السيد عبد الإله ابن كيران، لن تكون طبعا رئيس حكومة المصوّتين والمصوّتات لك من الكتلة الناخبة، ليس لأنك لا تريد، بل؛ لأنك لا تقدر أيضا وهذا مهم جدا، بالنظر لأخلاقك؛ ومقتضيات موقعك؛ الدستورية والقانونية والمؤسساتية.
أقول لك بصدق صراح، من موقعي؛ مواطن مغربي، وبصفتي المهنية؛ أستاذًا للتعليم العالي بقطاع تكوين الأطر، وإن كنت غير منتم سياسيا لأي كيان حزبي أو جماعة أو حركة، ما عدا انتمائي إلى أسرتي الكبيرة والصغيرة. أنا لن أحدثك عن الماضي؛ بعدما أعاد المواطنون والمواطنات المصوتون والمصوتات، انتخابك، نحن أبناء هذه اللحظة الحاسمة؛ بزخمها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وبشروطها القانونية والدستورية والمؤسساتية .
أنا ألتمس منكم، ولا أشك في أن هذا رجاء كبير لجميع المغاربة الصادقين وأمنية من أمانيهم العزيزة، لاسيما أؤلئك الطامعين في نجاح تجربة حكومتهم؛ من أجل وطنهم المغرب ليس إلا؛ نطلب منكم عند تشكيل الحكومة المقبلة؛ بأن تكون قيادتكم للأغلبية الحكومية في 2016؛ مغايرة شكلا ومضمونا، وأسلوبا ومنهجية، عن رئاستكم لحكومة 2011، مع تقديري الخاص، واستحضاري الكامل، لاختلاف السياقين في الزمان والمكان والمحيط والشخوص، والظرفية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والدولية، ولا حاجة لإخباركم وأنت الذي جُبْت المغرب طولا وعرضا خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بأن انتظارات المغاربة جميعا، نساء ورجالا، شبابا وشيبا، فقراء ومتوسطين، كبيرة جدا، وكبيرة للغاية، لذا ، أقول لكم.
إن المصير الجماعي للمغاربة، يتقرّر في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة لحظة تأسيس الحكومة المنبثقة عن الصناديق الشفافة، يجب أن تستفيدوا من موقع حزبكم الذي تصدر الأحزاب السياسية جميعها؛ من حيث عدد المناصب ولا يجب أو يجوز، القبول بابتزازكم، أو الضغط عليكم، من بقية الحلفاء المستقبليين، من أجل إخراج هندسة حكومية متضخمة أو غير متجانسة؛ لا تسر المغاربة؛ الذين ستكون أنت رئيس حكومتهم بحول الله؛ سواء في الداخل أو الخارج.
إياكم والتوافقات أو الترضيات؛ التي لا تساعد على تحقيق وعود برنامجكم الانتخابي أو تضع عصا في عجلة الحكومة تحبسها عن الدوران خلال أول إقلاع، إن وفاء كم بما التزمتم به خلال الحملة الانتخابية، وفي برنامجكم السياسي؛ يجب أن يكون مقدما ومسبقا بلا ريب؛ على جبر خواطر الحلفاء الجدد في البيت الحكومي المقبل بشأن الحقائب الوزارية.
السيد عبد الإله بن كيران، نريد لكم من صميم قلوبنا، النجاح المكين في العمل الحكومي، وكلنا أمل: في أن يكون السيد عبد الإله ابن كيران 2016 مغايرا، فعالا، ناجعا، مختلفا، قويا، عن السيد عبد الإله بن كيران 2011، إن تجربة المغرب في التداول السلمي على السلطة، أصبحت اليوم محط أنظار العالم بأسره وترحيبه وتنويهه، فيجب أن تظل حكومتنا أنموذجا حقيقيا في عالمنا العربي، ومحيطنا المغاربي...كيف ذلك ؟
بالاجتهاد الجماعي؛ من أجل محاربة التخلف والريع والفساد؛ ومواصلة الإصلاح الإصلاح الإصلاح، كما أتى في الشعار الذي تبنيتموه، ونرجو منكم عدم التفريط أو التنازل عن القطاعات الحكومية المصيرية بالنسبة للسواد الأعظم من المواطنين،
لا يخفى عنكم السيد رئيس الحكومة، أن قطاعي التعليم الذي أنتمي لأسرته بفخر واعتزاز، وقطاع الصحة، يحتاجان منكم لاهتمام بالغ؛ وعناية مركزة وفائقة، والأولوية القصوى.
