المجتمع المدني ومكافحة الفساد
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

المجتمع المدني ومكافحة الفساد

المجتمع المدني ومكافحة الفساد

 الجزائر اليوم -

المجتمع المدني ومكافحة الفساد

د. خالد الشرقاوي السموني

اكتسبت قضية الفساد في السنوات الأخيرة أهمية كبيرةً  وأضحي لها ما يشبه المكانة الرسمية في الخطاب الدولي، وتشتغل بانتظام منظمات عدة بشأن مكافحتها في مختلف بلدان العالم، ولذلك أضحت مكافحة الفساد ظاهرة عالمية. وفي هذا الإطار أعدت هيئة الأمم المتحدة اتفاقية دولية لمكافحة الفساد، صادقت عليها الحكومية المغربية سنة 2005.

ومن جانب آخر انخرطت العديد من الدول العربية – ومن بينها المغرب - في ورش مكافحة الفساد على المستويات كلها عن طريق تحديث التشريعات المتعلقة بالجرائم الاقتصادية، وتطوير سياسات الإصلاح الاقتصادي والتقويم الهيكلي، إذ أضحى موضوع مكافحة الفساد من مواضيع الساعة نظراً لتأثيره على السياسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية و بالخصوص قطاعات التعليم والصحة والقضاء وغيرها.

ونشير في هذا الصدد إلى أن ممارسة الفساد في المجتمعات النامية المعاصرة يعد أكثر استشراء وتغلغلاً عنه فى المجتمعات المتقدمة، حتى أنه يؤدي إلى تمزيق الحياة الاقتصادية في هذه المجتمعات. كما أن هناك صعوبات لتقييم أسبابه للتعامل معها حيث أنه شأن حساس محاط بالكتمان نظراً لطبيعته الأخلاقية ودلالته الاجتماعية السلبية، ولكن يمكن حصر مجموعة من العوامل التي تساهم فى ممارسته - وخصوصًا في العالم العربي- كقصور الأنظمة المحاسبية والرقابية أو عدم الإيمان بها وانخفاض الأجور الحكومية والعلاقات الاجتماعية المتسمة بالزبونية والمحاباة واحتكار المناصب من قبل قوى ضغط وعائلات نافذة والسرية والكتمان وعدم الولوج إلى المعلومة وخرق القوانين بسبب عدم دقتها وانتشار ظاهرة الرشوة والتي يمكن أن تمثل وسيلة ناجحة عند بعض الشركات والمتعاملين مع الإدارة لتجنب الإجراءات الطويلة وربح الوقت.

ولا ننسى بأن للفساد الأثر السلبي الذي يظهر جليا على الميزانية العامة للدولة ويرجع ذلك إلى تراجع مداخيل الضرائب والرسوم جراء التهرب الضريبي أو الحصول على إعفاءات ضريبية، إذ يميل الفساد إلى رفع تكلفة الإدارة بمرافقها المختلفة، بالإضافة إلى ذلك فإن الفساد ينتهك الثقة العامة حيث يؤدى إلى تآكل الثروة البشرية عن طريق المشروعات عديمة الجدوى والتي تستنزف ميزانيات ضخمة.

إن الفساد يعد استغلال السلطة العامة لتحقيق مصالح ومكاسب خاصة، وهذا المكسب الخاص يشكل إحدى الجرائم الاقتصادية والتي لها صور مختلفة مثل السرقة والاختلاس والرشوة والتهريب وغير ذلك من الجرائم المالية. كما هذه الجرائم تؤثر على التنمية الاقتصادية من خلال التأثير على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد بسبب السوق السوداء واقتصاد الريع، وقد تعود بصفة أساسية إلى تدهور الأحوال الاقتصادية وتدهور القيم الاجتماعية وتزايد فرص الغش والتدليس بفعل التقدم التكنولوجي مثل الإنترنت والتحويلات المالية الدولية الإلكترونية.

وفي هذا الصدد، وضعت معايير دولية ومؤشرات يمكن استخدامها للتعرف على درجة الفساد في كل دولة ، تشمل مؤشر السوق السوداء ومؤشر تجاوز التشريعات ومؤشر الرشوة، ومؤشر النزاهة، ومؤشر الشفافية ومؤشر المساءلة المحاسبية، ومؤشر الرقابة، ومؤشر الثقة في الحكومة، ومؤشر الاعتمادية على البيانات المحاسبية.

ومما لا شك فيه أن مؤشر الرقابة يعد ، في نظرنا ، المؤشر الرئيسي من بين هذه المؤشرات المشار إليها ، نظرا إلى المطالب الشعبية المتزايدة وضغط الرأي العام نحو مساءلة المسؤولين والموظفين في الإدارات عن طريق المحاسبة بناء على تقارير الهيئات الرقابية،  حيث أصبح من الصعب تحقيق تنمية إدارية واقتصادية و تواجد نظام إداري فعال بدون توافر نوع من المساءلة والمحاسبية وقياس وتقييم أداء مختلف الوحدات الإدارية .

إن الرقابة المالية الخارجية أو التدقيق الداخلي الفعال يمكن لهما أن يجنبا الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية من تبديد الأموال العمومية أو اختلاسها أو استخدامها في مشروعات غير مجدية لا تتوفر فيها المقاييس والمعايير المناسبة لتحقيق الأهداف التي من أجلها رصدت هذه الموارد في الميزانية العامة للدولة. كما أن الرقابة يمكن لها أن تساهم في بناء إدارة فعالة لمواجهة المخاطر، والتي تساعد على التقيد والالتزام بالقوانين والإجراءات الإدارية المتبعة.

