سلطة النقد الفلسطينية

قال تقرير التنبؤات الاقتصادية لعام 2016 الصادر عن سلطة النقد الفلسطينية، اليوم السبت 19 كانون الأول، إنه لا تزال تحيط بالاقتصاد الفلسطيني العديد من التحديات والمخاطر التي تهدد وتحد من قدرته على النمو وتحقيق التنمية المستدامة.

واوضح التقرير ان أبرز هذه التحيات يتمثل في استمرار الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من تبعية قسرية للاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي، والاعتماد على الدعم والمساعدات الخارجية، وتزايد حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وبيّن التقرير أنه خلال السنوات الأخيرة تزايدت حالات تعرض الاقتصاد الفلسطيني لصدمات وثيقة الصلة بهذه التحديات، سواء كانت على الصعيد السياسي والأمني كعدوان إسرائيلي جديد، أو على صعيد المالية العامة للحكومة كحجز أموال المقاصة وتداعيتها الخطيرة على الاقتصاد الفلسطيني. يضاف لذلك قيام الجانب الإسرائيلي بتشديد الحصار على قطاع غزة وزيادة القيود والمعيقات في الضفة الغربية من حين إلى آخر، وتقييد حركة التنقل والنفاذ للأفراد والبضائع في جميع المناطق الفلسطينية. كما تشمل هذه الصدمات أيضاً تذبذب حجم المساعدات الخارجية وانخفاضها في السنوات الأخيرة وربطها في بعض الأحيان بالمواقف السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية.

وتسببت جميع هذه العوامل في تباطؤ النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان تحقيق معدلات نمو سالبة كما حدث في العام 2014. ناهيك عن تداعيات الأداء الاقتصادي على معدلات البطالة التي ظلت ضمن مستويات مرتفعة، وبالأخص في قطاع غزة، كون معدلات النمو المتحققة غير كافية لاستيعاب الزيادة المضطردة في عرض العمل وبالتالي الحد من تزايد معدلات البطالة.

وتشير تقديرات سلطة النقد إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2015 نموًا حقيقيًا تصل نسبته إلى 3.1% مقارنة مع تراجع بنحو 0.2% في عام 2014، مدعومًا بشكل أساسي بتزايد الإنفاق الاستثماري المرتبط بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، إلى جانب بعض التحسن في الإنفاق الاستهلاكي الممول من الاستدانة والقروض المصرفية وتزايد عدد العاملين بأراضي العام 48. ومن المتوقع أن يؤدي هذا النمو إلى تحسن طفيف في معدل الدخل الفردي الحقيقي (متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) لينمو بنسبة 1.3% مقارنة مع تراجع بنحو 3.1% في العام 2014.

كما تشير التقديرات إلى ارتفاع طفيف بمساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأسعار تكلفة عوامل الإنتاج إلى 78.8% عام 2015 مقارنة مع 78.3% عام 2014، مقابل انخفاض مساهمة القطاع العام إلى 21.2% مقارنة مع 21.7% عام 2014. ومن المتوقع أيضاً أن تنخفض معدلات البطالة خلال العام 2015 إلى حوالي 25% من إجمالي القوى العاملة مقارنة مع 27% في العام 2014، إلى جانب تراجع ضئيل بمعدل التضخم إلى 1.5% مقارنة مع 1.7% في العام 2014.

أما بالنسبة لأداء الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2016، فتشير تنبؤات سلطة النقد إلى حدوث تحسن نسبي طفيف مقارنة بالعام 2015، إذ من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.3% مقارنة مع 3.1% في العام 2015. ويتوقع أن ينعكس هذا النمو على الدخل الفردي الحقيقي ليرتفع بنسبة 1% مقارنة مع 1.3% في العام 2015، ليبلغ 1.774 دولارًا.

وتشير التنبؤات إلى أن هذا النمو سيكون مدعوماً بشكل أساسي بزيادة الاستهلاك الخاص الممول من خلال زيادة الاستدانة والقروض المصرفية، لترتفع مساهمة الإنفاق الاستهلاكي للقطاع الخاص إلى 92.3% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مقابل تراجع مساهمة الإنفاق الاستهلاكي للقطاع العام إلى 25.8%، وبالتالي ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأسعار تكلفة عوامل الإنتاج إلى 79%، مقابل انخفاض مساهمة القطاع العام إلى 21% خلال نفس العام. يضاف إلى ذلك زيادة الإنفاق الاستثماري المرتبط أساساً بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، لترتفع مساهمته إلى 21.3% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتنبئ به في العام 2016.

أما على مستوى القطاع الخارجي الفلسطيني، فتشير التنبؤات إلى أنه من المتوقع أن تنمو الصادرات بنسبة 6.6% والواردات بنسبة 8.3% والتي ترتبط زيادتها بشكل أساسي بزيادة الاستهلاك. وبالتالي فمن المتوقع أن تؤدي التغيرات في كل من الصادرات والواردات إلى تزايد عجز الميزان التجاري بنحو 9.2%، ليشكل ما نسبته 39.4% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتنبأ به في العام 2016. ومن المتوقع أيضاً أن ينعكس النمو الإيجابي المتوقع على زيادة فرص العمل والتشغيل، وبالتالي تراجع معدلات البطالة في فلسطين إلى حوالي 24% من إجمالي القوى العاملة في العام 2016.

كما تشير تنبؤات سلطة النقد إلى ارتفاع وتيرة نمو الأسعار خلال العام 2016، وبالتالي عودة معدل التضخم إلى النمو مجدداً ليبلغ نحو 2.0% في المتوسط مقابل 1.5% المقدر في العام 2015.

تجدر الإشارة إلى أن هذه التنبؤات تبقى عرضة لحالة الاستقرار الاقتصادي والسياسي، خاصة وأن الاقتصاد الفلسطيني يعمل في ظل بيئة عالية المخاطر. وفي هذا السياق، يتولى التقرير تحليل المخاطر (الصدمات) محتملة الحدوث، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتي قد تؤثر على المؤشرات الرئيسة في الاقتصاد.

إذ يتوقع أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 7.1% خلال العام 2016 في حال حدوث تحسن جدّي في المسار السياسي والوضع الأمني، وتسريع عملية إعادة إعمار قطاع غزة، والشروع في تنفيذ بعض المشاريع الرئيسية والإجراءات الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، بالتزامن مع رفع حالة الحصار والإغلاق عن قطاع غزة، إلى جانب تخفيف القيود على حرية حركة الأفراد والبضائع بشكل عام.

أما في حال تدهور الأوضاع السياسية والأمنية بشكل حاد، فإن تنبؤات سلطة النقد تشير إلى تراجع النمو الحقيقي بنسبة 2.4% مقارنة بالعام 2015. وأن يتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.6%. كذلك يتوقع أن يكون لهذا السيناريو تأثير سلبي ملحوظ على معدلات البطالة، لترتفع إلى حوالي 28% من إجمالي القوى العاملة في العام 2016.

ويأتي إصدار هذا التقرير ضمن جهود سلطة النقد لإتاحة المعلومات والبيانات والأبحاث والتقارير الاقتصادية والمالية والمصرفية للباحثين والمهتمين بالشأن الاقتصادي الفلسطيني وقطاعاته المختلفة