يمكن أن نقول الكثير عن النجم المغربي حكيم زياش المنتقل حديثاً لصفوف نادي تشيلسي الإنجليزي مقابل 44 مليون يورو، لكن الشيء المؤكد عن هذا اللاعب هو أنه ليس رجلاً ضعيف الشخصية يقوده الآخرون، وخير دليل على ذلك تصريحاته التي قال فيها: «أنا أقول ما أفكر به، وهذا هو السبب في أن بعض المديرين الفنيين لا يستطيعون التعامل معي بسهولة».
وكان زياش قد أدلى بهذه التصريحات خلال المقابلة الصحافية التي أجريتها معه في عام 2015. عندما كان يلعب في نادي تفينتي الهولندي. لقد كان صادقاً للغاية خلال الحديث عن المشاكل التي يعاني منها فيما يتعلق بعلاقته مع مديره الفني، ومعظم زملائه في الفريق، ومجلس إدارة النادي.
وعندما سألته قبل النشر مباشرة عما إذا كان على دراية بالآثار المحتملة لنشر مثل هذه التصريحات، رد قائلاً: «هذا جيد، فالحقيقة دائماً مؤلمة».
لقد حدث الكثير منذ ذلك الحين، ووصل زياش الآن إلى عامه السادس والعشرين، وهو الآن مستعد لأكبر خطوة في مسيرته الكروية من خلال الانتقال إلى تشيلسي الصيف المقبل. لقد تطور زياش بشكل كبير، سواء كشخص أو كلاعب، خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يعني أن تشيلسي قد تعاقد مع لاعب تمكن من التكيف على مصاعب اللعب في أعلى المستويات.
يقول عزيز دوفيكار، وهو لاعب محترف سابق ساعد زياش في الخروج من بعض المشاكل عندما كان اللاعب الشاب يعيش في مدينة درونتين الهولندية: «هذه خطوة جيدة، وحكيم مستعد لها تماماً الآن». ورغم أن دوفيكار يكبر زياش بـ30 عاماً، فقد كان يلعب معه الكرة في الشارع في بدايات العقد الأول من الألفية الجديدة، كما تولى تدريبه في بعض المسابقات المحلية.
وهناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما، حيث يقول دوفيكار: «تماماً كما حدث لحكيم، فقد توفي والدي قبل أن أحقق أهدافي، وهذا أمر صعب. لقد قلت: ينظر آباؤنا إلينا الآن من أعلى، وعلينا أن نفخر بهم. هيا، لا تقلق، ولتبدأ من جديد».
ولن ينسى زياش أبداً الدعم الذي حصل عليه من دوفيكار، وما زال يدعوه للقدوم إلى أمستردام لمشاهدة بعض المباريات. وعندما سئل دوفيكار عن سبب تحول زياش من لاعب جيد في الدوري الهولندي إلى لاعب من طراز عالمي، رد قائلاً: «لقد تعلم ألا يشتت تركيزه في أمور خارجية وأن يستغل قدراته على النحو الأمثل».
ومن المؤكد أن زياش قد أضاف العمل الجاد إلى موهبته الواضحة، وبالتالي لم يعد مجرد لاعب يمتلك قدرات جيدة فقط، لكنه بات لاعباً متكاملاً، فهو لا يتوقف عن الركض داخل الملعب ويقوم بواجباته الدفاعية على النحو الأمثل، ولا يتوقف عن تقديم الدعم اللازم لزملائه وحثهم على مواصلة القتال، حتى لو كان الفريق متفوقاً بأربعة أهداف دون رد.
وكان اللاعب المغربي الدولي أحد العناصر الأساسية في فريق أياكس أمستردام الهولندي الذي أبهر الجميع بمستواه الرائع في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي. وقد تطور أداء زياش ليصبح لاعباً متكاملاً، في الوقت الذي حافظ فيه على فعاليته الهجومية الرائعة، حيث سجل في مباراتي الذهاب والعودة عندما تمكن أياكس من إقصاء ريال مدريد الإسباني من دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، كما سجل في مباراة العودة في الدور نصف النهائي أمام توتنهام هوتسبر.
وربما ظهرت أهمية زياش بالنسبة لأياكس بشكل كبير عندما تعرض للإصابة في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث هبط أداء أياكس بشكل ملحوظ. وقد أعلن مشجعو النادي الهولندي عن إحباطهم الشديد عندما سمعوا بأنباء رحيل النجم المغربي إلى تشيلسي. ومن المؤكد أن رحيل زياش سيحرم هذا الجمهور من تمريراته الساحرة ومهاراته الفذة وإبداعاته التي لا تتوقف وقدرته الفائقة على تسجيل الأهداف وصناعة اللعب والمرور السلس من المدافعين على الناحية اليمنى من الملعب. وقال فرانك دي بوير، المدير الفني السابق لنادي أياكس، في تصريحات لقناة «فوكس سبورتس» الرياضية «إنه لا يقل مهارة عن لاعب مثل رياض محرز».
يقول رافائيل فان دير فارت، لاعب أياكس وتوتنهام السابق، إنه رشح زياش للانضمام إلى توتنهام هوتسبر قبل شهرين من الآن. وقال دير فارت: «إنه يستحق اللعب في مسابقة كبرى، رغم أنني سأفتقده بشدة. إنه لاعب رائع حقاً، ولديه قدم يسرى رائعة. إنه من نوعية اللاعبين الذين يجعلونك تتابع المباريات من أجلهم. وكنت أرى أنه سيكون إضافة كبيرة للغاية لنادي توتنهام هوتسبر».
