الرياض ـ عبدالعزيز الدوسري
أكد عقاريون سعوديون على ضرورة حدوث موجة تصحيحية في أسعار سوق العقار في البلاد خلال سنة ونصف من توزيع "وزارة الإسكان" عقارات على المواطنين، تشابه ما حدث في سوق الأسهم في 2006، إذ تنهار الأسعار وتعود قيمة العقار المبالغ فيها حالياً إلى القيمة العادلة.
وانتقدوا جشع المصارف التجارية واستغلالها حاجة المواطن إلى السكن، لتكبله بقروض طويلة الأمد، تمتد فترة سدادها إلى عشرات السنين، مؤكدين أن الضوابط الأخيرة التي أقرتها الجهات المعنية في المملكة وإن أتت متأخرة إلا أنها ستحد من هذا الاستغلال.وطالبوا المواطنين بالتريث حتى تظهر نتائج برامج الإسكان ومشاريعها الحالية للاستفادة منها، بدلاً من الوقوع في مصيدة قروض المصارف، التي تعادل العقارية منها 45 في المئة من إجمالي حجم قروض الأفراد في المملكة.
ورجّح عضو اللجنة العقارية في «غرفة المدينة» إياد بافقيه حدوث انهيار كبير في أسعار العقار يماثل ما حدث في فبراير الأسود لسوق الأسهم السعودية في 2006، واصفًا ما يتنبأ به بموجة تصحيحية لأسعار العقارات، وكان ضحيتها المواطن البسيط، وهو بالضبط ما حدث في الأسهم.
وأضاف أنه من الممكن بعد عام ونصف من بدء توزيع وزارة الإسكان منتجاتها على المواطنين سيحدث انهيار لأسعار العقار المتضخمة خلال الأعوام الثمانية الماضية، وستعود الأسعار إلى حقيقتها وقيمتها العادلة، وسيزداد المعروض بشكل كبير، في مقابل طلب محدود.
وتابع قائلاً "إذا ما اقتنعنا بأن سوق العقار مشابهة بالضبط لسوق الأسهم، سنخلص إلى نتيجة واحدة، وهي أن انهيار الأسهم سيحدث في العقار، فنجد أن السهم يقابله المتر المربع من الأرض في العقار، ومجموعة الأسهم هي الأرض، والمحفظة يقابلها مجموعة من الأراضي يديرها سماسرة العقار، فيما الشركة في سوق الأسهم مثل مخطط الأراضي، والمصارف والوسطاء يعتبرون السماسرة".
وأوضح بافقيه أن الممارسات المخالفة نفسها والمضاربات التي حدثت في سوق الأسهم تحدث في سوق العقار، فهوامير السوق يستغلون حاجة صغار المستثمرين وبحثهم عن تحقيق أرباح في فترة وجيزة، ولكن سيأتي اليوم - على حد قوله - الذي ينهار فيه السوق، ويكون صغار المستثمرين ضحية لهوامير السوق.
وتحدث عن ممارسات المصارف الاستغلالية في التمويل العقاري خلال الأعوام الماضية، وقال بافقيه: «استغلت المصارف حاجة المواطنين إلى سكن لتعمل لهم مصيدة، وتضعهم تحت ضغوط قروض لعشرات الأعوام، فقد عملت هذه المصارف بشكل يضاد مصالح المواطنين، وهو أمر يكشفه منهجها في التعامل مع هؤلاء، فمبتداه فوائد عالية جداً، ونهايته وضعه في قائمة سمة للمعلومات الائتمانية التي تحرمه من جل حقوقه المالية».
وأشار إلى أن الضوابط التي أقرتها الجهات المختصة في المملكة أخيراً فيما يختص بتمويل المصارف للأفراد، ستلغي جشع كثير من المصارف ووضعها عروضاً مغرية لاستغلال الأفراد، سواء أكانت قروضاً شخصية أم عقارية، وسيدفع بقطاع التمويل إلى مزيد من الانضباط، ويحفظ للأفراد حقوقهم. معتبراً أن المصارف ضد مصلحة المواطن في ظل تراكمات عديدة، ليس أقلها الفوائد المركبة والتعامل المحبط وغياب الدور المجتمعي في معادلة طرفها الأضعف العميل، الذي يجد نفسه بين سندان الفوائد ومطرقة الحاجة، وشبح يترقب متمثلاً في قائمة سوداء تغلق ما تبقى من نوافذ الأمل.
وطالب بافقيه المواطنين بانتظار برامج الإسكان، والابتعاد عن العروض المغرية لقروض المصارف التجارية المستغلة للعملاء، مبينًا أن "وزارة الإسكان" تسير بخطى ثابتة ومميزة في سبيل إيجاد حلول لتمليك المواطنين مساكن العمر، وهي مسألة وقت ليصبح كل فرد سعودي يأوي وعائلته في منازل دائمة، ويتخلص من الإيجار إلى الأبد.
وقدّر عضو اللجنة العقارية في "غرفة المدينة" حجم التمويل العقاري للأفراد في السعودية بأكثر من45 في المئة من إجمالي القروض المقدمة للأفراد من المصارف التجارية، إذ بلغت أكثر من 70 بليون ريال خلال العام الماضي، موضحاً أن هذه القروض استفادت منها النساء في المرتبة الأولى، ثم فئة الشباب، فيما ذهبت معظم هذه القروض العقارية لشراء شقق للتمليك.
وأوضح أن المواطن يواجه بعد شرائه شقة تمليك إشكالات عدة، تتعلق مثلاً بصيانة في العمارة، وعدم وجود اتحاد ملاك، ما سيحرمه حقه في توفير صيانة لأي مرفق من مرافق العمارة.
من جانبه، أكد رئيس مجموعة الشاطري العقارية فهد الربيعان أن سوق العقار بعد تضخم أسعارها بشكل مبالغ فيها خلال الفترة الماضية لا بد وأن تمر بمرحلة تصحيحية لتعود فيها الأسعار إلى حقيقتها، وسينتج هذا عن توافر المعروض مع تقلص الطلب.
وأشار إلى أن "وزارة الإسكان" لو بدأت بشكل جاد في توزيع الوحدات والأراضي التي أعلنت عنها على المواطنين خلال الأشهر المقبلة سيحجم الكثير عن شراء الأراضي، ويتريثون في انتظار نتائج برامج الإسكان، وهذا ما سيجعل سماسرة العقار يعرضون أراضيهم من دون زبون لها، ما ينتج عنها لاحقاً تصحيح للأسعار وهبوطًا حادًا لها.