"مطر أدخِلوا الثياب" مجموعة قصصية

تؤشر لقطات سردية خاطفة على مجموعة قضايا سياسية واجتماعية ونفسية تدخل بها "شريفة الشريف" عالم الإبداع القصصي في مجموعتها المعنونة "مطر أدخِلوا الثياب" من زاوية الرؤية إلى الحياة والوقائع والناس. فتغدو الكتابة لعبة للتخفي خلف أقنعة مجازية تستبدل ما تروم البوح به بإبدالات صورية وهمية، ولكنها مكتملة القيمة والأثر.

تعتبر حالات قصصية شديدة الخصوصية، تتمثل بالاغتراب، والضياع، والألم، والنفي.. الوجودي والعاطفي. وبتعبير أدق فإن القصص لا يمكن النظر إليها إلّا بما هو تنويع على قيم أصلية ترسبت في الوعي الفردي والجماعي عبر مراحل زمنية متلاحقة. إذ تتنوع الوقائع والأحداث والشخوص بين زمن مضى وزمن راهن، وفي صيغ تُرسم بدقة مدار المشابهة وهي السمة الأسلوبية التي أكسبت النص مكانة خاصة ضمن أقوى ما قدم السرد السوري المعاصر من أعمال قصصية، جنباً إلى جنب مع أعمال إبداعية أخرى أرّخت للحظات زمنية هاربة، وفضاءات ضائعة في عالم بات يجتاحه الصقيع والألم والانكسار.

تحت عنوان "من بلادِ الشام مولاي الحاكم" نقرأ:
"ولكن لا جدوى.. نام كل العالم إلا الحاكم.. وذوو القتلى.. وربما الطفل الذي كان يصرخ.. ومرت الدقائق كالسنين.. وبدت الأرض ساكنة لا تدور.. كل شيء صامت إلا عقارب الساعة في جناح النوم والتي ذهبت هي الأخرى ضحية انهياره.. وما إن أوشك أن ينادي الخدم بأعلى صوته حتى وقعت عيناه على باب الجناح وقد تسربت من أسفله دماء لا تعرف التوقف.. امتدت لتصل إلى قدميه، وثب إلى سريره كالطفل الحائر ونادى هلعاً "أين أنتم أيها الخدم؟!". أقبل خادم مضرّج جسده بالدماء.. أخبره بأن بحراً من الدماء فجّر الحاجز وأغرق المكان.. وقبل أن يهم الحاكم بالسؤال عن مصدرها، صاح الخادم باكياً: من بلاد الشام يا مولاي الحاكم!".

يضم الكتاب قصصاً قصيرة جاءت تحت العناوين الآتية: "خيط الكذب طويل"، "اندِماج"، "تعالَي وسيطفئ ليلي أنّاتك"، "وناحت أمهات البلابل"، "القُماشة"، "لماذا عكفتَ الكاف؟"، "أنا – الرّحيل"، "الأحلام ذكرياتٌ لم تحدث بعد"، "مطر! أدخِلوا الثياب" وقصص أخرى.