لكن توتنهام هوتسبر لم يقدم عرضاً جدياً للحصول على خدماته. وينطبق نفس الأمر أيضاً على بايرن ميونيخ، الذي رفض التعاقد مع اللاعب الصيف الماضي مقابل دفع الشرط الجزائي في عقده والذي تصل قيمته إلى 30 مليون يورو. وتلقى زياش العديد من العروض الأخرى، لكنه لم يكن يريد الانضمام لنادي إشبيلية، الذي كان يسعى دائماً للتعاقد معه، لأنه كان يرى أن الانتقال للنادي الإسباني لن يكون خطوة إلى الأمام.
لذلك، تعجب البعض عندما قرر الانضمام إلى تشيلسي، نظراً لأن أياكس أمستردام كان على وشك الإطاحة بالنادي الإنجليزي من دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، حيث كان متقدماً عليه في عقر داره في «ستامفورد بريدج» بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، قبل أن يقوم حكم المباراة بطرد اثنين من لاعبي أياكس أمستردام لتنتهي المباراة بأربعة أهداف لكل فريق. وخرج أياكس أمستردام من دور المجموعات بعد خسارته في آخر مباراة على ملعبه أمام فالنسيا بهدف دون رد.
صحيح أن تشيلسي لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم ولا يلعب كرة قدم ممتعة مثل التي يقدمها أياكس أمستردام، لكن خالد بولحروز، الذي لعب لتشيلسي وخاض 35 مباراة دولية مع منتخب هولندا، يعتقد أن الانتقال للبلوز يعد خطوة جيدة للغاية بالنسبة للنجم المغربي، ويقول: «يتعين على زياش أن يواصل اللعب بطريقته المعتادة. من المؤكد أن هذا الأمر سيكون صعبا للغاية تحت قيادة المدير الفني السابق للبلوز أنطونيو كونتي، لكنه سيكون ممكناً تحت قيادة المدير الفني الحالي فرانك لامبارد. لقد لعبت مع فرانك، وهو يحب كرة القدم الجميلة، مثل حكيم».
ونادراً ما نرى لاعباً ينتقل من الدوري الهولندي الممتاز إلى الدوري الإنجليزي الممتاز وهو في السابعة والعشرين من عمره، وهو السن الذي سيصل إليه زياش في مارس (آذار) المقبل، لكن الأمر المثير للاهتمام هو أن زياش كان على وشك القيام بهذه الخطوة قبل خمس سنوات من الآن. فعندما كان يلعب مع نادي تيفينتي، الذي يحتل مركزاً متوسطاً في جدول ترتيب الدوري الهولندي، جذب إليه الأنظار بشدة في عام 2015 بتسجيله 17 هدفاً وصناعة 17 هدفاً، وهو الأمر الذي جعله يوضع في نفس مستوى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو ولويس سواريز وزلاتان إبراهيموفيتش ونيمار وغونزالو هيغوين، فيما يتعلق بمعدل تسجيل وصناعة الأهداف في المباراة الواحدة.
وخلال السنوات الأولى له مع أياكس أمستردام، استمر في تسجيل وصناعة الأهداف (أحرز 79 هدفاً وصنع 87 هدفاً منذ أول ظهور له في الدوري الهولندي الممتاز في عام 2012)، وكان يقدم مستويات استثنائية في المسابقات الأوروبية على وجه التحديد. لكنه كان يبدو غاضباً بعض الشيء وأسيء فهمه في أحيان أخرى، وكان يتحدث في المقابلات الصحافية في بعض الأحيان عن عدم تقديره بالشكل الكافي وعن رغبته في الرحيل. كما تم دفعه من قبل أحد مشجعي أياكس بعد الخسارة أمام «بي إس في أيندهوفن» في أبريل (نيسان) 2018، وقرر أياكس أمستردام منح قميصه رقم 10 لدوسان تاديتش في ذلك الصيف.
لكنه واصل التألق مع أياكس، وتمكن في نهاية المطاف من تشكيل علاقة قوية للغاية بينه وبين جمهور النادي، وأصبح يقدم أداءً ممتعاً في ملعب «يوهان كرويف أرينا»، وأصبح معشوقاً للجماهير بعد تبرعه بالمال لليون دي كوغل، اللاعب السابق الذي انتهت مسيرته الكروية بعد تعرضه لحادث سيارة في مالطا في عام 2018. ورغم أن زياش لم يقابل كوغل أبداً، فإنه أراد أن يساهم في إخراجه من المحنة التي تعرض لها.
ونال زياش المزيد من الإشادة العلنية عندما احتضن طفلاً هرع إليه خلال مباراة في دوري أبطال أوروبا ضد ليل الفرنسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبعد ذلك أعطى قميصه لرجل قال إنه والد الطفل. وعندما تبين أن هذا الرجل كاذب ووضع القميص على موقع «إيباي»، حرص زياش على التأكد من وصول الطفل إلى أمستردام ومنحه قميصه وتذكرة لمشاهدة إحدى مباريات نادي أياكس.
لقد تعاقد تشيلسي مع لاعب رائع يلعب بطريقته الخاصة ويبذل قصارى جهده داخل الملعب ويسجل ويصنع الأهداف بطريقة رائعة. لكن كيف سيستغل لامبارد هذه الإمكانيات؟ وفي عام 2015، عندما سألت زياش كيف يمكن للمدير الفني أن يساعده على تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب، ابتسم ابتسامة عريضة وقال: «يمكن القيام بذلك من خلال التعامل بحزم، مع القليل من المرح بين ذلك، ومن خلال الكثير من التواصل، لكن أيضاً مع خلال إرسال رسالة مفادها أنك في النهاية مسؤول عن مسيرتك الكروية».
قد يهمك ايضا :
توني كاسكارينو يشيد بصفقة زياش ويشبّهه بالجزائري محرز
أياكس يفتح الباب على مصراعيه أمام رحيل المغربي حكيم زيّاش
أرسل تعليقك