العملة الصعبة

يستمر سوق " السكوار " للعملة الصعبة وسط محافظة الجزائر العاصمة، أكبر سوق سوداء للعملة الصعبة في البلاد، في انتظار السكينة والهدوء، منذ نزول رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحي، إلى قبة البرلمان الجزائري، وإعلانه عن لجوء الحكومة الجزائرية إلى التمويل غير التقليدي للخزينة العمومية من خلال اللجوء إلى الاقتراض من البنك المركزي ما يعني اللجوء إلى طبع المزيد من الأوراق النقدية لمواجهة الأزمة المالية الخانقة التي تم بها البلاد، وهو ما أثار مخاوف الجزائريين الذين دخل معظمهم في رحلة بحث عن العملة الصعبة وادخارها للسنوات القادمة التي يتوقع محللين ماليين أنها ستكون " عجاف " خاصة بعد فقدت العملة المحلية بريقها أمام العملات الصعبة.

وبعد سلسلة الارتفاعات التي عرفتها العملة الصعبة " اليورو" في السوق الموازية في مقابل الدينار الجزائري، شهد اليوم السبت، استقرارا في حدود 200 دينار جزائري، فيما قفز سعر الدولار الأميركي من 160 دينارا إلى 170 دينارا للدولار في السوق السوداء خلال اقل من أسبوع في حين يبلغ سعره في التعاملات البنكية 113 دينارا، وفي الايام القليلة الماضية، شهدت السوق الموازية ارتفاعا كبيرا لليورو مقابل الدينار لا سيما بعد عرض الوزير الأول احمد أويحيى مخطط حكومته الرامي إلى طباعة الأموال، وأرجع رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي، هذا الارتفاع في سوق " السكوار " إلى " الإشاعات " التي رافقت تصريحاته.

وقال " ر. د " أحد المواطنين الجزائريين الذين صادفناهم بسوق " السكوار " إنه يفضل أن يدخر أمواله بالعملة الصعبة أو شراء الذهب خاصة بعد أن فقدت العملة المحلية أي الدينار الجزائري بريقها أمام باقي العملات التي تشهد يوما بعد يوم ارتفاعا ملحوظا، وزاد الإقبال عليه بشكل كبير خلال الساعات القليلة الماضية.

وأرجع بائع للعملة الصعبة بمنطقة الرغاية التابعة إلى محافظة الجزائر العاصمة، يدعى " ب . ع " أسباب الارتفاع في العملة الصعبة مقارنة بالدينار الجزائري إلى الإقبال المتزايد عليه رغم أن هذا الموسم يتسم بـ " الركود والجمود " بسبب انتهاء موسم السياحة الذي يتزامن مع عطلة فصل الصيف وأيضا موسم الحج فعادة ما يرتفع سعره ويسجل مستويات قياسية خلال عطلة نهاية السنة، حيث يفضل عدد من الجزائريين قضائها في عدد من دول العالم كتركيا وفرنسا وتونس وغيرها من الوجهات المفضلة لدى الجزائريين، وحسب خبراء في الاقتصاد فإن سعر الدينار الجزائري شهد خلال السنوات الماضي تدهورا حادا، وتآكلت قيمته أمام اليورو والدولار الأميركي لأسباب عدة أبرزها قلة الإنتاج وتدهور احتياطي الصرف وارتفاع مستوى التضخم الذي بلغ مستويات قياسية، وكان سعر الدينار يعادل 4.94 دولار سنة 1970، انخفض اليوم ليعادل 109 دنانير، في حين أن اليورو لدى نشأته عام 2001 كان يساوي 69 دينارا ليعادل اليوم 129 دينار، وهو ما يعتبر انخفاضا حادا، أي 100 بالمائة تقريبا، أي انخفض بـ100 مرة في 16 عاما.

واتخذت الحكومة الجزائرية، أخيرا، إجراءات ستزيد من حدة تدهور قيمة الدينار تعرف بـ "التمويلات غير التقليدية" للسنوات الخمس المقبلة، لسد عجز الميزانية وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية للدولة، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، وستسمح هذه "التمويلات غير التقليدية" للخزينة العمومية التي صادق عليها البرلمان الجزائري، أخيرا،  بالاقتراض من السوق البنكية لمواجهة العجز المالي الذي بلغ السنة الماضية 30 مليار دولار ولقيت هذه الإجراءات انتقادات لاذعة من طرف الخبراء والمتتبعين للشأن الاقتصادي.