صدر حديثًا عن دار اكتب للنشر والتوزيع رواية "كلام" الحائزة على جائزتى ساقية الصاوى 2013 ونادى القصة للكاتب محمد سالم عبادة. وجاء فى أجواء الكتاب آهٍ يا ركبتيّ! هل سيفيد شيئًا أن أمُدَّ رجلى وأقبضهما وأنا جالسٌ على هذا المقعد الخانق؟ ناديتُ بأعلى صوتي: "أدخِلى إلى المريضة التالية يا أمَّ على". كان زميلى (محمود) يسترق النظراتِ إلى وأنا منشغلٌ بفحص المريضة السابقة، وشعرتُ به يُشيرُ إلى بوجهه ليَلفِتَ انتباهَ طبيبتَى الامتياز اللتَين أحاطتا به من الجانبَين إلى شىءٍ لا أعرفه فى شكلى أو حركاتى.. أدركُ أن (محمودًا) لا يُكِنُّ لى أيةَ مشاعرَ على الإطلاق.. لا كراهيةَ ولا حب.. ربما أنا أمثلُ بالنسبةِ إليه كائنًا كوميديًّا والسلام .. أنظرُ أحيانًا – لا، بل دائمًا – فى المرآةِ فلا أرى إلا هذا الكائنَ الكوميدى .. جسدٌ مترهِّلٌ وكَرِشٌ واسعٌ وأردافٌ مكوَّرةٌ فى تمامٍ مُضحك! دخلَت الآنَ مريضةٌ أخرى .. أعتقدُ أنها الأخيرةُ قبل أن نأخذ استراحةً عَشرَ دقائق تمهيدًا لابتداء فحص ومناظَرَة المرضى الرجال .. واضحٌ أنها تعانى الروماتيزم منذ سنين .. التواءاتُ أصابعها لا تدعُ حتى فرصةً للتفكير .. هل ستُصبِحُ أصابعى كأصابعِها بعد حين؟ يا الله! أنجزتُ المريضةَ سريعًا فقد اكتشفتُ أنها مريضةٌ قديمةٌ ولم تأتِ إلا لتجدِّدَ صرفَ العلاج الشهري. حينَ قمتُ إلى غرفة الاستراحة الداخلية سمعتُ بوضوحٍ (ميار) إحدى طبيبتَى الامتياز تهمس: "لماذا هو هكذا؟" فقالَ (محمود) بصوتٍ لم يحاول أن يُخفِتَه: "يا بنات .. مائةَ مرةٍ قلت لكما ألا تُركزا مع الدكتور (مختار) .. إنه رجلٌ أعطى زهرة شبابه للشعر والفن وهكذا .. والروماتولوجى مثل الفريك .. لا يقبلُ شريكا!" سمعتُ ضحك الفتاتَين وأنا أستلقى على السرير الضيق الذى يستوعبُ ظهرى بالكاد، وثنيتُ ركبتى وأخذتُ أمَسِّدُهما فى تُؤَدَة .. اليومَ عيدُ ميلادى .. أُتِمُّ اليومَ ثمانيةً وعشرين .. ماذا أنجزتُ إلى الآن؟؟ على صعيد المهنةِ أمامى عامٌ وأنجزُ رسالة الماجستير إذا سارت الأمورُ على ما يُرام .. وعلى صعيد الكتابة لا شىءَ البتَّة!