أحمد المالكي
منذ إعلان رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس فكرته شراء جزيرة من ايطاليا أو اليونان لاستضافة اللاجئين السوريين عليها وتسميتها جزيرة إيلان، نسبة إلى الطفل السوري إيلان الذي غرق أثناء محاولة أسرته الهروب من جحيم الحرب في سورية إلى أوروبا، وهو يتعرض إلى هجوم سواء من المصريين في الداخل أو حتى بعض الأخوة العرب في الخارج.
ساويرس تحدث عن ذلك في مقال له في جريدة "الأخبار" المصرية، وقال ‘ن هناك من يتهمه بأْنه يريد تفريغ المنطقة من أهلها وانه مخطط صهيوني، والبعض الآخر طلب منه الاهتمام بفقراء مصر أفضل من اهتمامه باللاجئين السوريين.
ودافع ساويرس عن نفسه في مقاله نافيا كل ما يقال، ورأى أن السوريين يتعرضون للقتل سواء من براميل النظام المتفجرة أو من "داعش".
من وجهة نظري طرح ساويرس للأمر وفكرته هذه كانت يجب أن تأتي من ملوك وأمراء دول الخليج لأنهم يمتلكون أموالًا طائلة حصيلة بيع النفط.
لكن ساويرس كان اجدع من هؤلاء وهو دائما يفكر خارج الصندوق، وكان يجب على الذين يهاجمونه أن يشكروه بدلا من هجومهم الكاسح وغير المبرر عليه وعلى فكرته.
والسؤال الآن ماذا لو تم تنفيذ هذه الفكرة بشكل أوسع، بحيث يتبنى كل ملك من ملوك دول الخليج هذه الفكرة ويشتري جزيرة أو اثنين لإيواء اللاجئين السوريين بها، بدلا من تعرضهم للموت في البحر وتعرضهم للإهانة على حدود الدول الأوروبية.
ساويرس مستمر في فكرته وربما يتم تنفيذها قريبا، خصوصًا أن هناك خبر يقول أن ساويرس تواصل مع أصحاب جزيرتين مملوكتين للقطاع الخاص في اليونان، وهاتين الجزيرتين مناسبتين جدا للمشروع.
وخطط ساويرس للمشروع بأْنه سوف يبني ميناءً صغيرًا أو مرسى قوارب، وسوف يبني مدارس ومستشفيات وفنادق وجامعة، وان هذا المشروع سوف يوفر من مائة إلى مائتين ألف وظيفة للاجئين.
نجيب ساويرس معروف عنه انه رجل أعمال ناجح يسعى إلى اقتناص الفرص في كل مكان ورغم انه مشروع إنساني لإيواء اللاجئين السوريين، ‘لا انه أيضا ربما يكون منه هدف ربحي، إذا ساهم في بناء الجزيرة وقام بعمل مشاريع فيها، وبحسب ما أشيع باْن المشروع يحتاج إلى مائة مليون دولار في البداية، وان كل من سوف يتبرع أو يساهم في المشروع سوف يكون شريكا فيه.
رجل الأعمال نجيب ساويرس قال في تصريحات صحافية لـ"cnn" أن صورة إيلان أيقظته، وانه لا يستطيع الجلوس من دون أن يفعل شيئًا، وهذا صحيح صورة إيلان الطفل البريء أيقظتنا جميعا لأنها صورة مؤلمة لطفل لم يحلم إلا بوطن يلعب فيه، لكن للأسف هناك حتى الآن أصحاب الضمائر الميتة لا تزال نائمة في سبات عميق برغم كل ما يحدث في العالم العربي.
وللأسف أيضا أن والد الطفل إيلان في مداخلته الهاتفية مع القنوات الإخبارية قال أن القادة العرب لم يتصلوا به بعد الحادث، وان من اتصل به واهتم بمصيبته الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ورئيس وزرائه احمد داود اوغلو، وان هناك مسؤولين في الاتحاد الأوروبي اتصلوا به عندما سمعوا وشاهدوا صور الحادث الذي غير الغرب ولو قليلا، بينما نحن في العالم العربي ضمائرنا ميتة.
جزيرة إيلان أو ساويرس ليس مهم الاسم، المهم أن ننقذ إخواننا السوريين مما يحدث لهم سواء في سورية أو بعد هروبهم من جحيم الموت إلى ارض الله الواسعة.
مبادرة ساويرس تستحق المساندة وتستحق الدعم ولابد أن يساهم فيها ملوك وأمراء دول الخليج الذين غضبوا من بعض الكتابات من الكتاب الذين تحدثوا عن تقصير منهم في الأزمة السورية، بالإضافة إلى تنصلهم من استقبال السوريين ومساعدتهم.
الأزمة في سورية معقده جدا ولن يكون هناك حل على المدى القريب كما يتوقع البعض، لذلك لابد أن تكون كل البدائل مطروحة، ونحن أحق بمساعدة الأشقاء السوريين من الأوروبيين الذين أغلقوا حدودهم في وجه اللاجئين السوريين.
الغرب دمر سورية ونحن اليوم نساهم في قتلهم بالصمت العاجز، وذا لم نتحرك جميعا قبل فوات الأوان، فسوف نندم بعد ذلك اشد الندم، كل سوري يغرق في البحر وكل سوري يموت على حدود أوروبا ذنبه في رقبة الحكام العرب.
ساويرس طرح الفكرة بجدية فهل يظهر لدينا من القادة العرب ساويرس آخر أم أنهم سوف يستمروا في تضييع أموال الشعب العربي في منتجعات أوروبا لقضاء إجازاتهم، بالإضافة إلى صفقات السلاح وملايين الدولارات التي تدفع من اجل الحصول على هذه الأسلحة، وتذهب أموالنا لتدعم اقتصاد أميركا والغرب، بينما يموت أطفالنا كل يوم بهذه الأسلحة، وعندما يحاولون الهرب من جحيم الموت في بلادهم يموتوا غرقا في البحر وعلى حدود أوروبا، اللهم أحفظ بلادنا العربية من كل سوء.