رام الله - العرب اليوم
صدرت حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" دراسة تحت عنوان "جـغـرافـيا الاستيطـان: كيف يتم تحويل الضفة الغربية إلى كنتونات"؟، أنجزها د. أحمد الأطرش.
وتقدّم الدراسة قراءة تفصيلية لجغرافيا الاستيطان، وما يقف خلفها من سياسات، وما تسفر عنه من وقائع بالغة الأثر على الحياة الفلسطينية، وعلى ممكنات المستقبل الفلسطيني ديمغرافيًّا واقتصاديًّا وبيئيًا، وقبل ذلك سياسيًّا.
تبيّن الدراسة أنَّ المستوطنات الإسرائيلية وجدت بنيّة البقاء وبغرض تحقيق أهداف إسرائيلية استراتيجية تتلخص في خلق واقع ديمغرافي يعيق قدرة الشعب الفلسطيني إقامة دولته على كامل أرضه كم حددتها الشرائع الدولية ذات العلاقة، موضحة أنَّ التجمعات الفلسطينية في الضفة وضعت في كنتونات محاصرة بالمستوطنات الإسرائيلية وغيرها من المعوقات الفيزيائية الأخرى كالجدار والطرق الالتفافية، الأمر الذي يجعل منطق الولاية الجغرافية الفلسطينية أمرًا يصعب تحقيقه.
كما توضح الدراسة أنه حال الحصول على الأرض التي لا يمكن الوصول لها حاليًا بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، أو تكريس المناطق القابلة للزراعة كمناطق للتطور المكاني المستقبلي، فإنَّ أبعاد النمط السائد للتطور المكاني في منطقة الضفة الغربية لن تكون مستدامة، مبينة إنه من المهم التأكيد على أنَّ الممارسات الاحتلالية المختلفة هي المانع الرئيس للوصول إلى تنمية مستدامة في الأرض الفلسطينية.
لكن هذا لا ينفي أنَّ المخطط الفلسطيني حتى هذا اليوم مازال يفتقر إلى رؤية واضحة لمستقبل الأرض الفلسطينية، ولعله من أكثر الأمثلة وضوحًا في هذا السياق هي مناطق (ج) في الضفة الغربية، والتي تفتقر حتى الآن لرؤية فلسطينية واضحة لمستقبل التطور المكاني فيها حال سيطرة الفلسطينيين عليها: هل ستكون زراعية أم صناعية أم سياحية الهيئة أم ستضم جميع هذه الأبعاد.
كما استذكرت الدراسة في السياق ذاته، أنه في العام 2005 قامت إسرائيل بتفكيك مستوطناتها والانسحاب بشكل أحادي من قطاع غزة، وحينها تعامل الفلسطينيون مع هذا الإجراء بشكل شبه ارتجالي كان من شأنه أنَّ خلّف آنذاك تبعات بيئية واقتصادية واجتماعية سلبية.
وتنتهي الدراسة إلى أنَّ القراءة الممعنة للجغرافيا السياسية للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تكشف قدرة الضفة الاستيعابية، من حيث توافر الأرض وملاءمتها للتطور المكاني، أصبحت ضعيفة وواهية في ظل المعطيات على أرض الواقع.
وأوصت الدراسة بناء على المعطيات والأرقام بضرورة عدم التخلي بأي حال عن المناطق التي تقوم عليها المستوطنات، وبالأخص تلك التي تم عزلها خلف الجدار العازل، لأهميتها الجوهرية في ضمان مستقبل أكثر استدامة.