محمد سلماوي
جاءت استقالة وزارة الدكتور حازم الببلاوي مفاجئة للجميع، بمن فى ذلك أعضاء الوزارة أنفسهم الذين لم يكن أحد منهم يعلم سبب دعوتهم للاجتماع صباح أمس، وذهبوا إلى الاجتماع الذى عقد لأول مرة فى مقر مجلس الوزراء، وليس فى هيئة الاستثمار، متصورين أنه الاجتماع الأسبوعى، وأنه قد تم تقديم موعده من الأربعاء إلى الاثنين، بسبب سفر رئيس الوزراء الذى كان مقرراً اليوم الثلاثاء فى جولة أفريقية واسعة تم الإعداد لها منذ فترة، بل أقول إن رئيس الوزراء نفسه لم يكن يعلم حتى صباح الأحد أنه سيقدم استقالته صباح الاثنين، حيث تفضل سيادته بالإدلاء بحديث صحفى شامل لـ«المصرى اليوم» حول زيارته إلى أفريقيا، كان من المقرر أن ينشر صباح اليوم، لكنه أخطر باجتماع فى الحادية عشرة صباح الأحد مع رئيس الجمهورية استغرق دقائق معدودة، قال له فيه الرئيس: لقد طلبت منى إعفاءك بعد الاستفتاء على الدستور فقلت لك إن الموعد ليس مناسباً، وأنا أعتقد أن الموعد الآن قد أصبح مناسباً.
وهكذا دعا رئيس الوزراء إلى اجتماع طارئ لوزارته فى اليوم التالى، دام نحو نصف الساعة، ألقى فيه خطاباً مؤثراً أدمعت له بعض العيون، وشكر فيه جميع الوزراء على جهودهم، ثم خرج ليعلن على الجمهور من خلال التليفزيون استقالة حكومته.
وقد تضمن إعلان الدكتور حازم الببلاوى - لأول مرة - مكاشفة شجاعة مع النفس، أقر فيها بضمير المفكر، وبموضوعية الباحث، وبصدق المثقف، أن الوزارة حدث بها ما سمَّاه بعض «الاختلالات»، وإن كنت لا أعتقد أن تلك «الاختلالات» كانت هى السبب فى طلب استقالة الحكومة، فبعض الوزراء المسؤولين عن الرفض الشعبى الذى واجهته الوزارة فى الفترة الأخيرة باقون فى الوزارة الجديدة (!!)
إن الاحتجاجات الفئوية التى تزايدت فى الفترة الأخيرة ستتحمل بلاشك ذنب استقالة الوزارة، لكن الحقيقة أن «اختلالات» الوزارة تتعدى تلك الاحتجاجات التى تعايشها منذ أكثر من ثلاث سنوات، لتتصل بما أصبح يشكل ثأراً ما بين الحكومة وبعض فئات الشعب، والذى يعد أخطر بكثير من المطالب الفئوية التى يمكن التعامل معها باتخاذ القرارات السليمة.
وأغلب الظن أن الاحتجاجات الفئوية ستستمر بعد استقالة وزارة د. حازم الببلاوى، وأن التحدى الحقيقى أمام الوزارة الجديدة سيكون إعادة الثقة المفقودة بين الشعب وحكومة تلتزم بالدستور وتحترم المواطنين وتحمى حقوقهم التى نصت عليها المواثيق الدولية.
أرسل تعليقك