حمص - تمارا أسود
تُولي الحكومة السورية اهتماما خاصا بإعادة تأهيل وبناء شبكة السكك الحديدية في سورية، في ربط للمناطق الحيوية من مناطق صناعية ومرافئ ومطارات مع بعضها وصولا إلى الدول المجاورة، إذ رصدت وزارة النقل في الحكومة ما يقارب 1860 مليار ليرة سورية (ما يعادل 3.8 مليارات دولار أميركي) ضمن خطة مشروع السكة الحديدية الذي أفصحت عنه في 26 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بغية تنفيذ 2000 كيلومتر من الخطوط الجديدة، وفق ما نقلت مصادر حكومية.
تشمل إعادة تأهيل السكك الحديدية بشكل مباشر نحو 1800 كيلومتر من أصل 2450 كيلومترا من خطوط السكك الحديدية القديمة التي تنتشر في سورية، في حين ستخضع بقية الأجزاء للصيانة، نظرا لعدم تعرضها للضرر المباشر، وهي عموما موجودة في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، والبعيدتين عن المعارك والصراع نسبيا.
وتشكل الهيكلية الجديدة لخطوط السكك الحديدية محورين أساسيين، الأول: “شمال جنوب”، من أوروبا عبر تركيا مرورا بسورية ومنها إلى الأردن ودول الخليج، في حين تتفرع عن المحور مسارات داخلية من الحدود السورية-التركية عبر قرية ميدان أكبس شمالي عفرين، ومنها إلى حلب وحمص ودمشق ودرعا حيث الحدود السورية-الأردنية، أما المحور الثاني "غرب شرق" فهو من أوروبا عبر الموانئ السورية إلى سورية ومنها إلى العراق وإيران ودول شرق آسيا.
وتتشكل ثلاثة مسارات فرعية داخلية، الأول من ميناء طرطوس نحو ريف حمص الشرقي وتدمر إلى دير الزور والبوكمال على الحدود السورية- العراقية، في حين يبدأ الفرع الثاني من ميناء طرطوس نحو حمص البصيرة حتى التنف الواقعة على الحدود السورية-العراقية، أما الثالث فهو من ميناء اللاذقية حتى حلب وصولا إلى ديرالزور والبوكمال حيث الحدود السورية-العراقية.
وتقدر خسائر قطاع السكك الحديدية في سورية خلال الحرب بأكثر من 530 مليار ليرة سورية، وذلك وفق تصريح لنجيب الفارس، المدير العام لخطوط السكك الحديدية في سورية، في شباط/فبراير العام الحالي، وبعد عزلة إقليمية لسورية بسبب الحرب، عاد الحديث عن فتح طرق حيوية مع دول الجوار، في جولة “أستانة 9” أيار/مايو الماضي، إذ تحدثت مصادر إعلامية بلدي آنذاك أنه تم الاتفاق على فتح أوتوستراد "دمشق- حلب" الدولي وطريق "حلب- غازي عنتاب" التركية، وهما طريقان ماران من مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، بتأمين من دول تركيا وروسيا وإيران الضامنة للمحادثات بدوريات مشتركة.
ولم تفتح هذه الطرقات الحيوية بعد، لكن تركيا تعمل على تهييء بنية اقتصادية متكاملة (تعبيد طرقات وفتح معابر جديدة) في ريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة المعارضة، توحي بأنها تستعد لفتح طرقات حيوية في المنطقة، كما فتحت استعادة الجيش السوري لمعبر نصيب الحدودي مع الأردن الباب لعودة العلاقات (الاقتصادية على الأقل) مع الجارة الجنوبية، إذ أعيد تفعيل المعبر في 15 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبدأت الحركة التجارية تتدفق بين الجانبين.
وأعلنت المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي في سورية عن نيتها تأهيل الخط الحديدي الواصل من دمشق إلى العاصمة الأردنية عمان.
وقال مدير فرع المؤسسة في درعا، نعيم القراعزة، لصحيفة سورية حكومية، في 7 من تشرين الثاني/نوفمبر ، إن الخط الحديدي يعتبر محورا مهما لنقل البضائع بين البلدين.
وأضاف القراعزة أن المؤسسة شكلت لجانا فنية مختصة، وباشرت بالعمل من أجل البدء بإنجاز تأهيل الخط في أقرب وقت ممكن.
يعود تاريخ الخط الحديدي الحجازي إلى زمن السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، عندما أمر في عام 1900 بتشييد سكة قطار بين الشام والحجاز من أجل تسهيل رحلة الحج التي كانت تستغرق قرابة ثلاثة أشهر ذهابا وإيابا.
وبدأت المرحلة الأولى بتمديد سكة الحديد من محطة المزيريب القريبة من دمشق إلى درعا، ثم بدأ العمل في تمديد الخط من درعا إلى عمان الذي اكتمل تمديده في 1903، لكن أول رحلة لانطلاق القطار من محطة الحجاز إلى المدينة المنورة كانت في آب 1908، على متنها حجاج سوريون وأتراك.
رغم ابتعاد الصين عن دعم الحكومة السورية، مقارنة بالدعم الذي قدمته روسيا وإيران، لكنها تعد الرابح الأكبر اقتصاديا في بقاء النظام في دمسق في حكم سورية، نظرا لحجم الاستثمار الذي ستشغله الصين في إعادة الإعمار.