هناك فئة عريضة من المواطنين ينتظرون إنجازات هذه الحكومة التي لم يروها واضحة خلال ما ولّى من ولاية؛ حتى لا تهدر 5 سنوات من عمر المغاربة وأبنائهم وبناتهم.
لا شك أنكم شاهدتم ظاهرة الاكتظاظ الكبير الذي زحف على مؤسساتنا التعليمية بشكل مخيف ورهيب؛ حتى أصبح المقعد المخصص في الأصل لتلميذين، مثقلا بأربعة متعلمين وأكثر!!! لاجدال في أنكم تابعتم الخصاص المهول في الموارد البشرية في قطاع التربية والتكوين؛ بعد السماح لزهاء 15000؛ من أفراد هيئة التعليم بالتقاعد النسبي فضلا عن التقاعد العادي.
أما قطاع الصحة العمومية الذي يعتبر الوجهة الوحيدة لدى فئات واسعة من المغاربة؛ فأنتم مطلعون على مشاكله ومآزقه ومعضلاته الكبرى؛ هل تعلم السيد عبد الإله بن كيران، بأن الموعد للقاء طبيب مختص في إحدى المستشفيات العمومية؛ طمعا في فحص دقيق؛ يذهب الداء؛ ويخفف معاناة المرضى والمصابين، أو لإجراء عملية جراحية ؛ قد يتطلب حيزا زمنيا يصل لسنة أو نيف ؟؟ والأمر نفسه يقال عن العدالة والتشغيل والعالم القروي الغارق في العزلة والهشاشة وانعدام البنيات التحتية الضرورية،
نحن نعي الظرفية الصعبة، والإكراهات الاقتصادية في الداخل والخارج، ونؤمن بأن الإصلاح لا يمكن أن يأتي دفعة واحدة، ولا يقبل العجلة، وأن الصبر ضروري في انتظار الفرج، لكن لا يَخفاكم، أن طول مدة انتظار ثمار الإصلاح؛ يدفع الناس للسأم والملل والضجر؛ وفقدان الثقة في السياسيين جميعهم ، السيد عبد الإله بن كيران؛ نحن نعي بأنكم تملكون الآن تفويضا من الناخبين والناخبات؛ وقد صوتوا على برنامجكم الذي وجب تنفيذه والدفاع عنه؛ لكن جميع هذه الحيثيات، لن تمنع المواطنين والمواطنات، على اختلاف مواقعهم، ومستوياتهم العلمية والمعرفية، من إسداء النصح، وبيان الخلل، والمطالبة بتعجيل الإصلاح، مادامت النوايا حسنة ، ومصلحة البلاد هي الأعلى.
ولاشك في أن إنصاتكم المتواصل لنبض الشعب وفئاته الأكثر تضرّرا من السياسات العمومية؛ سيرفع مناعة حكومتكم؛ ويحصنها ضد الشطط والتغافل عما يشغل المواطنين في الحواضر والقرى.
ولكن لنا اليقين في أن حماسكم للترشح، والعودة إلى مقاليد التدبير؛ بعد أدائكم التواصلي الفعال خلال الحملة الانتخابية التي منحتكم المرتبة الأولى؛ وجعلتكم تتصدرون جميع الأحزاب؛ يحمل دلالات القوة ومن مؤشرات الجرأة في الإصلاح النافع والجريء؛ والذي يرضي الجميع من دون استثناء.
السيد عبد الإله بن كيران...جميعنا سننتظر:
ماذا ستصنعون في هذه الولاية الحكومية الثانية؟ كيف ستدبرون الوضعية التي لا نختلف معكم في صعوبتها؟ ما القرارات المصيرية التي ستتخذونها؟ هل ستنتبهون للأخطاء السابقة وتراجعونها؟ هل سترفعون الدعم مباشرة وبدون تدرج ومراعاة لمشاكل الطبقة الفقيرة والمتوسطة؟
إننا نتضرع إلى الله العلي القدير، بأن يوفقكم تمام التوفيق، وألا يخذلكم ويحبطكم، ويثبط أعمالكم وعزائمكم، لن نضع أيدينا في أيدي حاملي معاول الهدم والارتكاس، لأننا مقتنعين بأن نجاحكم هو انتصار للوطن في المقام الأول.
سنتابع حكومتكم إن شاء الله، بقلوبنا وعقولنا وأقلامنا وألسنتنا، سنتتبعها بالمساندة النقدية، البناءة لا الناسفة؛ من أجل أن تكون حكومتكم للوطن كله، وأبنائه وبناته جميعا بلا استثناء؛ ودفاعًا على اختيارات المصوتين من الشعب، وإننا متفائلون بالمستقبل، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) .