وللتطرق إلى موضوع مكافحة الفساد بالمغرب، نسجل بأن هذا الموضوع أصبح محوريا في ورش الإصلاحات "السوسيو- اقتصادية"، ويرجع ذلك إلى أن محاربة الفساد أصبح من أبرز المطالب الأساسية للمجتمع السياسي والمدني، خصوصا إذا استحضرنا أهم المطالب التي رفعت من خلال شعارات الحركات الاحتجاجية في المغرب وبالخصوص حركة "20 فبراير" والبرامج الانتخابية لعدد من الأحزاب السياسية المشاركة الآن في الحكومة والخطب الملكية المتتالية في عهد الملك محمد السادس التي أشارت إلى أحيانا إلى عبارات محاربة الفساد وسيادة القانون وتخليق الحياة العامة .

فضلا عن ذلك، فإن من بين ما جاء في توصيات تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة إقرار "مبدأ عدم الإفلات من العقاب" ، مما يفيد أنه لم هناك مجالا للتسامح مع مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان عمومًا، والجرائم المالية خصوصًا مع ترتيب الجزاءات التي يفرضها القانون.

كما ينبغي الإشارة إلى أن موضوع محاربة الفساد لم يعد شأنا حكوميا أو برلمانيا، بل مطلبا شعبيا من خلال ما لاحظناه في كل الشعارات التي رفعت على إثر المسيرات الشعبية في عدد من المدن المغربية خلال عامي 2011 و 2012 والتي شارك فيها مواطنون وأطرها المجتمع المدني، مما أصبح لهذا الأخير، انطلاقا من مبدأ الديموقراطية التشاركية التي أقرها الدستور المغربي لسنة 2011، مكانته المعتبرة في المساهمة في إعداد السياسات العمومية، وبالتالي الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات حازمة، على ضوء تقارير المجلس الأعلى للحسابات وهيئات رقابية أخرى، من أجل مساءلة ومتابعة المفسدين في مختلف الإدارات، والقطع مع كل السياسات التي تستنزف ميزانية الدولة وتساعد المسؤولين الحكوميين على الاغتناء غير المشروع والإثراء دون سبب.

إن دور المجتمع المدني كان له وما زال أهمية في محاربة الفساد، وتطور بشكل ملحوظ على هامش الحريات التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، ونذكر في هذا السياق جمعية محاربة الرشوة وجمعيات حماية المال العام والمنظمات الحقوقية. وحتى يتسنى للمجتمع المدني أن يؤدي دوره على أحسن وجه، لا بد من إعداد القوانين المنظمة له حتى يتسنى له القيام بدوره الدستوري وتقديم التسهيلات لتأسيس المنظمات غير الحكومية، والمساعدة في تطوير استقلال وسائل الإعلام لتتمكن من الفحص الدقيق العادل للعمليات الإدارية وزيادة الشفافية لهذه العمليات والشراكة والتعاون مع المجتمع المدني لهذه الغاية وتوفير المعلومات والخبرات للجمعيات و دعم البرامج التدريبية لها .

وعلى هذا الأساس لم يعد من السهل للحكومات أو أجهزتها أن تتصدى للإرادة الشعبية في مكافحة الفساد الإداري أو المالي. فالحكومة الآن ملزمة للاستجابة لمطالب المواطنين الذين سئموا من السياسات التي تساهلت مع المفسدين و مرتكبي الجرائم الاقتصادية وتسترت على الفضائح المالية في عدد من الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية.

إن نجاح الحكومة الحالية رهين بمكافحة الفساد ووقف هدر المال العام والحد من اقتصاد الريع وإعادة توزيع الثروات بشكل عادل ومحاربة التهرب الضريبي وربط المسؤولية بالمحاسبة ، ومعاقبة كل من ثبت تورطه في ارتكاب جرائم مالية، وهذا لن يتأتى إلا بالتعاون مع المجتمع المدني في إطار المقاربة التشاركية، التي تأخذ بعين الاعتبار اراء واقتراحات للمواطنين.
كما أنه لم يعد مقبولا العفو عن المفسدين أو التسامح معهم انطلاقا من المبدأ الدستوري "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، خصوصا وأن ما يعرفه العالم العربي، والمغرب جزأ منه، من هزات اجتماعية وثورات شعبية ضد الأنظمة غير الديموقراطية و الفساد التي سعت من سنين إلى تهميش الشعب واحتكار الثروات بدون حسيب أو رقيب، من شأنه أن يدفع صناع القرار في المغرب بأخذ الأمور بنوع من الجدية والحزم في مكافحة الفساد.

algeriatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المدني ومكافحة الفساد المجتمع المدني ومكافحة الفساد



GMT 20:40 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:35 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 09:10 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 10:58 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

وذهب.. سوار الذهب!!

GMT 12:24 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"عقار جودة" وتسريب الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنين

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 01:49 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا تُشارك في مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"

GMT 02:21 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيسة وزراء رومانيا تبدأ زيارة رسمية إلى سلطنة عمان

GMT 08:13 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

23 صورة من إطلالات النجوم في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 01:04 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"روندا" مدينة فوق الصخور وروح الأندلس في إسبانيا

GMT 18:53 2021 الثلاثاء ,04 أيار / مايو

تعرف على أسعار كيا سبورتاج 2021 فى الإمارات

GMT 19:39 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأميركي بريسون ديشامبو يتقدم في "السباق إلى غولف دبي"

GMT 02:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"العرب اليوم" يكشف عن مطربي حفلات رأس السنة 2019

GMT 07:23 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على كيفية أداء صلاة خسوف القمر

GMT 07:43 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

أفضل 10 أماكن لقضاء العطلة الصيفية في فرنسا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria