الازمة السورية

ناقشت ورشة العمل التي أقامتها لجنة متابعة الحوار الوطني السوري “اللجنة الاقتصادية” في فندق داما روز اليوم تحت شعار “الأزمة الاقتصادية آفاق وحلول” سبل تذليل الصعوبات التي تواجه قطاعات الزراعة والصناعة والنقد والعقارات وكيفية تخفيف أعباء المواطن المعيشية في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق.

واستعرض المشاركون في الورشة أسباب التضخم الاقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع سعر الدولار وانعكاساته ومعالجته وتطرقوا إلى موضوع الدعم الحكومي والقطاعات الخدمية وحوامل الطاقة ومقترحات وحلول إعادة الإعمار والسوق العقاري السوري في ظل الحرب التي تتعرض لها سورية وما بعدها.

وشددوا على ضرورة الخروج بحلول إسعافية سريعة تسهم في تأمين كل احتياجات المواطن وإعادة دراسة التشكيلات الاجتماعية الجديدة لمعرفة أنواع الحلول التي يجب تبنيها في المستقبل وتفعيل ورشات العمل الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة وإيجاد التمويل المناسب لها سواء من القطاع العام أو الخاص.

وأشار المشاركون في الورشة إلى أن الأزمة التي تعيشها سورية تتطلب من الجهات المعنية بالاقتصاد إيجاد حلول طارئة تتناسب مع الظرف الذي نعيشه موضحين ضرورة البحث عن مصادر تمويل للموازنة العامة وفتح افاق وفضاءات اقتصادية اقليمية جديدة سواء مع الجانب الإيراني أو الروسي للحد من زيادة ارتفاع الأسعار في الأسواق وتخفيف أعباء المواطن المعيشية الذي وجد في “عقلنة الدعم وترشيده مشكلة حقيقية له”.

وجدد المشاركون مطالباتهم بضرورة تقديم الدعم إلى الصناعة السورية وإعادة إعمارها لكونها تشغل الكثير من الأيدي العاملة وتؤمن قيمة مضافة للإقتصاد وتوفر القطع الأجنبي للبلد وإعادة النظر بالهيكلية للشركات الصناعية وسن تشريعات مناسبة لها وتأمين بيئة منافسة للتجارة الخارجية.

وبشأن سعر الصرف أكدوا ضرورة تقديم حلول إسعافية لتثبيت سعر الصرف وإيقاف استيراد الكماليات والانتباه إلى عمليات التهريب من لبنان ووضع الخطط لتحقيق أمن المواد الأساسية و”إعادة النظر في قرار السماح باستيراد المازوت من القطاع الخاص” وتقديم الدعم للمنشات البسيطة المتعلقة بصناعة الزيت والصابون في منطقة عفرين بريف حلب.

وأشار المشاركون في الورشة إلى ضرورة الخروج بخط اقتصادي مالي نقدي واضح المعالم ومستوف للشروط وتشكيل غرفة عمليات اقتصادية تواكب انتصارات الجيش العربي السوري تعمل على تشكيل حاضنة اجتماعية تحافظ على هذه الانتصارات.

وفي هذا الإطار أكد الامين العام لحركة الاشتراكيين العرب أحمد الأحمد أهمية الانتقال من التوصيف الى التطبيق العملي لمجمل القضايا وأن يكون الحوار في مصلحة الوطن أولا داعيا الجميع إلى العمل بجبهة واحدة مع الجيش العربي السوري لتحقيق النصر.

ودعا معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور حيان سلمان الى تقديم حلول استثنائية تتماشى والظرف الاستثنائي الذي تمر به البلد مشيرا إلى حجم الصعوبات التي تعترض عمل الحكومة لتأمين مادة المازوت والدعم الحكومي التي تقدمه لبعض القطاعات داعيا إلى “الخروج بمقترحات وتوصيات فعالة تسهم في إيجاد الحلول الاقتصادية لبعض الملفات الأكثر إلحاحا”.

