القاهرة ـ أ.ش.أ
شهد أتيليه القاهرة ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الذي نظمته مؤسسة "وعد" الثقافية مساء الخميس الماضي ندوة حول رواية "أساطير رجل الثلاثاء"، للروائي صبحي موسى والصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، تحدث فيها الناقد الدكتور صلاح السروي. ووصف الدكتور صلاح السروي الرواية بأنها "رواية الروايات"، مشيراً إلى أنها واحدة من الأعمال الفاتنة والمجهدة في نفس الوقت، فقد عكف فيها صبحي موسى على بحث ودراسة جماعات الإسلام السياسي وفكرها على مدار ما يزيد عن سبعين عاما، فضلا عن دراسته لفكر ومنطق التاريخ الإسلامي في الخروج على الحاكم وكيفية التعامل معه، ولم يغفل الجانب الفني في النص، إذ جاءت هذه المعلومات من خلال إطار روائي كبير جمع ما بين الفنتازيا والوقائعية، وذلك من خلال شخصية بن لادن التي أخذت في إملاء مذكراتها على الصبي المصاحب له في عزلته الأخيرة بالكهف. وذهب السروي في طرحه إلى أن الرواية رغم فتنتها الكبيرة، واعتمادها لمنطق الأسطورة المشوق، إلا أنها احتفت بالكثير من المعلومات التاريخية والوقائعية، مما يجعلها تبدو للقارئ غير المتمرس مجهدة، وقد يحتاج للعودة إلى بعض المراجع لمعرفة الكثير من الحوادث التي وردت في النص. وقال السروي إن "أساطير رجل الثلاثاء" اعتمدت على شخوص حقيقية وأحداث واقعية من أجل مناقشة تاريخ طويل من فكر الإسلام السياسي سواء في نسخته القديمة في القرون الوسطى أو نسخته الحديثة على يد الجماعات الدينية كالإخوان والجهاد والتكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وغيرها. وتحدث الدكتور صلاح السروي عن تعدد الأصوات والتقنيات في النص بدءا من صوت الراوي، وصولا إلى تقنيات الحلم، وقال إن الكاتب استخدم الأسطورة كمعول أساس في تحفيز القارئ على متابعة العمل، وقدم ثلاثة أنواع من الشخصيات، الأول واقعي تماما كالظواهري، والسادات، والأمير نايف وحكمتيار، وشاه مسعود وغيرهم، والثاني يجمع ما بين الواقعية والخيال كمعاوية/ محمد عوض بن لادن، ابي سعيد/ عبد الله عزام، مجد الدين/ الملا محمد عمر وغيرهم، والثالث فني تماما ومن نسج الخيال كخال بن لادن بهاء الدين، والصبي علي الذي يملي عليه بن لادن مذكراته في الكهف الواقع على الحدود الأفعانية الباكستانية، بينما لم يذكر اسم اسامة بن لادن على الإطلاق، انطلاقا من أن هذه مذكرات بن لادن التي يمليها على علي الصغير. وأضاف السروي أن هذه الرواية تضعنا أمام جيل جديد من كتابة الرواية التاريخية، فقد اعتدنا على كتابة الرواية التاريخية عن طريق الذهاب إلى الماضي لإعادة نسجه فنيا، لكن موسى في هذا النص قدم الربط المشترك بين الواقع والتاريخ، ومن خلال هذا التاريخ وتأثيراته، قدم مقارنة بين ما يجري الآن وما جرى بالأمس، وطرح رؤية بانورامية للفعل التاريخي بدءا من سقيفة بني ساعدة وصولا إلى انهيار برجي التجارة واجتياح العراق، مرورا بالصراع الاستعماري حول جسد الرجل المريض/ الامبراطورية العثمانية، ومحاولات إحياء هذه الامبراطورية عبر قيام دول جديدة من تحت عباءتها كدولة محمد على، أو محاولات تجديدها حسبما طرح جمال الدين الأفغاني. وقال إنها ليست رواية معلوماتية بقدر ما هي رواية فنية بامتياز تعتمد الخيال الجامح في القدرة على ربط الحاضر بالماضي وإبراز التماثلات الشديدة في فكر الشخوص، ويمكن القول إنها جمعت ما بين رواية التاريخ ورواية التحليل النفسي ورواية التوثيق ورواية الفنتازيا، وفي جزء منها رواية أدب الخيال العلمي حسبما رصد التحضير لعملية ضرب برجي مبنى التجارة العالمي.