المال بتوجيهه للإعلان، ما يعني صرفه في غير البند المخصص له يُعد مدخلًا للفساد.

 وأبرز الطيب مختار، أن مثل هذه الأشياء يجب أن تتم وفق متطلبات النظم واللوائح التي تحكم التعامل بين المؤسسات الخاصة والحكومية، وكذلك ما أقرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حتى لا يتضرر الاقتصاد والدولة، وقال مختار "واضح من مسارعة بعض الجهات بتهنئة المسؤول بمجرد ظهور اسمه ضمن تشكيل الحكومة الجديدة أو بمجرد إعلان اسمه بتولي المنصب وقبل أن يتسلم مهامه، وكأنهم يمهِّدون الطريق للمحاباة والمحسوبية سعيًا لأن يكونوا أقرب علاقة به، موضحًا أن التقرُّب للمسؤول لا يكون عبر التهنئة وإزجاء كلمات الشكر والمدح له لتحقيق مصالح شخصية أو إلحاق الضرر بآخرين، وإنما من خلال تقديم النصح والأفكار، خاصة من قبل الذين يقعون تحت دائرة سلطته أو اختصاصه، لتجويد العمل.