باريس ـ و ا ج
"الاسلام و الهجرة" هو عنوان آخر كتاب للروائي الجزائري عبد القادر بن عراب لدار النشر هارماتن تضمن نظرة جلية حول يوميات المهاجرين أغلبيتهم مسلمين و الرهانات الثقافية و السياسية في الحياة العمومية بفرنسا. كما احتوت مقدمة هذا الاصدار الجديد التي كتبها بول بالطا مختص في العالم العربي و الاسلامي و مراسل سابق ليومية لوموند في الجزائر مختلف الاسهامات التي نشرها الكاتب ما بين 1991 و 2012 في المجلات و الجرائد أو خلال الملتقيات و الندوات حيث تعرض بالتفصيل و دون مجاملة لمختلف الصعوبات التي يواجهها المهاجر بمجرد وصوله الى فرنسا. و في هذا المؤلف الذي تضمن 12 فصلا أكد الكاتب أن المهاجر يحمل في حد ذاته تاريخا و لغة يعرضانه للتمييز و الابعاد من كل مشاركة في مشروع مجتمع. و عليه كتب الروائي أن المهاجر يتم تحديد شخصه يوميا من أجل تمييزه و جعله "مهاجرا ظاهرا" و محدد في مسعاه و ملابسه و كذا بمنظره مشيرا الى تهميش و تمييز هؤلاء المهاجرين بفرنسا. كما اعتبر عبد القادر بن عراب الذي رجع الى "تمرد الضواحي" (1981-1982) و مسيرة ابناء المهاجرين من أصول مغاربية من أجل المساواة في سنة 1984 اللذين لم يكنا سوى بمثابة "اشارات تنذر بأزمة ذات دلالة" أعرب عنها الشباب من أصول أجنبية ولدوا على التراب الفرنسي حيث تتعارض ظروف وجودهم مع مثلهم. و أوضح الكاتب أنه بعد مرور 20 سنة لا زال هذا المصير يلازم المهاجرين الشباب الذين لا يكتبون مثل أبائهم و يعبرون عن هذا الضرر بممارسة العنف الذي نشهده في بعض الاحيان. و حسب الكاتب فان أغلبية هؤلاء المهاجرين مسلمين علما أن عددا كبيرا منهم له مستوى تعليمي ضعيف و يقطنون في أحياء متعددة الجنسيات اضافة لى نسبة البطالة الكبيرة في أوساطهم حيث يظلون رغم حملهم للجنسية الفرنسية يعتبرون "فرنسيون من المستوى الثاني" و دون أفاق مستقبلية. كما ندد الكاتب بالسياسة التي تنتهجها السلطات العمومية الفرنسية من قبل تيار اليمين و اليسار عند اقتراب موعد الانتخابات من خلال الوعود الكاذبة فقط من أجل الفوز بدعم من هؤلاء المهاجرين "المهمشين و الذين يعاملون على أنهم أعداء". اعتبار المهاجر عنصرا مزعجا يهدد النظام في هذا الصدد أوضح عبد القادر بن عراب أنه ينظر للمهاجر على أنه عنصرا "مزعجا يهدد الاقتصاد و الأمن و النظام و المجتمع". كما أشار الكاتب الى وجود "موقف تفاعلي" من طرف شباب الضواحي في فرنسا لاسيما أولئك الذين يعيشون مشاكل اجتماعية و عائلية و سياسية كبيرة بحثا عن الحماية. في هذا الصدد وجه الكاتب الذي تأسف لاستغلال الاسلام رغم أنه دين سلام من طرف الرهانات السياسية أصبع الاتهام للمهاجرين (المتطرفين) الذين يعطون "صورة سيئة و عنيفة" عكس تعاليم القرآن الكريم كما ندد بالتأويل الذي تعتمده وسائل الاعلام الفرنسية مما يشجع انتشار ظاهرة كره الأجانب. كما ذكر عبد القادر بن عراب بتعاليم الكتاب الحنيف الذي تدعونا العديد من آياته الى كسب العلم و المعرفة. و يعتبر عبد القادر بن عراب و هو أستاذ جامعي و باحث و روائي صاحب عدة اصدارات حول التاريخ و علم الاجتماع و الأدب على المستوى المغاربي و الافريقي. و تمثل آخر كتاب صدر له في "فرانس فانون رجل القطيعة" لدار النشر ألفابار (2010) و الذي ترجم الى العربية و الانجليزية و الاسبانية.