دمشق ـ سانا
"رسائل إلى أبي" مجموعة قصص للناشئة تعالج فيها الكاتبة كنينة دياب حالات اجتماعية سلبية ينعكس ضررها على الجيل وعلى مستقبل المجتمع بأسلوب بسيط يعتمد السرد الحكائي البسيط والقريب من الذائقة العمومية. تطرح الكاتبة دياب قضية طفلة معاقة ظلمتها جدتها وهي في ساعة الولادة الأولى فلم تقم برعايتها والعمل على القيام بطقوس الولادة الطبيعة فأصبحت الطفلة معاقة وذلك بسبب كره الجدة للبنات فتعالج الكاتبة حالة تخلف خطيرة تدل على نهاياتها المدمرة للمجتمع من خلال الأذى الذي ألحق بحفيدتها. وتبين القاصة في قصة لوحة حوراء أن الإرادة تدفع الإنسان حتى ولو كان معاقاً لصنع المعجزات فالطفلة حوراء التي تمتلك مقدرة عقلية فائقة تجاوزت بإرادتها مؤثرات الإعاقة الجسدية وتمكنت من تنمية موهبتها بالرسم وأصبحت فنانة ناجحة. أما قصة نفق الأرانب فعملت فيها الكاتبة على أنسنة الحيوانات من خلال الحوار الذي يدور بين الأرانب التي بدأت تفكر بالانتقام من صاحب الحقل البخيل بعد أن أصطاد مجموعة من أقرانهم وأكلهم هو وزوجته فتنجح الأرانب في رد المكيدة وتخريب موسم الجزر وتريد الكاتبة من ذلك ان تدفع بتنمية ظاهرة الرفق بالحيوان عند الناشئة وعدم التفكير بالمكائد. وفي قصة الشيخ الجليل الأبيض تعرض الكاتبة جمال الطبيعة في الشتاء حيث سمت الثلج بالشيخ الجليل الأبيض وصورت الأطفال وهم يصنعون التماثيل في الطبيعة إلا أنها تكشف أن المطر حكم عليها بالزوال وعودة الطبيعة إلى شكلها العادي خلال ساعات قليلة من سقوطه. وترى الكاتبة أن الإخلاص هو أهم القيم التربوية التي يجب أن يزرعها في المجتمع لأن الإخلاص يجعل المجتمع متحاباً قوياً وعصياً على التفكك وذلك في قصة الصديق المزيف كما تعالج دياب تردي الحالة الاجتماعية عندما تتفشى السخرية في المجتمع وتبدأ ظاهرة الغرور بالتغلغل في النفوس فتدفع الإنسان إلى الإدعاء والتعالي كما جاء في قصة "همس الشجر" التي تدور حول سخرية شجرة السرو من باقي الأشجار فتجعل الكاتبة معالجة هذه الظاهرة خلال النصيحة والمحبة فتتفق الأشجار على إقناع السروة بأنها صاحبة فائدة وتعود بالنفع على زميلاتها من خلال صد الرياح ومنعها من أذى الأشجار فتشعر بالندم وتكف عن السخرية. وتظهر القاصة دياب مساوئ تعدد الزوجات دون سبب وعدم العدالة بين الأطفال فتنشأ في المجتمع ظاهرة النفور والتفكك وحرمان بعض الأطفال من أبيهم أو أمهم أو عدم وجود حياة أسرية متكاملة وصحيحة بسبب النفور الذي تسببه هذه الظاهرة. وفي المجموعة الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في 130 صفحة من القطع المتوسط تتصدى الكاتبة للأذى والظلم وعدم الاعتداء على الآخرين والنيل من حقوقهم وتدعو إلى الترابط الأسري وعدم التفكك ووقوف الإنسان إلى جانب الإنسان وعدم التخلي عن الصداقة رغبة من الكاتبة في إنشاء مجتمع صحيح كما في قصص "صالح وأهل الحي.. حرية حمار.. روان والصديقان.. أسرة واحدة.. وتأتأة". يغلب على أسلوب الكاتبة البساطة في سرد القصص واستعمال المفردات ومحاولة تركيب التعابير التي امتازت جميعها بتناول حكايات قريبة من الحقيقة والواقع دون اللجوء إلى الرمز أو التعقيد والإبقاء على المستوى الفني للحكاية المطروحة.