جوبا ـ ريتا مهنا
صعدت دول غربية من ضغوطها على دولة جنوب السودان التي تشهد حرباً أهلية منذ سنوات، بحظر صادرات الأسلحة إليها، كما فرضت عقوبات بحظر السفر على كبار المسؤولين هناك، في حين ما زالت أطراف النزاع في جنوب السودان، تتبادل الاتهامات بمهاجمة مواقع الطرف الآخر.
وأعلنت الولايات المتحدة، حظر صادرات الأسلحة وخدمات الدفاع لجنوب السودان، لتزيد الضغط على سلفا كير من أجل إنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ 4 سنوات. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت في بيان: تعلن وزارة الخارجية أنها تطبق قيوداً على تصدير المواد الدفاعية وخدمات الدفاع لجنوب السودان.
وفي حين أن الحكومة الأميركية لا تبيع أسلحة لجنوب السودان، فإن الخطوة الجديدة تمنع أي شركة أميركية أو أي مواطن أميركي من إرسال عتاد أو خدمات دفاعية للفصائل المتحاربة في البلاد. ويعد حظر الأسلحة أحادي الجانب مؤشراً جديداً من واشنطن على نفاد صبرها على القادة في جنوب السودان بعد انتهاك وقف إطلاق النار مراراً.
وفي جوبا عاصمة جنوب السودان، رفض أتيني ويك أتيني المتحدث باسم الرئيس كير، التعليق على الحظر. وحثت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دول الجوار وتجمعات أفريقية مثل الهيئة الحكومية للتنمية إيقاد، على فرض عقوبات على مسؤولين في جنوب السودان يدعمون الصراع.
وقالت ناورت في البيان: نحث (إيقاد) والاتحاد الأفريقي على التفكير في إجراءات عقابية على من يقوضون عملية السلام. وأضافت أن وزارة الخارجية ستعدل قواعد التجارة الدولية للسلاح لتشمل حظر الأسلحة على جنوب السودان. وتشتمل قواعد التجارة الدولية للسلاح على مجموعة قواعد وضعت قبل 40 عاماً تحكم تصدير السلع الدفاعية والبيانات التي تؤثر في الأمن القومي الأميركي.
ومن جانبه، صعد الاتحاد الأوروبي، من ضغطه على جنوب السودان، متجاوزاً عقوبات الأمم المتحدة، وذلك بفرض حظر على السفر وتجميد أصول 3 أشخاص بسبب تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وقال التكتل، إن هذه هي المرة الأولى التي يقرر فيها الاتحاد الأوروبي بشكل مستقل معاقبة أشخاص على خلفية أزمة جنوب السودان. وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض في السابق عقوبات ضد الأفراد المدرجين على قائمة الأمم المتحدة.
وقالت الدول الأعضاء في التكتل التي وافقت على اتخاذ تلك الإجراءات، إن القرار اتخذ نظراً لتدهور الوضع الإنساني والأمني في جنوب السودان، مع وضع عدم التزام بعض الأطراف بعملية السلام الحالية في الاعتبار. وبهذه الإجراءات يصل إجمالي عدد الأشخاص الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوبات في جنوب السودان إلى 9 أشخاص. ومن المقرر أن يتم الكشف عن أسماء الأشخاص الثلاثة الجدد في وقت لاحق.
وأشار هذا التحرك إلى قلق الاتحاد الأوروبي المتزايد بشأن جنوب السودان، أحدث دولة في العالم، التي تدخل عامها الخامس من الحرب بعد انقسام في عام 2013 بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق ريك مشار. وقد لقي عشرات الآلاف من الأشخاص حتفهم في خضم الحرب الأهلية الدموية، بينما فر نحو 5.2 مليون شخص من أتون الحرب التي تشهدها البلاد.
وحذرت الأمم المتحدة، من أن جنوب السودان سيشهد أكبر أزمة للاجئين في أفريقيا منذ عملية الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا في 1994، حيث بات مشرداً واحد من بين كل 3 أشخاص من تعداد سكان البلاد. وفرضت الولايات المتحدة في السابق عقوبات على بعض كبار المسؤولين المقربين من كير، ومن بينهم قائد الجيش بول مالونج الذي تم عزله بعد ذلك وأُجبر على الرحيل عن البلاد عندما اختلف مع الرئيس. وقال الاتحاد الأفريقي يوم الاثنين، إنه مستعد لفرض عقوبات على القادة الذين ينتهكون وقف إطلاق النار في جنوب السودان، لينضم إلى عدد متزايد من المسؤولين الذين يطالبون بمعاقبة المتسببين في إطالة أمد الصراع.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، للصحافيين في مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي الذي عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: علينا أن نتحرك ضد من يواصلون ارتكاب مذابح بحق شعوبهم المسالمة دون رادع. وأضافت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي، إن الوقت حان لأن تفرض المنظمة حظر أسلحة على جنوب السودان.
وتابعت "حان وقت الاعتراف بالواقع المرير، وهو أن قادة جنوب السودان لا يخذلون شعبهم فحسب بل يخونونه، ومن ثم فإن هذا المجلس يقف عند مفترق طرق... لا نستطيع أن نقف ساكنين بينما يواجه مدنيون أبرياء القتل والاغتصاب". وزارت هيلي جنوب السودان في أواخر أكتوبر/تشرين الأول واجتمعت مع كير.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، حاولت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما إقناع الأمم المتحدة بدعم فرض حظر أسلحة على جنوب السودان. ومن المرجح أن يلقى أي تحرك أميركي داخل مجلس الأمن الدولي لاتخاذ مزيد من الإجراءات ضد جنوب السودان مقاومة من روسيا التي تتمتع بحق النقض (فيتو). وفرض المجلس عقوبات على عدد من كبار المسؤولين من طرفي الصراع في جنوب السودان عام 2015.