القاهرة ـ وكالات
بانتهاء قراءة رواية (الحجرات) تزول مسافات تفصل هلاوس الطفولة وصرخات العقل الباطن عن حقائق الحاضر أو ما يراه البعض حقائق إلا أن الرواية تنتهك تلك المتاهات التي ينجح العقل أو التعقل في إقامة جدران حولها. ولا تلجأ مؤلفة الرواية الكاتبة المصرية إيمان عبد الرحيم إلى مصطلحات علمية أو نفسية لتفسير سلوك "أمان" بطلة (الحجرات) ولكنها تتوسل بالدراما الأكثر إقناعا بتعقد النفس البشرية وبصعوبة تفسير سلوكها أو التنبؤ بردود أفعالها. ويصعب على قارئ الرواية أن يفرق بين الحقيقة والوهم أو العقل والجنون وإنما يجد نفسه جزءًا من دراما تحتمل اليقين والشك. وتدور الأحداث في أيام الحمل الأخيرة لبطلة الرواية (أمان) قبل أن تضع وليدها (أواب) ففي هذه الفترة تسترجع علاقتها بزوجها (عمرو) الحائر في اضطرابها النفسي إذ يراقب انزلاقها بخفة إلى عالم يخصها حتى أنها تشك أحيانا في أنه أبو ابنها بل ترى (أواب) ثمرة استسلامها إلى "سليل إبليس الذي تمثل لها في صورة إنسان... اعتدى عليها مرات عدة غصبًا." ولا تندهش (أمان) مما يراه زوجها وأختها وأمها غرابة أطوار إذ تقر في الصفحات الأولى بما يشبه الاعتراف، قائلة: "أنا أعرف جيدًا أننا مجرد شخصيات مرسومة في فيلم كارتون. الكادر خاو لا يوجد فيه شيء سوى اللون الأسود.. نحن مجرد خطوط بيضاء دقيقة تحد حيزا ما من ذلك السواد العظيم. نعم. هكذا حين نكون مفرغين ولا نحوي إلا الخواء سنشعر بأقل قدر من الألم" وهي جملة محورية تتردد في الرواية 15 مرة ولا يشعر القارئ في أي مرة أنها زائدة أو مقحمة على المشهد". وتشغل الرواية 95 صفحة من عمل إبداعي عنوانه (الحجرات.. وقصص أخرى) يقع في 180 صفحة متوسطة القطع ويضم أيضًا 11 قصة قصيرة وصدر بالقاهرة عن (الكتب خان للنشر والتوزيع) التي تسعى لتجاوز دور الناشر التقليدي إلى إقامة أنشطة ثقافية وفنية مثل العروض السينمائية وورش للكتابة الإبداعية. وتختار إيمان عبد الرحيم (30 عاما) لبطلة الرواية لغة حيوية ومعاصرة ومفردات مقتحمة أحيانا برشاقة ولكنها مقنعة فنيا مثل "روحها المشمسة دائما" أو قدرتها على حذف أي إنسان من حياتها بالضغط على زر "شيفت وديليت فورا" في اشارة للمفاتيح المستخدمة عند حذف كلمة أو نص في الكمبيوتر.