تونس ـ العرب اليوم
بينما تتواصل السياحة الليبية الكثيفة، تنتعش أسعار الإيجارات والعقارات في تونس. وقال عقاريون لـ«الشرق الأوسط» لا توجد أي مؤشرات توحي بانخفاض أسعار العقارات بتونس خلال الفترة المقبلة، بل إن أسعار إيجار المباني السكنية وأسعار الأراضي المعدة للبناء ارتفعت بنسق متزايد بعد الثورة. وبات سعر إيجار غرفتين في حدود 300 دينار تونسي (نحو 150 دولارا أميركيا) في الأحياء الشعبية. وتماشيا مع ارتفاع غلاء الأسعار في كل مناحي الحياة بعد الثورة، فإن أسعار العقارات مرشحة لمزيد من الالتهاب، خاصة أمام ندرة أراضي البناء وكثرة الطلب وارتفاع أسعار مواد البناء. وانتشرت في تونس «موضة» الإيجار بالليلة الواحدة أو بحساب الأسبوع بعد أن كان الإيجار شهريا، وهذا الأمر ساهم كثيرا في ارتفاع أسعار العقارات وتتراوح أسعار الليلة حسب المناطق بين 40 و60 دينارا تونسيا (بين 26 و40 دولارا) في الأحياء الشعبية. وترتفع تلك الأسعار في المناطق السكنية الراقية وعلى سواحل البحر الأبيض المتوسط إلى ما بين 80 و120 دينارا تونسيا (ما بين 53 و80 دولارا أميركيا). ومكنت الأعداد الكبيرة من الليبيين المقيمين في تونس في ارتفاع أسعار الكراء وهؤلاء غالبا ما ينصاعون للأسعار المقترحة من قبل مالكي العقارات أو الوسطاء العقاريين وكذلك السماسرة ولا يجادلون أصحاب الشقق حول الأسعار للحاجة الملحة لإيواء عائلاتهم. وبات التونسيون يفضلون الأجانب على التونسيين عند الإقبال على كراء المساكن. كما أن مالكي المساكن باتوا يقدمون المنزل لأكبر عدد ممكن من المؤجرين عن طريق إضافة أسرة إلى الغرف المعدة للسكن. وفي هذا الشأن قال الخبير العقاري طارق الشعبوني لـ«الشرق الأوسط» إن سوق العقارات استعادت نسقها بصفة أفضل من الفترة التي سبقت الثورة نظرا لارتفاع طلبات التونسيين المقيمين بالخارج على العقارات التونسية. وأشار إلى أن العقبات التي تعترض المطور العقاري حاليا تتمثل في نقص الأراضي المهيأة وعدم وضع أمثلة للتهيئة العمرانية وطول إجراءات الحصول على التراخيص مؤكدا أنه لا يتوقع خفضا في الأسعار نظرا لارتفاع الكلفة بسبب المطالب الاجتماعية التي يعرفها قطاع المقاولات. وبشأن التقسيط المريح للإيجارات بحساب الليلة والأسبوع، قال الشعبوني إن الأمر يخضع للعرض والطلب ورجح أن يكون ارتفاع الطلب على السكن المعد للإيجار وراء هذه الظاهرة. وأشار فوزي العيادي صاحب «الدليل العقاري» في تونس من ناحيته إلى أن أسعار المساكن الاجتماعية والاقتصادية قد «تحافظ على مستواها» في حين أن أسعار العقارات الفخمة قد تعرف «انخفاضا محدودا» وأن الحل يكمن في توفر الأراضي المهيأة والخاضعة لأمثلة التهيئة العقارية. ويفوق عدد الليبيين الذين وفدوا على تونس بعد الثورة النصف مليون ليبي. وتشير الإحصائيات الرسمية في تونس إلى أن نحو 23% من التونسيين لا يملكون مساكن خاصة وهم يتنافسون بجهد كبير مع العائلات الأجنبية ويعيشون على الإيجار، وهذا على الرغم من وجود ما لا يقل عن 426.200 شقة شاغرة. وحسب مسح شامل أجرته وزارة التجهيز والإسكان التونسية والهياكل الناشطة في مجال العقارات، فإن سعر المتر المربع الجاهز قد زاد في أغلب المناطق بنحو 400 دينار تونسي خلال الفترة التي تلت الثورة التونسية. وعرفت أسعار العقارات والأراضي المعدة للبناء نسقا تصاعديا متواصلا. وجاء في جدول مقارنات أعده بعض الخبراء بخصوص الأسعار المتداولة للأراضي المعدة للبناء أن الأراضي المعدة للبناء في ضاحية قرطاج تبقى الأغلى في تونس الكبرى وفي كامل البلاد التونسية، وتليها في ذلك ضواحي سيدي بوسعيد والمرسى وقمرت. أما داخل البلاد فإن الحمامات والقنطاوي هما المنطقتان الأرفع ثمنا بحكم الطلب الكبير عليهما وتليهما في ذلك كل من نابل وقليبية وبنزرت. وعلى وجه العموم بالنسبة للشقق ذات المساحة من 200 إلى 300 متر مربع، فقد بلغ السعر 2500 دينار تونسي (الدولار الأميركي يساوي دينارا ونصف دينار تونسي) للمتر المربع في كثير المناطق مثل المرسى وقمرت بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية. وواصلت أسعار العقارات في منطقة الوطني القبلي (نابل والحمامات بالأساس) الارتفاع مع تزايد طلب الإيطاليين على المناطق السياحية وكذلك التونسيين المقيمين بالخارج. وتوجد في هذه المنطقة أربع أقطاب أولها الحمامات حيث تراوح سعر المتر المربع بين 1600 و2200 دينار تونسي، ثم «المرازقة» من 1350 إلى 1650 دينار تونسي ثم نابل وقليبية حيث تراوح السعر بين 1300 و1600 دينار تونسي للمتر المربع. وشملت الظاهرة المدن التونسية الواقعة جنوب البلاد لكن بحدة أقل، ففي مدينة صفاقس تراوح سعر المتر المربع للشقق ما بين 1100 و1250 دينارا تونسيا. أما في جزيرة جربة فتراوحت الأسعار بين 1200 و1500 دينار تونسي للمتر المربع بينما يصل السعر إلى 2000 دينار تونسي في المناطق السياحية بسبب إقبال كثير من الجنسيات على شراء العقارات في هذه المنطقة وخاصة السويسريين والألمان وبمستوى أقل الليبيين.