من جهته دعا رئيس لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب حسين حسون إلى تشكيل مجلس أعلى لرسم السياسات الاقتصادية وإلغاء دور مكاتب الصرافة وإناطة الأمر بالمصارف العامة وتفعيل دور المعارض والأسواق الخارجية وتسهيل حركتي الاستيراد والتصدير والتشجيع على إقامة صناعات تحويلية لصناعة الزيتون والألبان والأجبان وإعادة تأهيل المصافي النفطية والاستمرار في التنسيق بين السياسة المالية والنقدية ومعالجة القروض المتعثرة وإعطاء الأولوية للقطاعات الإنتاجية ومكافحة التهرب التضريبي.

وأوضح عمر حورية ممثل الاتحاد العام لنقابات العمال-المكتب الاقتصادي أن القطاع العام كان الحامل الاقتصادي للأزمة وقاوم كل الضغوطات والعقوبات الظالمة التي فرضت عليه من خلال صمود الشعب ومثابرة الطبقة العاملة التي تعد الشريحة الأوسع على العمل رغم كل الظروف داعيا إلى التشاركية بين مختلف القطاعات العامة والخاصة والأهلية والتوجه نحو المجتمع المنتج واعتماد خطة زراعية مناسبة “تمكننا من تأمين مختلف احتياجاتنا”.

وأكد الدكتور أنور العلي مدير هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أن جميع الفعاليات الاقتصادية معنية بالعمل لدعم وحماية الاقتصاد الوطني لافتا إلى أن سياسة الانفتاح التي اتبعتها الدولة خلال السنوات الماضية هي التي وفرت المواد السلعية وغيرها في الأسواق معتبرا أن تسعير المواد لا يمكن أن يضبط الأسعار في الأسواق إنما يوفر المادة في الأسواق والمنافسة هي التي تخفض من ارتفاعها.

وفي مداخلة لرئيس غرفة تجارة دمشق دعا غسان قلاع إلى ضرورة التمييز بين التاجر الحقيقي الذي يعمل لمصلحة الوطن والتاجر المستغل الذي أوجدته الأزمة وهدفه الربح والتلاعب بالليرة والاقتصاد معتبرا أن السياسة الاقتصادية الحالية “غير صحيحة” لأنها حملت المواطن أعباء غير قادر على تحملها وزادت من التضخم وارتفاع الأسعار ولن تسهم بحل أزمة المواطن المعيشية بل زادت من حدتها “وباتت الثروة في أيدي مجموعة قليلة والفقير زاد فقره”.

وأوضح رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني ان القطاع الصناعي من اكثر القطاعات التي تعرضت للسرقة والتدمير الممنهج داعيا إلى تقديم قروض دون فوائد لإعادة تأهيل المنشات المتضررة وضرورة لحظ ثمن الآلات المرتفع في تقارير لجان الأضرار وإيجاد تسهيلات أمام دخول المعدات الصناعية المستعملة للمنشآت المتضررة.

وأشار ماهر مرهج الأمين العام لحزب الشباب السوري الوطني أن هذه الورشة ستكون بداية لورش عمل حقيقية داعيا الجميع ممن له رؤية اقتصادية في أي محور من محاور الورشة لتقديمها بورقة عمل لمناقشتها مع الجهات المعنية والخروج بحلول للأزمات الاقتصادية.

بدورها تساءلت أمين عام حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية بروين ابراهيم عن سبب رفع الدعم عن مادة المازوت دون أن يحاسب من يتاجر بالمادة داعية إلى ضرورة منح الأولوية للشركات الوطنية للمشاركة في إعادة الإعمار في سورية ودعم قطاع الاتحاد العام السكني.

إلى ذلك أكد عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد أن الجميع مدعو في هذه اللجنة لملامسة الهموم المعيشية للمواطن والاقتصادية والعمل على حلها لأن بناء سورية لن يكون إلا بأيدي محلية وطنية.
شارك في الورشة شخصيات وخبراء وباحثون اقتصاديون وممثلون عن مختلف القطاعات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص.

وكانت لجنة متابعة الحوار بدأت نشاطها منذ انعقاد المؤتمر الأول في طهران عام 2012 بمشاركة مختلف القوى والشخصيات والأحزاب السياسية السورية وعقدت أول مؤتمر حواري لها في دمشق خلال شهر اذار عام 2013 بمشاركة أكثر من 700 شخصية.

سفيرة اسماعيل وطلال ماضي